طه العاني - الخليج أونلاين

ما الهدف الأبرز للإمارات من هذه الشراكات الدفاعية الآسيوية؟

تنويع مصادر السلاح ونقل التكنولوجيا العسكرية.

لماذا تحظى كوريا الجنوبية بأولوية إماراتية؟

لأنها تقدم تطويراً مشتركاً ومقاتلات متقدمة بقيمة عقود ضخمة.

تسعى الإمارات إلى تعظيم شراكاتها الدفاعية مع دول جنوب وشرق آسيا، استناداً إلى رؤية استراتيجية تهدف إلى تنويع مصادر التسليح، ونقل التكنولوجيا، وبناء قدرات تصنيع دفاعي محلي يحقق الاكتفاء الذاتي ويعزز قوة الردع الوطنية.

وتتحرك أبوظبي في هذا الاتجاه من خلال شراكات متقدمة مع عديد من دول المنطقة، مستفيدة من موقع الإمارات الجيوسياسي وثقلها الاقتصادي ودورها المتصاعد كقوة مؤثرة في أمن المنطقة وسلاسل التوريد الدفاعية العالمية.

كوريا الجنوبية.. تعاون متقدم

وفي إطار تلك المساعي، تعمل الإمارات وكوريا الجنوبية على توسيع التعاون الدفاعي عبر نموذج يقوم على التطوير المشترك والإنتاج المحلي والتصدير إلى دول ثالثة.

جاء ذلك عقب القمة التي عقدت بأبوظبي في 18 نوفمبر 2025، بالتزامن مع معرض دبي للطيران، حيث عرضت شركة كوريا للصناعات الجوية، المقاتلة 'KF-21'.

أعلنت الرئاسة الكورية أن الاتفاق يهدف إلى تعزيز فرص الشركات الكورية للفوز بعقود محتملة تصل إلى 15 مليار دولار، وفق تصريحات أوردتها وكالة 'بلومبيرغ' عن كانغ هون-سيك كبير موظفي الرئاسة الكورية.

وكانت الإمارات قد أبدت اهتماماً مبكراً بهذه المقاتلة، حيث زار وفد من سلاح الجو الإماراتي منشآت تصنيعها في أبريل الماضي، وشارك أحد قادتها في تجربة طيران، بعد أن علّقت أبوظبي مفاوضات شراء مقاتلات 'F-35' الأمريكية عام 2021 على خلفية خلافات تتعلق بشروط واشنطن المرتبطة بالاتصالات والتعاون مع الصين.

وفي ظل منافسة روسية عبر عرض المقاتلة 'Su-57E'، تتعزز مكانة كوريا الجنوبية باعتبار الشرق الأوسط أولوية لتسويق الصناعات العسكرية، كما أكد نائب الرئيس التنفيذي لشركة كوريا للصناعات الجوية، تشا جاي بيونغ، مشيراً إلى تزايد الاهتمام الإقليمي بفضل نجاحات التشغيل في آسيا وأوروبا.

وتواصل شركة 'هانوا إيروسبيس' محادثاتها الدفاعية مع السعودية والإمارات، في وقت تعمل فيه كوريا على توسيع حضورها عالمياً عبر صفقات غواصات وتطوير أحواض بناء السفن، مدفوعة برغبتها في الارتقاء من المرتبة العاشرة عالمياً بين مصدري السلاح إلى المرتبة الرابعة بحلول 2027، وفق تقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.

إندونيسيا.. شراكة تاريخية

وعملت الإمارات على توسيع حضورها الدفاعي في جنوب شرقي آسيا عبر اتفاق دفاعي ضخم بين مجموعة 'إيدج' وشركة 'ريبوبليكورب' الإندونيسية، وُقِّع خلال معرض دبي للطيران في 18 نوفمبر 2025.

وتشمل الاتفاقية نقل التكنولوجيا، والإنتاج المحلي، وبرامج التطوير المشترك، وتحديث القوات المسلحة الإندونيسية، بتمويل إجمالي 7 مليارات دولار، وهو أكبر برنامج دولي لـ'إيدج' حتى اليوم.

ويتضمن التعاون منظومات دفاعية متقدمة مثل: نظام الدفاع الجوي الصاروخي، ومركبات القتال المدرعة من الجيل الجديد، وزوارق هجومية غير مأهولة بتقنية التخفي، والدفاع السيبراني، وتطوير إنتاج ذخائر الأسلحة الخفيفة.

وأكد الرئيس التنفيذي لمجموعة 'إيدج'، حمد المرر، أن هذه المبادرة محطة استراتيجية تعزز الأمن القومي الإندونيسي وتدعم نمو الصناعة الدفاعية، فيما وصف رئيس مجلس إدارة 'ريبوبليكورب'نورمان جوسويف، الاتفاق بأنه ركيزة لتحقيق استقلال صناعي طويل الأمد.

الهند.. تنسيق دفاعي

كما وسّعت الإمارات تعاونها الدفاعي مع الهند عبر اجتماعات رسمية رفيعة المستوى في نيودلهي في 31 يوليو 2025، في إطار اجتماع اللجنة المشتركة للتعاون الدفاعي، الذي بحث تعزيز الشراكة في مجالات التدريب العسكري، والأمن البحري، والصناعات الدفاعية، وتبادل الخبرات القتالية.

وأكّد وكيل وزارة الدفاع الإماراتية، الفريق الركن إبراهيم ناصر العلوي، خلال كلمته في 'منتدى الشراكة الصناعية الدفاعية الثاني بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية الهند'، التزام الإمارات بتعزيز التعاون الدفاعي مع الهند، مشيداً بالجهود المتواصلة في ظل التحديات الأمنية والتقنية المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم.

وأشار بيان وزارة الدفاع الإماراتية، إلى أن الجانبين جددا التزامهما بتطوير التعاون الدفاعي عبر تدريبات ومناورات مشتركة، إضافة إلى حضور الإمارات في منتدى الشراكة الصناعية الدفاعية الثاني الذي تناول صناعة الدفاع في ظل التحديات الأمنية والتقنية المتسارعة.

باكستان.. تحالف استراتيجي

وتعزز الإمارات تعاونها الدفاعي مع باكستان عبر شراكات شاملة تشمل التدريب والجاهزية القتالية والتنسيق الأمني، مستندة إلى تاريخ طويل من التعاون العسكري المتبادل.

وفي سياق التطوير المتواصل للتعاون العسكري العملياتي بين الإمارات وباكستان، أجرت الدولتان في نوفمبر 2025، تمريناً مشتركاً لمكافحة الإرهاب حمل اسم 'جلمود-1'، نُفذ على مدى أسبوعين في مركز تدريب قوات النخبة 'SSG' قرب منطقة تاربيلا، بمشاركة وحدات من القوات الخاصة الباكستانية والحرس الرئاسي الإماراتي.

وفي 19 سبتمبر 2025، وصفت صحيفة 'الحرية' الباكستانية زيارةقائد القوات البحرية الإماراتية اللواء الركن حميد محمد عبد الله الرميثي ولقاءاته مع قادة القوات المسلحة بأنها محطة مهمة تعزز التنسيق الدفاعي، خصوصاً بعد هزيمة القوات الهندية الأخيرة.

وشمل التعاون المجالات المشتركة والعمليات الجوية متعددة المجالات والتعاون البحري لحماية طرق الملاحة ومواجهة القرصنة والإرهاب

وجاءت زيارة رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد، لباكستان في 5 يناير 2025، لتأكيد أهمية تلك العلاقة في ظل تحديات أمنية إقليمية متصاعدة.

ويمثل التعاون الدفاعي محوراً مركزياً في الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، حيث كانت باكستان شريكاً أساسياً في التدريب العسكري واللوجستي للقوات الإماراتية، بينما توفر أبوظبي دعماً إقليمياً يسهم في استقرار إسلام آباد.

بنغلاديش.. الدفاع جوي

وفي إطار توجه استراتيجي لتعزيز الشراكات العسكرية متعددة المستويات، استقبلت الإمارات رئيس أركان القوات الجوية البنغلاديشية، المشير حسن محمود خان، في 16 نوفمبر 2025 بدعوة رسمية من قائد القوات الجوية الإماراتية.

وشملت زيارة المسؤول العسكري، والتي استمرت عدة أيام، المشاركة في مؤتمر دبي الدولي لقادة القوات الجوية (DIACC 2025) ومعرض دبي للطيران 2025.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية البنغلاديشية، أن الزيارة هدفت إلى توسيع التعاون الاحترافي وتبادل الخبرات الفنية بين القوتين الجويتين، بما في ذلك برامج التدريب المشترك، والتمارين الجوية، وتطوير القدرات التشغيلية.

يذكر أن محمود خان، كان قد زار الإمارات في 14 فبراير الماضي، وحضر اجتماعات هيئة أركان القوات الجوية لبحث سبل تبادل خبرات التدريب والتمرين، وأجرى جولات في مختلف منشآت القوات الجوية الإماراتية، والتقى قائد القوات الجوية الإماراتية لمناقشة مختلف القضايا الثنائية ذات الاهتمام المشترك.

وجرى خلال الاجتماعات الرسمية بحث مسارات جديدة لتعميق التعاون الدفاعي، بمشاركة، مسؤولين كبار من الجانبين، في خطوة تعكس رغبة متبادلة في تطوير الشراكات الدفاعية الإماراتية-البنغلاديشية على أسس عملية ومستدامة.

جسور آمنة

ويرى الخبير في شؤون الأمن والدفاع اللواء ضياء الوكيل، أن الإمارات تمتلك طموحات سياسية واقتصادية تدفعها أحياناً للتحرك خارج نطاق الجغرافيا الإقليمية، بما يتجاوز حدود محيطها المباشر.

ويوضح في حديثه مع 'الخليج أونلاين' أن الدور الإماراتي يخضع لحسابات دقيقة سياسية وعسكرية واستراتيجية حساسة، تتطلب توازناً بين المصالح الداخلية والخارجية.

ويضيف الوكيل أن هذه الحسابات دفعت الإمارات إلى إقامة علاقات دفاعية مع دول جنوب شرق آسيا المطلة على المحيطين الهندي والهادئ، ومن بينها إندونيسيا وباكستان والهند الجنوبية وحتى الصين.

ويبين خبير الأمن والدفاع أن هذه الدول 'تشكل مناطق محورية في أي صراع دولي مستقبلي، ما يجعل الاتفاقيات الدفاعية جسوراً آمنة لتحقيق الأهداف الإماراتية على المدى البعيد'.

كما أشار الوكيل إلى أن هذه التحركات 'لا تعني الاستغناء عن السلاح الغربي، بل بالعكس، فهو عنصر قوة مهم'.

ويعتبر أن الصراع الدولي اليوم 'انتقل إلى مرحلة جديدة تشمل الحرب الباردة الحديثة وصراعات الجيل الخامس، ما يفرض على الإمارات التحرك بذكاء واستراتيجية متقدمة لضمان أمنها ومصالحها'.