متابعات- نبض السودان

أثار القرار المفاجئ لقائد فيلق البراء بن مالك، المصباح أبوزيد، بحصر نشاط قواته في العمل المدني فقط، موجة واسعة من الجدل والنقاش داخل الشارع السوداني، لا سيما أن الإعلان جاء في وقت لا تزال فيه مساحات شاسعة من البلاد تحت قبضة التمرد، والحرب على أشدها في عدة مناطق.

قرار مفاجئ وسط اشتعال المعارك

رغم عدم تحديد المصباح أبوزيد لتوقيت دقيق لتطبيق القرار، مكتفيًا بالقول 'سنعلن قريبًا حصر دور قوة البراء بن مالك في العمل المدني فقط'، إلا أن هذا الإعلان كان كافيًا لإحداث صدمة في صفوف المتابعين، خاصة وأن القرار أُعلن بينما تُحاصر مدن رئيسية مثل الفاشر وبابنوسة، وتستمر المواجهات المحتدمة في جبهات متعددة.

المصباح برر قراره بأنه يأتي ضمن ما أسماه 'مراجعة استراتيجية لمهام وأولويات القوات'، مؤكدًا أن الهدف هو تجسيد قيم البناء والاستقرار وخدمة المواطنين، في محاولة لرسم صورة جديدة لقواته، تتماشى مع متطلبات مرحلة إعادة الإعمار والسلام الوطني.

قيادات ميدانية تحذر من تداعيات القرار

القيادي في حركة جيش تحرير السودان، عقاد ابن كوني، لم يُخف قلقه من إعلان أبوزيد، معتبرًا التوقيت 'مربكًا وخطيرًا'، ويبعث برسائل خاطئة للميدان، في وقت تشتد فيه المعركة وتحتاج فيه القوات المسلحة وحلفاؤها إلى كل ذراع عسكري فاعل.

وقال عقاد في تصريح صريح: 'هذا التوقيت يثير القلق، فالمعركة لا تزال في ذروتها، وما زال الحصار مضروبًا على الفاشر وبابنوسة، والطريق إلى النصر لم يكتمل، ولا يجوز أن نتنازل عن وعدنا مع شهداء معركة الكرامة. من يظن أن تحرير الخرطوم هو نهاية المعركة فهو واهم.'

أسئلة ساخنة حول ضغوط دولية وإعادة تشكيل المشهد العسكري

القرار الذي أعلنه المصباح أبوزيد، فتح أبواب التساؤلات على مصراعيها، حيث تداوله عدد من الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي معتبرين أن وراءه أبعادًا تتعلق بترتيبات دولية يجري العمل عليها لإنهاء الحرب، وقد تتطلب هذه الترتيبات – وفق ما يتداوله الشارع – تقليص عدد التشكيلات العسكرية الداعمة للجيش السوداني، تجنبًا لانفلات أمني في مرحلة ما بعد الحرب يشبه ما حدث مع قوات الدعم السريع.

وتساءل نشطاء: 'هل يأتي هذا القرار ضمن خطة لإعادة رسم خارطة القوى المسلحة في السودان؟ وهل هناك ضغوط دولية للتقليل من عدد المجموعات المقاتلة خارج الإطار النظامي الرسمي؟'، في إشارة إلى مساعٍ محتملة من جهات خارجية لتوحيد البندقية تحت إمرة واحدة.

أبوزيد يُشيد بمسيرة قواته ويؤكد التزامها الوطني

في المقابل، حاول المصباح أبوزيد طمأنة حلفائه ومؤيديه، مؤكدًا أن قراره لا يعني تراجعًا عن التزامه الوطني، بل هو تعبير عن نقلة نوعية في طبيعة دور قواته.

وقال في بيانه: 'القرار جزء من التزامنا بالمسؤولية تجاه الوطن والمجتمع، ونؤمن أن مرحلة البناء والاستقرار تتطلب منّا توجيه الجهد نحو دعم المواطنين في الخدمات والتنمية.'

دور بارز لقوات البراء بن مالك في التصدي للتمرد

منذ اندلاع التمرد، كانت قوات البراء بن مالك، بقيادة المصباح أبوزيد، في مقدمة الصفوف، حيث خاضت مواجهات حاسمة ضد مليشيا الدعم السريع، ونجحت في تأمين مناطق استراتيجية ساهمت في إعاقة تمدد المتمردين.

وأشار عقاد ابن كوني إلى هذا الدور قائلًا: 'هذه القوات البطلة كانت في طليعة من تصدوا لمليشيا الدعم السريع المتمردة، ولولا بسالتهم لكانت المليشيا قد فرضت سيطرتها على كامل تراب الوطن.'

تحديات المرحلة القادمة تستدعي وضوحًا استراتيجيًا

وسط تعقيد المشهد العسكري والسياسي، يرى مراقبون أن قرارات من هذا النوع يجب أن تتسم بالشفافية والوضوح، وتُطرح في سياق تفاهمات وطنية تضمن عدم حدوث فراغ ميداني يمكن أن يستغله العدو.

ويبدو أن قرار أبوزيد، بصرف النظر عن نواياه، أعاد إلى الواجهة مخاوف من إمكانية تحوّل التشكيلات المسلحة إلى أدوات سياسية، أو أن يتم تفكيكها تدريجيًا ضمن خطط ما بعد الحرب دون وضوح في الضمانات.