الإمارات وكوريا الجنوبية.. مساعٍ لرفع التعاون إلى شراكة شاملة

يوسف صالح - الخليج أونلاين

كم قيمة التبادل التجاري بين الإمارات وكوريا الجنوبية؟

وصل حجم التجارة غير النفطية بين البلدين في 2022 إلى 19.5 مليار درهم (5,31 مليار دولار)

ما هي الطموحات الحالية للعلاقات الإماراتية الكورية الجنوبية؟

تهدف الإمارات لتوقيع اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة مع كوريا الجنوبية وبدأت المباحثات بينهما في أكتوبر 2021

شهدت العلاقات الإماراتية الكورية الجنوبية، التي يزيد عمرها عن 40 عاماً، قفزة كبيرة خلال السنوات الأخيرة لتتوسع وصولاً إلى بدء انعقاد أعمال الحوار الاستراتيجي الأول بين البلدين يوم الثلاثاء (13 يونيو 2023)، في إشارة على وصول العلاقة بينهما إلى مستوى عالٍ من التنسيق والتعاون.

التعاون الثنائي يأتي في ظل توجه إماراتي مؤخراً لتعزيز العلاقات مع الدول البارزة عالمياً ضمن سياسة عقد شراكات اقتصادية شاملة، تُبرم فيها اتفاقات ثنائية للتجارة والاستثمار، وتسعى لتوسيعها مع دول أخرى من بينها كوريا الجنوبية التي بدأت معها بالفعل هذه المحادثات في أكتوبر 2021.

العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات وكوريا الجنوبية، والتي بدأت رسمياً عام 1980، تطورت لتصل إلى مستوى 'الشراكة الاستراتيجية' عام 2009، لينتج عن ذلك الاتفاق على صفقة بناء محطات لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية في الإمارات، ثم إلى 'شراكة استراتيجية خاصة' عام 2018.

الحوار الاستراتيجي الأول بين البلدين انعقد في العاصمة الكورية الجنوبية سيئول وترأسه وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد ونظيره الكوري الجنوبي بارك جن، وبحث الشراكة الاستراتيجية وفرص تعميق التعاون الثنائي في المجالات كافة، ومنها الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية والتعليمية والطاقة والمناخ والبحث العلمي والرعاية الصحية والتكنولوجيا المتقدمة وغيرها.

وبحسب وكالة الأنباء الإماراتية (وام)، ناقش الحوار الأولويات المشتركة للبلدين في مجلس الأمن، والذي تتولى فيه الإمارات مقعداً غير دائم هذا العام، إضافة إلى التعاون الثنائي في إطار المنظمات الدولية، وتعزيز العمل في القضايا والتحديات العالمية.

أهداف الشراكات الثنائية

وتسعى الإمارات بشكل متزايد لإبرام اتفاقيات للتجارة والاستثمار والتعاون، نجحت في إبرام مجموعة منها أطلقت عليها اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة، متجاوزة مجلس التعاون الخليجي الذي يعد اتحادا جمركيا وسوقا مشتركة وتكتلا تفاوضيا.

وتقول وكالة 'رويترز' في تقرير نشرته أواخر مايو الماضي إن 'الإمارات تريد أن تصبح رائدة في سلاسل التوريد العالمية بناء على ما تملكه حالياً من بنية تحتية تجارية'.

ونقلت الوكالة عن خبير شؤون الخليج بجامعة 'واسيدا' اليابانية، عبدالله باعبود، إن 'الإمارات تريد أن تصبح أكثر تحرراً في شروط مفاوضاتها في اتفاقيات التجارة الحرة، وتريد أن تتقدم على الجميع، ويمكن أن يحقق التفاوض الثنائي للإمارات أولوياتها الاقتصادية والسياسية بشكل أسرع'.

وتقول 'رويترز' إن دولاً مثل الصين وبريطانيا وكوريا الجنوبية، تفضل إجراء محادثات حول اتفاقية للتجارة الحرة مع دول الخليج الست. 

ونقلت الوكالة عن وزير الدولة الإماراتي للتجارة الخارجية ثاني بن أحمد الزيودي قوله إن 'على كل دولة اختيار مسار التفاوض الذي تشعر فيه بالارتياح'.

كما كانت كوريا الجنوبية من بين أوائل الدول التي أطلقت المحادثات حول اتفاقية للشراكة الاقتصادية الشاملة مع الإمارات، لكنها استأنفت محادثات اتفاقية التجارة الحرة مع دول مجلس التعاون الخليجي.

ولا يعني ذلك تراجع للعلاقات بين الإمارات وكوريا الجنوبية، إذ شهدت مؤخراً تنامياً، خاصة بعد زيارة زيارة الرئيس الكوري الجنوبي يون سيوك يول، إلى أبوظبي في يناير الماضي.

وجرى خلال زيارته إعلان الإمارات استثمار 30 مليار دولار في قطاعات متنوعة في كوريا الجنوبية، والاتفاق على توسيع التعاون الاقتصادي.

تعاون اقتصادي متسارع

التعاون تمثل في زيادة مستوى التبادل التجاري والاقتصادي مؤخراً، إضافة إلى التعاون في مجالات مختلفة منها الطاقة والمناخ والبحث العلمي، وحتى المجالات الثقافية.

وبحسب وزارة الاقتصاد الإماراتية، فإن الإمارات تُعد لشريك التجاري الثاني خليجياً وعربياً لكوريا الجنوبية خلال عام 2022، إذ شهدت الصادرات الإماراتية نمواً مستمراً في الأسواق الكورية محققةً نمواً بنسبة 35% لتصل إلى 627 مليون درهم (171 مليون دولار) خلال شهري يناير وفبراير فقط من عام 2023.

ويبلغ حجم التجارة الخارجية غير النفطية بين البلدين خلال العام الماضي 2022 وصل إلى 19.5 مليار درهم (5,31 مليار دولار)، مع أخذ الاعتبار أن هذه الأرقام كانت فيها التجارة العالمية تحت تأثير الركود الذي خلفته جائحة كورونا.

لكن إذا عدنا قليلاً إلى العشر السنوات السابقة، من 2012 إلى 2021، نرى أن قيمة التجارة الخارجية غير النفطية بين الإمارات وكوريا الجنوبية وصلت إلى أكثر من 284 مليار درهم (77 مليار دولار)، بينها بين 254.8 مليار درهم (69 مليار دولار) قيمة الواردات الكورية إلى الإمارات، بحسب بيانات المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء الإماراتي.

نمو التعاون الاقتصادي بين البلدين دفع الإمارات لاعتزام ضخ استثمارات ضخمة في مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية في الأسواق الكورية تقدر قيمتها بـ110 مليارات درهم إماراتي (30 مليار دولار) خلال السنوات المقبلة.

تعاون نووي

كما بدأ التعاون الإماراتي الكوري الجنوبي في مجال الطاقة مبكراً، فالإمارات تعد ثاني دولة مصدرة للنفط إلى كوريا الجنوبية.

لكن عند التطرق لمشاريع الطاقة بين البلدين، فإن أبرز مشروع مشترك هو تولي شركة الطاقة الكهربائية الكورية (كيبكو) في 2009 بناء محطة براكة للطاقة النووية السلمية في الإمارات، والتي تتكون من أربع محطات توليد، لتبدأ الشركة الكورية في البناء في منتصف 2012، حيث انتهت من إنجاز ثلاث منها ووصل مستوى الإنجاز في المحطة الأخيرة إلى 92٪.

المحطة النووية الإماراتية هي أول محطة من نوعها في العالم العربي، وتصل تكلفتها إلى 24.4 مليار دولار وستبلغ طاقة المحطة الإجمالية 5600 ميغاوات من الكهرباء.

وأبرم تحالف من 3 شركات كورية جنوبية في 2019 اتفاقية لبناء محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا في الإمارات، بقيمة مليار دولار أمريكي، وبقدرة إنتاجية تبلغ 200 ألف طن من الأمونيا الخضراء سنوياً. 

ومن المتوقع أن تبدأ في استيراده من الإمارات ابتداءً من عام 2027 من أجل توليد الكهرباء وتصديره بعد تحويله إلى أمونيا.

تعاون في المجال الدفاعي

وتشمل العلاقات بين الإمارات وكوريا الجنوبية التعاون في المجال الدفاعي، حين وقعت الدولتان في يناير من العام الماضي 2022 مذكرة تفاهم بشأن التعاون المتوسط وطويل الأمد في مجالات الصناعات الدفاعية.

التوقيع الذي جرى في إمارة دبي نائب رئيس الإمارات محمد بن راشد آل مكتوم ورئيس كوريا الجنوبية آنذاك مون جيه إن، كان بين وزارة الدفاع الإماراتية وإدارة برنامج استحواذ الدفاع الكوري الجنوبي، كما جرى توقيع مذكرة تفاهم بين مجلس التوازن الاقتصادي الإماراتي وشركة 'هانهوا' للدفاع بكوريا الجنوبية. 

وذكرت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية الرسمية 'يونهاب' بأن الاتفاق ينص على أن تشتري الإمارات صواريخ أرض - جو لنظام 'إم - سام'، المسمى تشيونغونغ 2، من كوريا الجنوبية بقيمة 3.5 مليار دولار. كما ذكرت أن سيئول وأبوظبي تسعيان إلى توسيع التعاون الثنائي ليشمل مجالات عديدة.

كما اتفق محمد بن زايد ونظيره الكوري خلال زيارة الأخير للإمارات، على 'تطوير شراكة استراتيجية خاصة' في مجموعة من المجالات تشمل التعاون الدفاعي.