«منارات الوصل».. برونز من ذهب

دينا جوني (دبي)

«منارات الوصل»، 42 دائرة من البرونز ترصّع الأرض المحيطة بقبّة الوصل، القلب النابض لإكسبو 2020. هي ليست أغطية شبكات تصريف مياه الأمطار، كما قد يخيّل للمارّ من هناك، وإنما هي خليط من المعرفة والفن مصبوب في قوالب برونزية يحكي بالحرف والصورة عن محطات مضيئة تفخر بها دولة الإمارات على اختلاف مناطقها. «منارات الوصل»، لم يأت اسم المشروع الذي أنجزه عدد من الفنانين من الإمارات، ومن مختلف أنحاء العالم، مصادفة. فتلك اللوحات المعدنية التي تزرع قلب دبي، ليست إلا ومضات في تاريخ دولة تحتفل خلال أقل من شهرين بمرور 50 عاماً على تأسيسها.

تذكّر تلك الحلقات الزائر، أن إكسبو 2020 ليس صنيعة السنوات الثماني الماضية فقط، إنما هو نتيجة طبيعية من طينة هذا البلد، هو إصرار متوارث من المؤسسين على السعي والإنجاز، على النظر إلى الأعلى، على تحقيق ما يعتقده الآخرون مستحيلاً.

«منارات الوصل»، والزائر يقرؤها متنقلاً من واحدة إلى أخرى، متأملاً بالأشكال المحفورة عليها، هي «وصل» المواطن بتاريخ دولته ومحطات تراثها وطبيعتها وفنونها وعاداتها، هي «وصل» الزائر أو السائح بما تزخر به الدولة خلف الأبراج العالية التي وصل صيتها إلى مختلف دول العالم، هي «وصل» المقيم الشاب المتحمّس بأرض تحمل ما هو أهم من منتجعاته الفاخرة، وسهراته العالمية.

سحر الألحان

تشرح إحدى الحلقات عن تاريخ الفنون الشعبية في الإمارات التي بدأت مع «النهّام» المغني الذي كان يعتلي سفن صيد اللؤلؤ وهي تشق البحر تفتيشاً عن رزقها. و«يستمر سحر الألحان إلى يومنا هذا حيث يضفي استخدام الآلات الموسيقية التقليدية مثل العود الوتري والدف الرقيق رونقاً خاصاً على ليالي الصحراء الساحرة، بينما تبعث الأغاني الشعبية ورقصات اليولة الحماس والسعادة في نفوس الجماهير». وتزيّن الفتاة بشعرها الطويل الذي تطرحه يميناً ويساراً واجهة الحلقة البرونزية، خلفها اليولة معلّقة في الهواء فوق راميها، إلى جانب فنون الرقصات الشعبية.

الفروسية

حلقة أخرى تروي ارتباط الشعب الإماراتي برياضة الفروسية التي «تعود إلى التراث الغني للبدو الذين قاموا بتربية خيولهم العربية التي لا تقدّر بثمن لتصبح مثالاً للسرعة والجمال والتحمّل.، لا تزال هذه العلاقة الوطيدة بالخيل مستمرة ومتمثلة بفعاليات ومبادرات عالمية مثل كأس دبي العالمي الشهير وإسطبلات جودولفين العريقة».

طائر الغاق

على بعد خطوات عن الخيل، تأتي لوحة برونزية أخرى يخلّد فيها إكسبو طائر الغاق السقطري الأسود النحيل الذي يعدّ «أحد أكثر الصيادين جرأة في الإمارات العربية المتحدة. وهو قادر على الغوص حتى 45 متراً تحت الماء لالتقاط الأسماك. وتوفر بيئة دولة الإمارات ملاذاً آمناً لتكاثر هذه الطيور المهددة بالانقراض، والتي تعشش في مستعمرات مكتظة على الساحل غالباً ما تفوق أعدادها الـ100 ألف طائر».

التاريخ محفور هنا حول قبة الوصل، في منارات برونزية تنقش تاريخ الإمارات الغني في ذاكرة كل زائر مرّ من هنا.