الخليج والمغرب في عهد محمد السادس.. "تطور مستمر وتعزيز للشراكة"

محمد أبو رزق - الخليج أونلاين

يرجع تطور العلاقات الخليجية المغربية إلى التوجهات السياسية التي اعتمدها الملك محمد السادس في تعزيز الشراكات الإقليمية.

على مدار 24 عاماً من حكم العاهل المغربي محمد السادس، شهدت علاقات بلاده مع  دول مجلس التعاون الخليجي تطوراً ملحوظاً مستمراً في المجالات السياسية والاقتصادية والسياحية، والعسكرية، إضافة إلى أنها مرت بمحطات تاريخية بارزة.

ويرجع تطور العلاقات الخليجية المغربية إلى التوجهات السياسية التي اعتمدها الملك محمد السادس في تعزيز الشراكات الإقليمية والدولية مع دول مجلس التعاون.

وتعد دول الخليج من أهم الشركاء التجاريين للمغرب، حيث ترتكز التجارة بين تلك البلاد على استيراد السلع الزراعية والمعادن من المغرب، وتصدير المواد والمشتقات البترولية والسلع الاستهلاكية والبنية التحتية إليه.

كما تعتبر دول الخليج من الداعمين بشدة للمغرب على المستوى السياسي الدولي، لاسيما في قضاياه الوطنية والإقليمية بما يتعلق بالصحراء المغربية.

ومع حلول مناسبة الذكرى الرابعة والعشرين لتوليه مهام الحكم في بلاده والتي توافق الـ30 من يوليو، سارع قادة وزعماء خليجيون إلى إرسال برقيات تهنئة إلى العاهل المغربي، الملك محمد السادس، للتهنئة بتلك المناسبة.

العلاقات المغربية السعودية

تطورت العلاقات السعودية المغربية، في عهد الملك محمد السادس في مختلف المجالات، بدءاً من التعاون السياسي والاقتصادي إلى التبادل الثقافي والتعاون الأمني.

وفي الشأن الاقتصادي، تشهد العلاقات الاقتصادية بين السعودية والمغرب نمواً مطرداً، حيث يستفيد البلدان من التبادل التجاري الناجح، إذ تقوم الرياض بتصدير النفط والمشتقات البترولية إلى الرباط، في حين يقوم الأخير بتوريد المنتجات الزراعية والمعادن إلى المملكة، كما يعتبر الاستثمار المتبادل بين البلدين جوانب مهمة من هذا التعاون.

وفي المجال الأمني، تتشارك السعودية والمغرب في التعاون الأمني لمكافحة التهديدات الإرهابية والتطرف، ويعمل البلدان على تبادل المعلومات الأمنية وتعزيز التعاون الاستخباراتي لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة.

قطر

كما تشهد العلاقات القطرية المغربية نمواً متصاعداً، خاصة في ظل التوافق بين البلدين في قضايا سياسية واقتصادية، إضافة إلى وجود توجه سيادي لدى قيادة الدوحة والرباط لمواصلة تعزيزها.

وتعززت علاقات البلدين في أكثر من موقف؛ كان أبرزها وقوف المغرب إلى جانب دولة قطر خلال الأزمة الخليجية في يونيو 2017، ودعمه لحلها حينها.

وتوجت العلاقات بين البلدين بتعيين قطر فهد إبراهيم الحمد المانع سفيراً مفوضاً فوق العادة لدى المغرب، بعد زيارة قام بها وزير الخارجية والتعاون الدولي المغربي، ناصر بوريطة، للعاصمة الدوحة في أبريل 2019.

وتدعم قطر المقترح المغربي بمنح إقليم الصحراء 'حكماً ذاتياً'، مؤكدةً دعمها سيادة الرباط على أراضيها كافة، ومن ضمنها إقليم الصحراء المتنازع عليه.

وفي 7 فبراير 2022 وقّع البلدان في العاصمة الدوحة، اتفاقيات ومذكرات تفاهم، وذلك على هامش انعقاد الاجتماع الثامن للجنة المشتركة بين البلدين؛ برئاسة رئيسي وزراء البلدين الشيخ خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني، وعزيز أخنوش، في عدة مجالات لا سيما الاقتصادية.

الإمارات

كما تعززت العلاقات الإماراتية المغربية بشكل كبير خلال فترة حكم الملك محمد السادس، عبر عديد من المجالات، وسط حرص على تعزيزها، وتحقيق المصالح المشتركة.

وتشهد العلاقات الاقتصادية بين البلدين نمواً في تبادل السلع والخدمات والاستثمارات المشتركة.

وسياسياً تطورت العلاقات بين الإمارات والمغرب في عهد محمد السادس، وكان أبرز مظاهرها دعم أبوظبي للرباط في قضية الصحراء والإجراءات التي تتخذها للدفاع عن حقوقها وقضاياها، ومنها سيادتها على سائر منطقة الصحراء المغربية.

كما تعد الإمارات أكبر مستثمر عربي في المغرب والثاني عالمياً بقيمة استثمارات تبلغ أكثر من 50 مليار درهم (13.612 مليار دولار) وبنسبة مساهمة 21% في رصيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالمغرب مع نهاية 2021، وفقاً لبيانات صادرة عن وزارة الاقتصاد الإماراتية في أبريل الماضي.

كما أن الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري عربي للمغرب خلال عام 2022، حيث بلغت قيمة التبادل التجاري بين البلدين 3.6 مليارات درهم (980 مليون دولار).

العلاقات المغربية البحرينية

وكحال باقي دول الخليج، تشهد العلاقات بين الرباط والمنامة تطوراً مستمراً خلال حكم محمد السادس، في المجالات كافة.

وتدعم البحرين موقف المغرب من الصحراء، حيث تقدمت المنامة بطلب في نوفمبر 2020، إلى المغرب لافتتاح قنصلية لها في مدينة العيون، كبرى المدن في إقليم الصحراء المتنازع عليه بين المغرب وجبهة 'البوليساريو'.

وتحرص قيادة البلدين على تطوير العلاقات بينهما في المجالات السياسية والاقتصادية، من خلال زيادة التبادل التجاري والاقتصادي.

كما أنشأ البلدان اللجنة العليا المشتركة بهدف زيادة التعاون الثنائي، إضافة إلى توقيع اتفاقيات للتعاون الاقتصادي والتقني، وتشجيع وحماية الاستثمار.

الكويت وعُمان

وتعززت العلاقات الكويتية المغربية في عهد الملك محمد السادس، وتمثل ذلك في توقيع عدد من الاتفاقيات بين البلدين.

وتؤكد الكويت في أكثر من مناسبة، دعمها المبادرة المغربية بشأن 'الحكم الذاتي في الصحراء'؛ لما تشكله من 'خيار بنّاء يهدف للتوصل إلى حل مقبول بين جميع الأطراف مع تأكيد ضرورة احترام وحدة وسيادة المغرب'.

ويتشارك البلدان في التعاون السياسي في القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وأيضاً في التعاون الاقتصادي المتمثل في تبادل السلع والخدمات والاستثمارات المشتركة.

مسقط والرباط

وكحال باقي دول الخليج، يتمتع المغرب وعُمان بعلاقات دبلوماسية متميزة، حيث تشتمل على تبادل الزيارات الرسمية بين المسؤولين من البلدين لتعزيز التعاون الثنائي وتعزيز العلاقات الدبلوماسية.

وفي المجال الاقتصادي، تشهد العلاقات الاقتصادية بين عُمان والمغرب نمواً ملحوظاً، يشمل تبادل السلع والخدمات والاستثمارات المشتركة بين البلدين.

ومن أبرز تطور العلاقات بين البلدين، توقيع عُمان والمغرب، الثلاثاء 4 يوليو الجاري، مذكرات تفاهم بين البلدين في ختام الدورة السادسة للجنة العُمانية المغربية المشتركة، التي عُقدت في الرباط برئاسة مشتركة من وزير الخارجية العُماني بدر بن حمد البوسعيدي ونظيره المغربي ناصر بوريطة.

وتؤيد عُمان الوحدة الترابية للمملكة، ولمبادرة الحكم الذاتي كأساس لحل قضية الصحراء المغربية.

تطور مستمر

الصحفي المغربي والباحث في العلوم السياسية، نور الدين اليزيد، يؤكد أن العلاقات القائمة بين دول مجلس التعاون الخليجي والمغرب تعد متينة ومتطورة على الدوام، ومؤسسة على روابط تاريخية وثقافية واجتماعية صلبة رغم البعد الجغرافي بين الجانبين.

ويقول اليزيد في حديثه لـ'الخليج أونلاين: 'يشهد التاريخ أن المغرب لطالما تقاسم هو ودول الخليج أفراحهما ومشاكلهما، بل ساهمت في الدفاع عن سيادة أراضيه عندما يتهددها أي خطر من أي جهة كانت، وهو التعامل نفسه الذي ما فتئت دول الخليج تقابل به المغرب، خاصة في الدفاع عن وحدة وسيادة أراضيه الصحراوية'.

ويقول اليزيد: 'يعتبر الموقف الداعم لمغربية الصحراء حقيقة لا غبار عليها لدى دول مجلس التعاون الخليجي، بل إن دولتين هما الإمارات العربية المتحدة والبحرين، كرّستا أكثر، مساندتهما للسيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية الصحراوية بافتتاح قنصليتين تابعتين لهما بهذه المنطقة العزيزة على المغاربة، في انتظار أن تقْدم باقي البلدان الخليجية على الخطوة نفسها عندما تتوافر لديها الشروط والظروف الملائمة طبعاً'.

ويرى أن 'مشاركة القادة الخليجيين العاهل والشعب المغربيين احتفالهما بالذكرى الـ24 لاعتلاء الملك محمد السادس العرش، فذلك يكرس ويرسي أسس تلك العلاقات القوية والعريقة الممتدة في التاريخ بين الدول العربية الخليجية والمملكة المغربية'.

كما يشير إلى أن 'العلاقات المغربية الخليجية اتخذت زخماً، بوصول الملك محمد السادس إلى الحكم، وتكرس ذلك أكثر منذ سنة 2011، عندما اتفق الطرفان على الرقي بالعلاقات إلى شراكة استراتيجية'.

ويلفت إلى أن 'أبرز تجليات تلك العلاقات، أن اعتبر الخليجيون أن أمن المملكة وسيادة أراضيها من أمن وسيادة دول مجلس التعاون الخليجي'.

ومن أشكال تطور تلك العلاقات، حسب اليزيد، 'ارتفاع استثمارات الخليجيين بالمملكة، وتزايد حجم المبادلات التجارية والثقافية، ونمو التعاون على الأصعدة السياسية والدفاعية والأمنية كافة، سواء على مستوى العلاقات في ما بين هذه الدول، أو في ما يخص التنسيق والدعم داخل مختلف المنظمات الإقليمية والدولية للدفع بالمصالح المشتركة'.