اخبار العراق
موقع كل يوم -مباشر
نشر بتاريخ: ٢٥ كانون الأول ٢٠٢٥
مباشر- ندى صلاح- على مدار عقود لم يكتفِ وارن بافيت بشرح معايير شرائه للأسهم، بل وما يرفض الاستثمار فيه أيضاً، وغالباً ما تكشف هذه المناطق المحظورة فلسفته الاستثمارية بقدر نجاحاته الكبرى. ولفهم كيفية تقييم بافيت للمخاطر، يجب مراقبة القطاعات التي يتجنبها، حتى مع مبالغة الأسواق في تقييمها. وتكشف هذه القطاعات الأربعة، من شركات الطيران إلى السيارات الكهربائية الصينية، اعتقاد بافيت أن احتمالات الربح لا تصب في مصلحة المستثمر طويل الأجل، وكيف ينجح انضباطه الصارم في إبعاد سيولته عن هذه الرهانات الخاسرة.
شركات الطيران:
تُعدّ شركات الطيران إحدى القطاعات التي وصفها وارن بافيت بأنه 'فخّ مميت' لرأس المال، ويستند تاريخه الطويل من التشكيك إلى آلية عمل هذا القطاع لا إلى أي صفقة خاسرة بعينها. وفي تقاريره عن القطاعات التي يتجنبها بافيت، يُخص 'عراف أوماها' شركات الطيران بالذكر، نظراً لكثافة رأس المال فيها وعرضتها المزمنة لعائدات ضعيفة. تتطلب أساطيل الطائرات إنفاقاً أولياً هائلاً، وصيانة مستمرة، واستبدالاً دورياً، في حين تُضيف المطارات والبوابات وأنظمة تكنولوجيا المعلومات طبقات من التكاليف الثابتة التي لا تزول حتى مع انخفاض الطلب. حتى عندما تكون الطائرات ممتلئة، يجب إعادة استثمار جزء كبير من السيولة النقدية الواردة في الشركة مباشرةً للحفاظ على استمراريتها، وهو ما ينافي تماماً نموذج بافيت الذي يُفضّل الشركات ذات الأصول الخفيفة والتدفقات النقدية المولدة.
التكنولوجيا:
يُعدّ قطاع التكنولوجيا قطاعًا آخر لطالما تجنّب بافيت الاستثمار فيه، ويشير تحليل استثماراته الحالية والمستقبلية إلى السبب وراء ذلك. فقد أفصح بافيت مراراً وتكرارًا عن رغبته في امتلاك شركات بسيطة وواضحة، ونادرًا ما تنطبق هذه المواصفات على منصات التكنولوجيا سريعة التطور. ويرى بافيت أن وتيرة الابتكار، وخطر التقادم المفاجئ، وصعوبة التنبؤ بالمنتج أو النظام البيئي الذي سيهيمن على السوق، تجعل من الصعب تقدير التدفقات النقدية المستقبلية بثقة. فقد تحقق شبكة تواصل اجتماعي أرباحاً طائلة في عام واحد، ثم تفقد أهميتها عندما ينتقل المستخدمون إلى تطبيق جديد، في حين قد تتآكل الميزة التنافسية لشركة برمجيات عندما يُطلق منافس بديلاً سحابياً أرخص. بالنسبة للمستثمر الذي يُقدّر المزايا التنافسية المستدامة والفرص الاستثمارية طويلة الأجل، يُعدّ هذا النوع من عدم اليقين مؤشراً خطيراً.
التكنولوجيا الحيوية:
تحتل التكنولوجيا الحيوية مكانةً بارزةً في قائمة بافيت للاستثمارات التي لا ينصح بشرائها، نظراً لما تحمله من مزيج من عدم اليقين العلمي والتقلبات المالية، وهو ما يتعارض مع مطلبه بتحقيق أرباح ثابتة يمكن التنبؤ بها. ويصف بافيت قطاع التكنولوجيا الحيوية بأنه قطاع يتجنبه بسبب مخاطره العالية وافتقاره إلى تدفقات نقدية موثوقة، إذ تستغرق مراحل تطوير الأدوية سنوات وتكلف مليارات الدولارات للانتقال من مرحلة البحث الأولية إلى الحصول على الموافقة التنظيمية، وفي كل خطوة هناك احتمال كبير للفشل. ويرى بافيت أنه يمكن لتجربة سريرية سلبية واحدة أو إشارة سلامة غير متوقعة أن تمحو معظم القيمة السوقية للشركة بين عشية وضحاها، ما يجعل التنبؤ طويل الأجل أمراًبالغ الصعوبة. حتى عندما ينجح علاج ما، فإن انتهاء صلاحية براءات الاختراع ووجود علاجات منافسة قد يقلل من الفترة التي تتمتع فيها الشركة بقوة تسعيرية عالية.
السيارات الكهربائية الصينية:
تُجسّد السيارات الكهربائية الصينية حالةً حديثةً لم يكتفِ فيها وارن بافيت بتجنّب الاستثمار الجديد، بل خرج من استثماراته بعد تحقيق مكاسب كبيرة. وتشير التقارير التي تناولت كيفية تعامله مع حصته في شركات تصنيع السيارات الكهربائية الصينية إلى أنه جنى مليارات الدولارات من هذه الشركات، لكنه اختار البيع بسبب المخاطر الجيوسياسية والمخاوف من المبالغة في تقييمها. وقد نما هذا القطاع بسرعة، إذ تتسابق الشركات للاستحواذ على حصة سوقية من خلال التسعير التنافسي، والإنفاق الكبير على تكنولوجيا البطاريات، والتوسع في أسواق التصدير. إلا أن هذا النمو ترافق مع تصاعد التوترات التجارية، بما في ذلك الرسوم الجمركية والتحقيقات في مزاعم الدعم، ما قد يُغيّر فجأةً اقتصاديات بيع السيارات في الخارج. بالنسبة لمستثمر مثل بافيت، الذي يُفضّل بيئات تتسم بقواعد لعب مستقرة نسبياً، فإنّ مزيج الاحتكاك السياسي وعدم اليقين بشأن السياسات المتعلقة بالتصنيع الصيني يُشكّل رادعاً قوياً.






































