رسم المصمم المبدع إميليو بوتشي Emilio Pucci بالألوانِ لوحةً هندسية لا تُخطئها العين. كانت تصاميمُه الثورية في السبعينيات تجسيداً للحيوية. من سراويل بوتشي Pucci الضيّقة، إلى الفساتين، والبلوزات الحريرية المزيّنة بنقشاته المبهجة. لم تغِب موضة الطبعات عن تصاميم إميليو بوتشي Emilio Pucci منذ انطلاقته، وحتى رغم وفاته؛ فهي تعَد ميزة أساسية للدار. وقد رصدناها هذا الموسم بإطلالات كاملة على مختلف القطع، من جمبسوت وفساتين ناعمة وقفاطين لافتة، بألوان صيفية منعشة، مستوحاة من مغيب الشمس والبحر.

لم تكن تصاميمُه مجرّد ملابس فقط؛ بل كانت هوية، ارتدتها أيقوناتُ الزمنِ الجميل، في مقدّمتهن: صوفيا لورين، وجاكي كينيدي. ولُقب بأمير الطبعات؛ فما سر تميُّزه، وما البصمة التي تركها في عالم الموضة؟

وُلد المصمم إميليو بوتشي في 19 نوفمبر 1914، من أسرة أرستقراطية إيطالية، وكان طياراً في السلاح الجوي، وتحوّل إلى تصميم الأزياء. اشتُهر بطبعاته الملوّنة الزاهية واستخدامه الثوري للأقمشة الجرسيه. دخل عالم الموضة بالصدفة بعد أن نُشرت صورة لملابس التزلج التي صممها عام 1947 في المجلات العالمية، واشتُهر بتصميم ملابس المنتجعات في حقبة الستينيات؛ حيث ارتدتها نجمات وسيدات مثل: مارلين مونرو، وجاكي كينيدي. يشمل إرثه: ابتكار طبعة 'بوتشي' الأيقونية اللولبية الزاهية، وتصميم الزيّ الرسمي لشركة 'برانيف' للطيران، وتأسيس علامة بوتشي Pucci.

من الرياضة إلى الموضة

وُلد بوتشي في مدينة نابولي لعائلة فلورنسية ثرية، كان طموحه العمل في السلك الدبلوماسي، وحصل على الدكتوراه في العلوم الاجتماعية من جامعة فلورنسا. كان رياضياً ومتزلجاً بارعاً؛ حتى أنه شارك في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية عام 1932، وتلقى دراسته الجامعية في الولايات المتحدة في جامعة جورجيا- كلية ريد؛ حيث حصل على منحة دراسية لتطوير فريق التزلج الجامعي.

التحق المصمم بالقوات الجوية خلال الحرب العالمية الثانية، واستمر في الخدمة العسكرية بعد الحرب.

وفي عام 1947، لاحظ مصوّر فوتوغرافي زيّ التزلج الذي صممه خصيصاً له، ونشره في مجلة عالمية. ومن هنا انطلقت مسيرته المهنية في عالم الموضة. افتتح أول متجر متخصص بالملابس الرياضية له في كابري عام 1950، وشملت مجموعته ملابس المنتجعات Resort Collection المعروفة بطبعاتها الزاهية والانسيابية.

من أين استوحى طبعاته الشهيرة؟

في خمسينيات القرن الماضي، انطلقت تصاميم بوتشي من وشاح؛ فكانت بمثابة مهرجان متعدد الألوان مفعم بالتصاميم الهندسية والتجريدية. استُلهمت من الطبيعة والزخارف الأفريقية، والفسيفساء في جزيرة صقلية، ورايات سباق باليو للخيول التاريخي في مدينة سيينا في إيطاليا. وعن مصدر إلهامه، ذكرت ابنته لودميلا في كتاب استعرض مسيرته عن لسانه، ما يلي: 'استوحيت طبعات الأبيض والأسود من رخام الكاتدرائيات، والأحمر من القصور، والألوان الرائعة في كونتراداس. هذه هي مصادر إلهامي. قد يبدو غريباً أن أختار موضوعاً بعيداً كهذا لعملي، ذي نكهة عصرية. لكنني، حِرفي فلورنسي اليوم، أشعر بقرب شديد من حِرفيي القرنين الرابع عشر والخامس عشر. وما بهرني تحديداً، هو عنصر الباليو الذي يعود إلى العصور الوسطى، بثرائه من الزخارف الهندسية والألوان'.

ماذا قدّم 'أمير الطبعات' للموضة؟

اشتُهر إميليو بوتشي بطبعاته الجريئة والمتموّجة، وحظيت تصاميمه بشعبية واسعة بين المشاهير والنخبة، بمن فيهم: مارلين مونرو Marilyn Monroe، وصوفيا لورين Sophia Lauren، وجاكي كينيدي Jackie Kennedy. وتوسعت أعماله لتشمل الأكسسوارات، وملابس الرجال، وحتى تصميم الزيّ الرسمي لشركة برانيف للطيران في ستينيات القرن الماضي. وفي ذلك الوقت، لم يتخلّ بوتشي عن حُلمه بامتهان العمل السياسي؛ فخدم في مجلس النواب الإيطالي.

استمر بوتشي في تصميم الأزياء وتوسيع خطوط علامته لتشمل العطور حتى وفاته في فلورنسا عام 1992. وتولّت ابنته، لودوميا بوتشي، منصب المديرة الإبداعية بعد وفاته، ثم استحوذت شركة LVMH لاحقاً على العلامة التجارية؛ لتتوالى أسماء المصممين الذين حرَصوا على تنفيذ تصاميم تواكب هوية الدار، ومنهم: كريستيان لاكروا، وماثيو ويليامسون، وبيتر دانداس. ولاتزال دار بوتشي اسماً بارزاً في عالم الموضة الإيطالية، معروفة بطبعاتها الفنية الساحرة.

أسس إميليو بوتشي، أو ماركيز بارسينتو، العلامة التِجارية التي تحمل اسمه عام 1947 من منحدرات التزلج السويسرية، بصفته مواطناً عالمياً، يسافر باستمرار بين مسقط رأسه فلورنسا والمنتجعات السياحية المفضلة لدى الأثرياء؛ ليجسّد بوتشي تطلعات المرأة العصرية في حقبتي الستينيات والسبعينيات. ألبس النساء قطعاً سهلة ومتعددة الاستخدام، تعبّر عن مفهومٍ جديد للأناقة المرحة، بمفهوم أمريكي للملابس الرياضية، التي تلبّي شعار: الراحة المطلقة، من دون أن يتخلى عن الفخامة. وترك بصمة دائمة، تلخّصها الأقمشة المطبعة التي صممها لعلامته، والتي أكسبته لقب أمير المطبوعات.

تابعي المزيد واكتشفي موضة الأزياء الفنتدج: هل تجسّد أسلوب حياة أم ترند شبابي؟

تابعي المزيد من موضة الطبعات: علامة فارقة تميّز الأسلوب الإيطالي