متابعات- نبض السودان

تفجرت أزمة جديدة في ولاية الشمالية بعد الكشف عن شبكة سرية استولت على حوالي 20 كيلوغرامًا من الذهب عبر إنشاء مصنع للتعدين دون الحصول على أي تصريح قانوني بمحلية وادي حلفا، الأمر الذي أثار غضب الأهالي ومجلسهم المحلي، وأشعل الخلاف بينهم وبين السلطات الأمنية.

بداية القصة: مصنع قرب الأحياء السكنية

تعود تفاصيل القضية إلى منتصف سبتمبر 2025، عندما داهمت القوات الأمنية مصنعًا للتعدين قرب الأحياء السكنية بمدينة وادي حلفا، وأغلقت أبوابه بعد العثور على أحواض مليئة بمواد كيميائية خطرة تستخدم في استخلاص الذهب. في البداية، تم تقييد البلاغ ضد مجهول، غير أن الضغوط الشعبية المتصاعدة من مجلس أهالي وادي حلفا ولجان المقاومة وغرفة الطوارئ دفعت السلطات إلى فتح تحقيق موسع في القضية.

ضباط وأفراد ضمن الشبكة

وخلال التحقيقات، كشفت الحقائق التي أوردها بيان مكتب الشباب بمجلس أهالي وادي حلفا عن وجود ضباط وأفراد نظاميين متورطين في الشبكة السرية. البيان أشار بوضوح إلى أن بعض الجهات حاولت توفير حماية خاصة لمنسوبيها، عبر نقل بعض الضباط بشكل عاجل، ومنح إجازات مشبوهة لآخرين، في خطوة رآها الأهالي محاولة لطمس الحقائق وإبعاد المتورطين عن مسار العدالة.

مخاوف من طمس الحقيقة

المجلس أبدى قلقه البالغ من تحركات وصفها بـ'المريبة'، تهدف إلى تعطيل سير التحقيقات أو تهريب بعض المتهمين، محملًا رئيس اللجنة الأمنية بمحلية وادي حلفا المسؤولية الكاملة في حال جرى أي تلاعب أو تعطيل للعدالة. البيان شدد على أن القضية لن تُدفن ولن يتم إطفاؤها، مؤكداً أن الأهالي لن يسمحوا بخروج أي متهم أو مشتبه به قبل استكمال التحقيقات بصورة شفافة وعادلة.

خطر يهدد الصحة والبيئة

من جانب آخر، حذر البيان من خطورة إقامة مصانع التعدين قرب الأحياء السكنية، مشيراً إلى أن استخدام المواد الكيميائية السامة في الاستخلاص يهدد صحة المواطنين ومصادر المياه. وأكد المجلس أن استمرار مثل هذه الأنشطة غير القانونية قد يقود إلى كارثة بيئية وصحية يصعب احتواؤها.

دعوة للتظاهر والضغط الشعبي

وفي لهجة تصعيدية، دعا مجلس الأهالي المواطنين إلى الخروج في مظاهرات حاشدة يوم الثلاثاء 30 سبتمبر 2025، أمام مكتب المجلس الأعلى لأهالي وادي حلفا، ثم التوجه إلى مباني المحلية، رفضًا لأي محاولة لتعطيل العدالة أو التستر على المتورطين. وأكد أن الضغط الشعبي هو الضامن الوحيد لاستمرار التحقيقات حتى تصل القضية إلى المحكمة.

الذهب المسروق والتقديرات الأولية

بحسب تقديرات الخبراء الذين عاينوا موقع المصنع السري، فإن عمليات الاستخلاص التي نفذتها الشبكة أفضت إلى إنتاج لا يقل عن 20 كيلوغرامًا من الذهب. وأضافت التقديرات أن الشبكة قامت بسحب المعدات والآليات والذهب والعمال قبل وصول القوات الأمنية إلى الموقع، وهو ما اعتُبر دليلاً إضافياً على وجود حماية وتنسيق متقدم بين أفرادها وبعض الجهات.

مجلس الأهالي يرفض التسويات

أكد مجلس أهالي وادي حلفا أنه لن يقبل بأي تسويات أو محاولات للتغطية على القضية، مشدداً على أن الذهب ملك لأهل المنطقة، وأن أي تلاعب أو إفلات من المحاسبة سيُعد سابقة خطيرة ستفتح الباب أمام مزيد من الفساد والتجاوزات. كما طالب باستمرار التحقيقات حتى النهاية، ومحاسبة جميع الضالعين، سواء كانوا مدنيين أو نظاميين.

أزمة ثقة بين الأهالي والسلطات

القضية كشفت عن أزمة ثقة متصاعدة بين الأهالي والسلطات، إذ يرى المواطنون أن الجهات الرسمية لم تكن جادة منذ البداية في فتح الملف، لولا الضغط الشعبي الذي أجبرها على التحرك. هذه الأزمة تهدد بتوسيع الفجوة بين المواطنين والدولة، خاصة في ظل حساسية قضية التعدين الأهلي والموارد الطبيعية في شمال السودان.

رسالة الأهالي: لن نسكت

البيان الختامي لمكتب الشباب في مجلس أهالي وادي حلفا حمل رسالة واضحة: 'لن نسكت على هذه القضية، ولن نسمح بتهريب المتهمين أو إفلاتهم من المحاسبة'. وأضاف أن المجلس سيظل في حالة استنفار دائم حتى يتم تقديم الجناة إلى العدالة، مؤكداً أن حماية الموارد والثروات مسؤولية جماعية، لا تحتمل التهاون أو التواطؤ.