اخبار الإمارات
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٩ أيلول ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
ما الهدف الرقمي الذي تسعى دبي لتحقيقه بحلول 2026؟
رفع نسبة المعاملات الرقمية إلى 90% وتحقيق التمكين الكامل 100%.
كم سيضيف مشروع 'اللانقدية' إلى اقتصاد دبي سنوياً؟
نحو 8 مليارات درهم (2.18 مليار دولار).
تسعى إمارة دبي إلى تسريع خطواتها نحو التحول إلى مجتمع 'لانقدي'، في إطار استراتيجية أُطلقت في أكتوبر 2024، تهدف إلى رفع نسبة المعاملات الرقمية إلى 90% بحلول 2026، وتحقيق التمكين الرقمي الكامل بنسبة 100% على مستوى الإمارة.
ويأتي هذا التوجه ليعزز طموح دبي في أن تكون ضمن أفضل خمس مدن عالمياً في تبنّي المدفوعات الرقمية، عبر بناء منظومة مالية ذكية وآمنة تدعم الابتكار والاستدامة وتلبي احتياجات الأفراد والشركات.
شراكات حكومية
وفي هذا السياق، انطلقت المرحلة الأولى من تنفيذ استراتيجية دبي 'اللانقدية' عبر شراكات بين الدوائر الحكومية، حيث جرى التركيز على التكامل المؤسسي وتطوير البنية التحتية للمدفوعات الرقمية.
وقد شكلت مذكرة التفاهم التي جرى توقيعها في 26 أغسطس 2025، بين دائرة مالية دبي والإدارة العامة للهوية وشؤون الأجانب بدبي نموذجاً عملياً لهذا التوجه.
وحول ذلك، أكد المدير العام لمالية دبي، عبد الرحمن صالح آل صالح، أن المذكرة تمثل خطوة لتعزيز التعاون بين الجهات الحكومية وتطوير بيئة مدفوعات متطورة وآمنة تخدم الاقتصاد الوطني وتلبي احتياجات الأفراد والشركات.
وتهدف المذكرة إلى دعم مبادرات الدفع الرقمي وتوسيع قنواته، بما يتماشى مع أهداف الاستراتيجية الرامية إلى التمكين الرقمي الكامل بحلول نهاية 2026.
من جانبه، أوضح المدير العام للإدارة العامة للهوية وشؤون الأجانب – دبي، الفريق محمد أحمد المري، أن التعاون مع دائرة المالية يسهم في توفير خدمات مالية ذكية وآمنة، ويرسخ جاهزية الإمارة الرقمية كمركز عالمي للابتكار.
وأكد المري، في تصريحات صحفية، أن الدفع الرقمي يمثل استثماراً في مستقبل المدينة وليس مجرد تحديث تقني.
وتضمنت المذكرة بنوداً لتطوير البنية التحتية الرقمية وتبني أحدث التقنيات المالية، إضافة إلى إطلاق حملات توعية لتعزيز ثقة المجتمع بالحلول الرقمية.
من جانبها أشارت مديرة إدارة تنظيم أنظمة الدفع الرقمية، آمنة محمد لوتاه، إلى أن الاتفاقية ستضيف ما لا يقل عن 8 مليارات درهم (2.18 مليار دولار) سنوياً إلى اقتصاد دبي.
وقالت لوتاه، في تصريحات نشرتها صحيفة الخليج الإماراتية، إن ذلك سيتم عبر تسريع نمو قطاع التكنولوجيا المالية وتوسيع نطاق الخدمات الرقمية المبتكرة.
وأوضحت لوتاه أن هذه الخطوة تعكس نهج حكومة دبي في بناء شراكات قائمة على الابتكار وتعزيز ثقة المتعاملين بالحلول الحكومية.
وترتكز استراتيجية دبي على تمكين جميع الأطراف في منظومة الدفع الرقمي، من أفراد وتجار ومزودي خدمات، عبر توفير حلول آمنة ومتنوعة وسهلة الاستخدام.
كما تسعى لضمان قبول المدفوعات الرقمية في مختلف نقاط البيع وتعزيز التكامل بين مزودي الخدمات، بما يضمن انسجام الأنظمة ويتيح للمستهلك تجربة دفع مرنة ومتطورة.
تحديات وفرص
وتقول الأكاديمية والباحثة في الاقتصاد الدولي، ماردين محسوم فرج، إن المدن الرائدة في التحول الرقمي هي تلك التي قلصت اعتمادها على النقد، واعتمدت أنظمة دفع إلكترونية آمنة وسريعة.
وتضيف لـ'الخليج أونلاين' أن أبرز التحديات التي تواجه دبي في مسارها نحو التحول الكامل هي التحديات التشريعية، حيث ما يزال القانون يؤكد أن النقد هو عملة قانونية، مما يجعل من الصعب فرض الاعتماد الكامل على الوسائل الرقمية.
وتلفت فرج إلى وجود تحديات تقنية واقتصادية واجتماعية، حيث ما تزال المعاملات النقدية حاضرة بقوة، خاصة في المعاملات الصغيرة، وبين فئة العمالة الوافدة التي تشكل شريحة واسعة من السكان. وتضيف أن هناك منافسة إقليمية متزايدة مع عواصم أخرى تسعى لتسريع وتيرة تحولها الرقمي.
وترى فرج، وهي عضو اللجنة العلمية في مؤتمر الشمول المالي في دول منطقة المينا، أن مشاريع 'اللانقدية' في دبي لا تقتصر على تحديث أنماط الاستهلاك، بل تحمل أبعاداً عميقة مرتبطة بزيادة جاذبية الإمارة للاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وتضيف أنه يمكن معالجة الفجوة الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن التحول الرقمي من خلال توفير منتجات مالية منخفضة التكلفة، وإطلاق برامج تثقيف وتوعية، ودعم صغار التجار لتشجيعهم على اعتماد حلول الدفع الحديثة.
وتختتم فرج بالقول إن دبي ما تزال في مرحلة انتقالية مقارنة بمدن مثل سنغافورة ولندن، لكن مع معالجة التحديات الحالية يمكن أن تتحول من مدينة تسعى للحاق بالريادة إلى مدينة تحدد معايير الريادة ذاتها.
بدوره يرى الأكاديمي والخبير الاقتصادي، أحمد صدام، أن التحديات التي تواجه دبي في مجال التحول الرقمي تكمن في تزايد الهجمات الإلكترونية، مشيراً إلى أن التحدي الثاني يتمثل في ضرورة توفير أدوات دفع رقمية بأسعار معقولة لأغلبية سكان دبي من العمالة الوافدة ذات الدخل المنخفض.
وفي حديثه مع 'الخليج أونلاين' يضيف إلى هذه التحديات وجود فجوة في المهارات التقنية والمعرفة حول الدفع الرقمي، خاصة بين كبار السن.
ويوضح صدام أن أهمية الدفع الرقمي في جذب الاستثمارات الأجنبية تكمن في تخفيض التكاليف، حيث يقلل من نفقات إدارة السيولة وتأمين النقد.
ويرى أن هذا التحول يخلق فرصاً لشركات التكنولوجيا المالية والبنوك الرقمية، مما يعزز من فرص التكامل مع الاقتصاد العالمي.
ويعتقد أنه يمكن معالجة التخوف من حصول فجوة بسبب التحول الرقمي، من خلال توفير حسابات مصرفية منخفضة التكلفة لذوي الدخل المنخفض، وتقليل رسوم المعاملات الرقمية، إضافة إلى تقديم برامج تدريبية للتجار الصغار.
ويردف أن دبي تسير بخطوات سريعة نحو تحقيق استراتيجيتها للوصول إلى نسبة عالية من المعاملات الرقمية في جميع القطاعات.
ويوضح صدام أنه رغم تصدر لندن وسنغافورة المشهد في المجال الرقمي، فإن دبي تحقق تقدماً سريعاً في الخدمات الحكومية والتجزئة، وقد تتصدر المشهد العالمي خلال السنوات القادمة.
تعاون رقمي
ولم يقتصر توجه دبي نحو 'اللانقدية' على التعاون بين الجهات الحكومية، بل امتد إلى القطاع الخاص عبر اتفاقيات مع شركات التكنولوجيا المالية.
وتأتي مذكرة التفاهم بين دائرة مالية دبي وشركة 'du Pay' مثالاً على هذا الانفتاح، الذي يستهدف شرائح أوسع من المجتمع ويعزز التحول الرقمي في الخدمات المالية.
وأكد آل صالح أن التعاون مع 'du Pay' يمثل إضافة نوعية لجهود الإمارة في بناء قطاع مالي مرن قادر على مواكبة متطلبات الأفراد والشركات.
وأوضح، في تصريحات نشرتها صحيفة الإمارات اليوم، في 29 مايو 2025، أن هذه الشراكات تعكس الرغبة في جعل دبي مركزاً رائداً في المدفوعات الرقمية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الاتفاقية تهدف إلى تسخير منصة 'du Pay' لتوفير حلول رقمية سهلة وآمنة، إلى جانب تبادل البيانات والمعلومات بين الطرفين لدعم تطوير الخدمات وتحسين تجربة المتعاملين.
بدوره، شدد الرئيس التنفيذي لشركة 'du Pay'، نيكولاس ليفاي، على أن المنصة ستسهم في تسريع التحول الرقمي للقطاع المالي في دبي، وترسيخ موقعها كوجهة عالمية للابتكار الرقمي والخدمات المالية المتقدمة.
وأكد أن الشركة ملتزمة بدعم النمو الاقتصادي والاجتماعي والرقمي في الدولة عبر ابتكار حلول مالية جديدة.
وبحسب البيان الرسمي الصادر عن دائرة مالية دبي، جرت مراسم التوقيع بحضور الأمين العام للمجلس التنفيذي لإمارة دبي عبد الله محمد البسطي، والمدير العام لمالية دبي عبد الرحمن صالح آل صالح، ورئيس مجلس إدارة 'دو' مالك آل مالك، فيما وقع الاتفاقية أحمد علي مفتاح عن دائرة المالية، ونيكولاس ليفاي عن 'du Pay'.
وتُظهر هذه الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص أن دبي تتعامل مع مشروع 'اللانقدية' باعتباره ركيزة للتحول الاقتصادي الشامل، وليست مجرد مبادرة تقنية.
ومع الأهداف الطموحة الممتدة حتى عام 2026، تبدو الإمارة في مسار واضح نحو تعزيز مكانتها بين أبرز المدن العالمية في مجال المدفوعات الرقمية، بانتظار انعكاسات هذه الخطوات على الاقتصاد المحلي وعلى صورة دبي كمركز مالي عالمي.