الإمارات تتحول إلى مجتمع غير نقدي

حسام عبدالنبي (دبي)

تتجه دولة الإمارات بقوة نحو التحول إلى مجتمع غير نقدي، حيث تشهد الدولة تسارعاً في استخدام مجموعة واسعة من أنظمة الدفع الرقمية، في ظل توافر البنية التحتية المتقدمة والتكنولوجيا اللازمة لدعم نظم المدفوعات المتطورة. وحسب خبراء في مؤسسات مالية، فإن دولة الإمارات اتخذت مبادرات وخطوات غير مسبوقة للتوجه نحو مجتمع غير نقدي، وجاء في مقدمتها تشكيل حكومة دبي في عام 2020 لفريق عمل «دبي اللانقدية» لوضع خطة عمل لتحويل جميع عمليات الدفع في الإمارة إلى طرق دفع غير نقدية وسهلة الاستخدام في جميع القطاعات. وقالوا: إن الإمارات تفردت كذلك بتوفير حلول دفع مبتكرة للجهات الحكومية والشركات، ومنصات للمدفوعات الرقمية بأمان وسهولة وموثوقية، إلى جانب منصات متخصصة لنظام الخصم المباشر لتحصيل الدفعات المالية الكبيرة والدفعات المنتظمة كبديل عن الشيكات، مشيرين إلى تنامي الاهتمام بالمدفوعات الرقمية وتفضيلها عن الدفع النقدي، خاصة من قبل جيل الألفية وجيل الشباب. ووفقاً لدراسة أجرتها دائرة الاقتصاد والسياحة في دبي وشركة «فيزا»، فإن نسبة 79% من المستهلكين أكدوا أنهم سيقومون بتغيير المتاجر أو مواقع وتطبيقات التسوق عبر «الإنترنت»، بناءً على طرق الدفع المتاحة من قبلها، حيث أبدت غالبية المستهلكين تفضيلاً قوياً للمدفوعات الرقمية على النقد، مشيرة إلى أن 34% من المستهلكين يفضلون استخدام النقد لدفع الإكراميات في الفنادق أو المطاعم أو المواقع والمرافق السياحية.

أنظمة الدفع

وتكشف نتائج مؤشر «ماستركارد» للمدفوعات الجديدة 2022، عن أن دولة الإمارات تشهد تسارعاً في استخدام مجموعة واسعة من أنظمة الدفع الرقمية في ظل توفير البنية التحتية المتقدمة والتكنولوجيا اللازمة لدعم نظم المدفوعات، حيث أشار 29% من المستهلكين في دولة الإمارات إلى انخفاض استخدامهم لطرق الدفع النقدي خلال العام الماضي. وأشار المؤشر، إلى أنه بالمقابل، أفاد (66%) من المستهلكين بزيادة استخدامهم لطريقة دفع رقمية جديدة واحدة على الأقل خلال العام الماضي (مقارنة بـ 61% على مستوى العالم)، بما في ذلك البطاقات الرقمية، ومدفوعات الرسائل القصيرة، وتطبيقات تحويل الأموال الرقمية، وخدمات الدفع الفوري.

وأكد أن الأجيال الشابة تميل إلى اعتماد التقنيات الرقمية في عمليات الشراء والمدفوعات، ويتزايد نشاطها على نحو مطرد في أنظمة الدفع الرقمية الجديدة، وبوتيرة أكثر تسارعاً من تلك السائدة في أوساط الجمهور الأكبر سناً، لافتاً إلى وجود مؤشرات قوية في دولة الإمارات على أن الجيل زد (Gen Z) أصبح أقل ميلاً لاستخدام الأموال النقدية أو القيام شخصياً بإجراء عمليات شراء ودفع، ويتطلع بشغف إلى إيجاد طرق دفع جديدة، وربما نجح ما يقرب من ثلثي جيل زد (64%) في الإمارات في الحصول على بديل جديد للدفع الرقمي (مثل المحفظة الرقمية، وحساب انقر للدفع) مقارنة بنسبة 22% فقط من الأجيال الأكبر سناً.

منصة رقمية

يُعد مصرف أبوظبي الإسلامي، من المؤسسات المالية الأولى في الدولة التي تبنت المدفوعات الرقمية للشركات، حيث أطلق في عام 2019 منصة ADIB Direct التي تتيح للشركات الوصول إلى الخدمات المصرفية، دون الحاجة إلى زيارة أفرع المصرف، وإتمام إجراءات المدفوعات بموثوقية وأمان. وحققت المنصة العديد من الإنجازات، حيث يعتمد على خدماتها حالياً 22.588 شركة صغيرة ومتوسطة، ويستفيد منها 23.789 عميلاً. وتواصل المنصة اجتذاب المزيد من العملاء على أساس سنوي، وقد سجلت معاملاتها المباشرة نسبة نمو وصلت إلى 88%، فيما انخفضت نسبة المعاملات التي تتم من خلال زيارة فروع المصرف من 33% في عام 2019 إلى 14% في عام 2022.

الجهات الحكومية

وأعلنت «ماستركارد» شراكة استراتيجية مع «نقودي»، بوابة الدفع في مجال التكنولوجيا المالية التي طورتها مجموعة إماراتك، التابعة لمؤسسة دبي للاستثمار، لتقديم حلول دفع رقمية مبتكرة للجهات الحكومية في دولة الإمارات، وتتيح بموجبها للمستهلكين والشركات إجراء مدفوعات سلسة وآمنة ولا تلامسية لمجموعة مختارة من خدمات القطاعين الحكومي والخاص.

وقال زاهي الكلاّب، مدير عام بوابة الدفع «نقودي»، إنها تُعد من أبرز محافظ التكنولوجيا الرقمية وحلول الدفع والاستشارات عبر «الإنترنت» في العالم العربي، إذ تقدم لعملائها من التجار خدمات دفع مؤتمتة بالكامل، بما يدعم جهود التحول نحو مجتمع غير نقدي، لافتاً إلى أنه تماشياً مع مبادرة الاقتصاد غير النقدي التي تتبناها دولة الإمارات، تعمل نقودي على تعزيز شراكاتها مع المؤسسات العالمية البارزة لترسيخ مكانتها كياناً رائداً في قطاع التكنولوجيا المالية والمدفوعات.

بديل للشيكات

أعلنت شركة «دايركت ديبت سيستم» المتخصصة في التكنولوجيا المالية، وإحدى قصص نجاح برنامج مسرع الابتكار التابع لصندوق محمد بن راشد للابتكار، إطلاق منصة «دايركت ديبت ماركت بليس» والتي تُعتبر أول سوق إلكتروني شامل لخدمات الخصم المباشر في المنطقة. وتوفر المنصة للتجار والمتعاملين حلولاً سهلة وملائمة لتحصيل الدفعات المالية المنتظمة كالرسوم المدرسية، ورسوم التأمين، والإيجار، واشتراكات أندية اللياقة البدنية وغيرها من الخدمات القائمة على أساس الاشتراكات المنتظمة، وذلك بشكل رقمي يسهم في التخلص بالكامل من عناء المعاملات الورقية. وتخضع المنصة وجميع عمليات الخصم المباشر التي تجري عبرها لقوانين وأحكام وتشريعات مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، ما يمنح المتعاملين مستوى عالياً من الطمأنينة وراحة البال. كما يُعد نظام «دايركت ديبت ماركت بليس» للخصم المباشر نظاماً ملزماً بموجب القانون في دولة الإمارات، أي أنه مقبول من المحاكم الوطنية. وقال عمير بت، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «دايركت ديبت سيستم»: إن تسديد دفعات كبيرة باستخدام الشيكات هو أمر شائع جداً في الإمارات، سواء كان ذلك لدفع بدل الإيجار أو لسداد الرسوم المدرسية وغيرها، ويقدم تطبيق (دايركت ديبت ماركت بليس) للخصم المباشر للمواطنين والمقيمين بديلاً آمناً وقانونياً وسهلاً لسداد جميع مستحقاتهم المالية المنتظمة عبر منصة واحدة وعلى أساس شهري».

وأوضح أن نظام الخصم المباشر يوفر للتجار خياراً قليل التكلفة للغاية، مقارنة بذلك المرتبط بالدفعات التي تتم بوساطة بطاقات الائتمان أو الشيكات، فعلى سبيل المثال، عادة ما يتكبد التجار ما بين 1 و3% من قيمة المعاملات التي تتم باستخدام بطاقات الائتمان، مقارنة بمنصة «دايركت ديبت ماركت بليس» التي تحدد رسوماً ثابتة على معاملات الخصم المباشر، بغض النظر عما إذا تم الدفع باستخدام بطاقة الائتمان أو التحويل عبر الحساب المصرفي.

350 طريقة

قالت سيانا وو، نائب الرئيس الأول في PayerMax الشرق الأوسط وأفريقيا، إن قطاع المدفوعات الرقمية سيلعب دوراً رئيسياً في دفع مسيرة الاقتصاد الرقمي، عبر دعم الخطط على مستوى المنطقة ودولها، لتأسيس مجتمع غير نقدي مع توفير مزايا الشفافية والكفاءة والراحة.

وأضافت أن الشركة باعتبارها المزود العالمي لحلول السداد والتحصيل متعدد الأساليب، أطلقت خدماتها المبتكرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث توفر أكثر من 350 طريقة لإتمام عمليات الدفع المحلية في أسواق جنوب شرق آسيا وجنوب آسيا وكوريا الجنوبية وأميركا اللاتينية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حالياً، منوهة بأنه بفضل حل الدفع متعدد الأساليب الموحد، سيتمكن تطبيق PayerMax من الاندماج في الأسواق والانضمام إلى منظومة مزودي خدمات الدفع الرقمية والتعاون مع الجهات المصرفية والتنظيمية، وبالتالي تسريع مسار الدفع الرقمي، ودعم الخطط الوطنية المتنوعة على صعيد المنطقة لتأسيس مجتمع غير نقدي، عبر التشجيع على تبني نهج الدفع الرقمي على نحو شامل.