قاعدتها الخليجية عريضة.. سعي سعودي للاستثمار بالسينما الهندية

محمود جبار - الخليج أونلاين

على الرغم من أن اثنين لن يختلفا حول المبالغة اللامعقولة التي ترافق كثيراً من الأفلام الهندية، فإنه لا غنى لدول الخليج عن 'بوليوود' وما تقدمه من أفلام تفرض وجودها داخل قاعات السينما بدول الخليج، محققةً أعلى الإيرادات.

ذلك ما يفسر إعلان وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، على هامش منتدى الاستثمار السعودي الهندي في نيودلهي، أن المملكة مهتمة بالاستثمار في كثير من المجالات بالهند، من بينها الأفلام.

وعزز وزير التجارة والصناعة الهندي شري بيوش غويال، على هامش المناسبة نفسها، ما جاء به الفالح، حيث قال إن البلدين حددا مجالات عدة لتوسيع نطاق التبادلات التجارية بين البلدين، من بينها قطاع صناعة الأفلام.

جمهور كبير

للفيلم الهندي جمهور واسع جداً في جميع دول الخليج، وخطوة التعاون السعودي الهندي المحتملة ستكون 'استثنائية' بالنسبة للسينما السعودية والعربية أيضاً، إذ ستفتح الباب أمام هذا القطاع للدخول إلى سوق توزيع عالمية ضخمة.

التعاون قد يسمح بزيادة عدد الأفلام الهندية في السوق السعودية، ما يعني زيادة في إيرادات شباك التذاكر؛ نظراً إلى الشعبية التي تحظى بها هذه الأفلام في دول الخليج عموماً، وفق ما تذكره قناة الشرق السعودية.

ما يؤكد هذا هو تصدّر الفيلم الهندي 'Jawan' من بطولة شاروخان، قائمة الإيرادات بدور العرض السعودية في أول أسبوع من عرضه، محققاً 3.6 ملايين ريال سعودي (963 ألف دولار)، حيث بيعت 74.3 ألف تذكرة.

هذا التصدر جاء على حساب نحو 30 فيلماً متنوعاً ما بين عربي وأجنبي، عُرضت في دور العرض السعودية خلال أسبوع، وهو ما يكشف أسباب الاهتمام السعودي بعالم صناعة الأفلام والسينما الهندية، وتوظيفه في ما يخدم 'رؤية 2030' وتعزيز قطاع الترفيه بالمملكة.

من السعودية للخليج

الاستثمار السعودي في السينما الهندية من المؤكد أن ساحته الأوسع ستكون دول الخليج؛ خاصة مع القاعدة الشعبية الكبيرة التي يحظى بها الفيلم الهندي بين مواطني دول مجلس التعاون.

هذا ما يتأكد عند الاطلاع على حجم التأثير الذي تركته الأفلام الهندية على المجتمع الخليجي، حيث كانت منذ عقود وما زالت تنال اهتماماً كبيراً بين أوساط هذا المجتمع.

الناقد والمخرج السينمائي الإماراتي حمد الريامي، يقول في حديث لصحيفة 'البيان' المحلية،  إن دبي وأبوظبي تحديداً تمثلان سوقاً مهمة لبوليوود.

ويؤكد أن 'السوق الإماراتي يلعب دوراً مهماً في السينما الهندية، وهو يعد من الأسواق الأولى التي يصل إليها الفيلم الهندي، وفي أحيان كثيرة، تعرض الإنتاجات الجديدة في الصالات المحلية قبل عرضها في الهند نفسها'.

ويضيف الريامي: 'السوق الإماراتية مهمة جداً لموزعي الأفلام الهندية (...) بالنظر إلى حجم محبي الأفلام الهندية على أرض الإمارات'.

في البحرين، فإن 'للسينما الهندية مكانة في قلوب البحرينيين، حيث كانوا يتسابقون لحضور آخر إنتاجاتها، خاصة مع بداية تأسيس دور للسينما في البحرين'، بحسب ما تذكره الصحفية سكينة الطواش بجريدة 'الأيام' المحلية.

تلفت الطواش إلى أن السينما الهندية حققت تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، ووفق قولها 'يُحسب للسينما الهندية أنها على الرغم من التطور الملحوظ، أداءً، ونصاً، وتقنية وإخراجاً، ما زالت متمسكة ببعض الجوانب التقليدية من عادات وتقاليد، وملابس، مع وجود لمسات عصرية لا يمكن الاعتكاف عنها'.

الأفلام الهندية في سلطنة عُمان كان لها حضور كبير بحسب ما يشير إليه مقال محمد بن علي الوهيبي، في صحيفة 'أثير' الإلكترونية، والذي يستذكر أول دخوله للسينما في سبعينيات القرن الماضي.

ويقول في سينمات تلك الفترة: 'شاهدنا لأول مرة، الممثل الهندي دار مندرا بطل فيلم الشعلة أو شولي، وهيما مالي التي رقصت على الزجاج في ذلك الفيلم؛ لتنقذ بطلها المحبوب'.

ويضيف: 'كان أكثر المعروض أفلاماً هندية، حيث تعرفنا من خلالها على أميتاب باشان الذي ما زال نجمه ساطعاً إلى الآن، والذي صفقنا له كثيراً في أفلام (الأكشن) هو ودار مندرا وفينود كنا وأمجد خان الذي أتقن أداء أدوار الشر في كل فيلم'.

أما شغف الكويتيين بالسينما الهندية فيؤكده السفير الهندي لدى البلاد آدارش سوايكا، وذلك خلال 'مهرجان الهند في الكويت'، الذي نظمته السفارة الهندية في مارس الماضي، بحسب صحيفة 'الجريدة' الكويتية.

يقول سوايكا: 'الأفلام الهندية تحظى بشعبية كبيرة في الكويت، حيث لا تزال تُعرض على قناة تلفزيون الكويت أسبوعياً، كما أن الجيل الكويتي من الشباب يعرف ويتابع أفلام بوليوود ونجومها كثيراً'.

أرباح عالية

دور السينما في الخليج تحقق أرباحاً عالية وفق ما تظهره بيانات هذا القطاع المهم.

شركة السينما الكويتية الوطنية أعلنت تحقيقها أرباحاً بنحو 23 مليون دولار أمريكي في عام 2022، مقارنة مع نحو 13 مليون دولار، في عام 2021 بزيادةٍ نسبتها 74%.

في الإمارات قال مؤسس ومدير مهرجان العين السينمائي، المخرج والمنتج والكاتب الإماراتي عامر سالمين، إن الإيرادات الإجمالية لشباك تذاكر السينما بالإمارات بلغت أكثر من مليار درهم سنوياً (أكثر من 272 مليون دولار).

وفي قطر، حققت شركة قطر للسينما وتوزيع الأفلام نمواً في أرباحها الصافية إلى مستوى 760 مليون دولار في عام 2022.

أحدث إحصائية عُمانية تفيد بأن إيرادات دور السينما بلغت قيمتها 5 ملايين دولار.

وحققت شركة البحرين للسينما (سينيكو)، المسؤولة عن تشغيل وتطوير دور عرض السينما، وعرض الأفلام والإعلانات، في عام 2022 واردات بقيمة 760 مليون دولار، بقيمة أرباح بلغت 3 ملايين دولار.

في حين قالت الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع السعودية إن إيرادات قطاع السينما في المملكة تجاوزت 800 مليون دولار، منذ استئناف نشاط دور السينما عام 2018.

يؤكد متخصصون أن الاستثمار في صناعة السينما له أهمية اقتصادية وثقافية واجتماعية، من أبرزها -وفق عرفان عثمان وهو مستثمر عراقي في قطاع السينما- توافر فرص عمل تسهم في تعزيز التوظيف وتقليل معدلات البطالة.

في حديثه لـ'الخليج أونلاين'، يصف عثمان السينما بأنها 'صناعة' ويؤكد أنها تسهم في تنشيط الاقتصاد المحلي.

ويشير إلى أن للسينما من جانب آخر، دوراً كبيراً في التأهيل النفسي لمن يعيش في حالات اكتئاب وضغوط نفسية، وهو ما يؤكده أطباء نفسيون.

ويختم قائلاً: 'باختصار، الاستثمار في صناعة السينما له أهمية كبيرة من الناحيتين الاقتصادية والثقافية والاجتماعية؛ إنه يدعم التنمية الاقتصادية، ويعزز الثقافة والفنون، ويسهم في توجيه الانتباه لقضايا اجتماعية وتعزيز الترفيه والتسلية'.