×



klyoum.com
lifestyle
لايف ستايل  ٣٠ أيلول ٢٠٢٥ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

klyoum.com
lifestyle
لايف ستايل  ٣٠ أيلول ٢٠٢٥ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

موقع كل يوم »

لايف ستايل

»حياتنا» ال عربية»

رسالة صوتيّة مِن الماضي

ال عربية
times

نشر بتاريخ:  الخميس ١٧ نيسان ٢٠٢٥ - ٠٠:١٤

رسالة صوتية من الماضي

رسالة صوتيّة مِن الماضي

لايف ستايل

موقع كل يوم -

ال عربية


نشر بتاريخ:  ١٧ نيسان ٢٠٢٥ 

لطالما كان الليل صديقي الوحيد بعد يوم طويل مِن العمَل، مِن الجري بين المحلات لِجَلب الحاجيات، مِن سماع صرخات الزبائن في السوبرماركت الذي أعمَل فيه، إلى التنظيف والطهو وتذكير ابني بواجباته. بعد كلّ ذلك كان الليل يفتَح لي ذراعَيه بصمتٍ يسمَح لي أن أستَلقي على الأريكة وأترك أنفاسي تهدأ قليلًا.

لكن في تلك الليلة لَم يكن الهدوء صديقي. فاستضاءَت شاشة هاتفي المُلقىً بجانبي برقم غريب ورسالة صوتيّة واحدة غير مَسموعة. لَم أُفكِّر كثيرًا قَبل أن أضغَط على زرّ التشغيل، لكنّ الصوت الذي خرَجَ مِن السمّاعة أوقَفَ دَمي في عروقي:

- هند... لا أعرفُ إن كان هذا بالفعل رقمُكِ... ولا أعرفُ حتّى إن كنتِ سترغبين في سماع صوتي لكنّني، أنا والدُكِ، أحتاج أن أراكِ. لا أدري مِن أين أبدأ فلقد مرَّ وقتٌ طويلٌ. أعلَم ما ستقولين، ربّما أطوَل مِمّا ينبغي... قد لا يكون لِكلامي أيّ معنى الآن وقد لا ترغبي حتّى في سماعه... لكنّني أشعرُ بأنّ عليّ أن أُحاِول مدّ يَدي قَبل فوات الأوان. أعلم أنّني أخطأتُ حين تركتُكِ وأمّكِ وحدكما. لَم أكن موجودًا مِن أجلكما... كنتُ شابًّا خائفًا وضائعًا... شعرتُ أنّ الحياة كانت تزداد ضيقًا حولي وأنّني لستُ الرجُل المناسب لهذا الدور، ففضَّلتُ العلاقات الخفيفة والسريعة مع عابِرات سبيل. كنتُ أعتقِد أنّني سأعودُ يومًا حين أكون مُستعدًّا، لكنّ السنوات مضَت أسرَع مِمّا توقّعتُ، وعندما نظرتُ إلى الوراء، كان الأوان قد فات. لَم أكن أريد أن أكون أبًا سيّئًا لكنّني كنتُ كذلك. أعرفُ أنّكِ كبرتِ بدوني، أنّكِ لَم تحتاجي إليّ، وأعرِف أنّ لدَيكِ الآن حياتكِ الخاصّة وعائلة لأنّني سألتُ وفتَّشتُ لأجِدَكِ. قد لا تكون هناك مساحة لي في عالمكِ، لكن أنا وحيد، يا هند. العمر تقدَّمَ بي ولَم يبقَ لي الكثير... لهذا السبب أبحثُ عنكِ الآن، ليس لأنّني أستحِقّ فرصة ثانية، بل لأنّني لا أريد أن أرحَل قَبل أن أراكِ مرة أخرى. هناك شيء آخَر يجب أن تعرفيه، لدَيّ عائلة أخرى، زوجة وأولاد، لكنّهم ليسوا أنتِ، فلَم أشعر معهم بما كنتُ أشعر به معكِ وأمّكِ... لَم أُحِبّهم كما أحبَبتُكِ، لَم يكونوا يومًا أنتِ، يا هند.

أغلَقتُ عَينايَ لوهلة أستنشِق مرارة كلماته الكاذِبة، كلماته البارِدة والمُخادِعة كما لو أنّه يُحاوِل أن يمنَحني إحساسًا زائفًا بالأهمّيّة، لكنّه لَم يكن موجودًا حين احتجتُه ولَم يبحَث عنّي حين كان يستطيع ذلك. والآن بعد أن تقدَّم به العمر وبعد أن شبِعَ مِن حياته الأخرى يعودُ ليخبرَني أنّني كنتُ الأهمّ! كان يكذب وأنا كنتُ أعرفُ ذلك.

مرَّ عشرون عامًا منذ أن غادَرَ أبي، أو بالأحرى اختفى، تبخََّرَ وكأنّه لَم يكن يومًا معنا. ترَكَني أنا وأمي نواجِه الحياة وحدنا، غادَرَ ولَم ينظُر خلفه، لَم يسأل، لَم يبعَث برسالة، لَم يترُك أثَرًا سوى فراغًا في قلبي، وبِدوري حاولتُ رَدمه وذكراه بشتّى الطرق.

أتذكّر الليلة التي رحَلَ فيه وكأنّها حدثَت البارِحة: كانت أمّي جالِسة على الأرض في المطبخ ويداها على وجهها ودموعها تنساب بصمت، هي لَم تقُل شيئَا لكنّني كنتُ أسمَع أنين قلبها المحطَّم. كبرتُ وأنا أسمَع همسات الأقارب والجيران: 'لَم يستطِع تحمّل المسؤوليّة... كان ضعيفًا، خائن لعين، ... ما ذنب ابنته البريئة، هرَبَ لأنّه لَم يكن جاهزًا ليكون أبًا...'. قيلَ الكثير لكنّ أمّي لَم تقُل شيئًا، بل فقط حملَتني على كتفَيها ومضَت. عمِلَت في أكثر مِن وظيفة وكانت تخرج في الصباح الباكِر وتعودُ مُنهكة في المساء، لكنّها لَم تشتكِ يومًا. ثمّ قَبل خمس سنوات أنهكَها المرَض الذي تسلَّلَ إلى جسدها بصمت كما تسلَّلَت الأحزان إلى روحها على مدار السنين. كنتُ معها حتّى آخِر لحظة مُمسكةً بِيَدها وهي تهمسُ باسمي بصوت مُتعَب. لَم يأتِ والدي، لَم يسأل عنها.

أعَدتُ تشغيل الرسالة مرّة، ثمّ مرّتَين، ثمّ ثلاثًا... كان صوت أبي أضعَف مِمّا أذكُر، صوت مُحمَّلًا بتجاعيد الزمن وكأنّه رجُل يُحاوِل الامساك بخَيط مِن ماضيه قَبل أن ينقطِع إلى الأبد. لكنّ كلماته لَم تكن تكفي، لم يكن هناك مِن شعور حقيقيّ في صوته، لا ندَم حقيقيّ، بل فقط محاولة خجولة لِمَدّ جِسر هشّ فوق بحر مِن الغياب. هو لَم يكن يريدُني، كان يريدُ أن يَطمَئنَّ بأنه لن يموتَ وحيدًا.

فتحتُ ألبوم الصوَر الخاصّ بي وعدتُ فيه إلى أيّام طفولتي فوجدتُ صورة وحيدة لأبي وإلى جانبه أمّي وأنا واقفة وسطهما والبسمة على وجهي، بسمة طفلة لا تعرفُ بعد ما سيحصل لها. أبقَيتُ تلك الصورة بينما أتلَفتُ الباقيات ونسيتُ لماذا فعلتُ ذلك، ربّما لأُبقي أثَرًا لِماضٍ خفتُ أن أُنسيه وتذهبُ تلك البسمة إلى الأبد.

إقترَبَ يوسف ابني الوحيد منّي وقَفَ بجانبي ينظرُ إلى الصورة القديمة ثمّ مسَكَها وسألَني:

- ماما، مَن هذا؟

أخذتُ منه الصورة ببطء:

- هذا جدُّكَ يا يوسف.

نظَرَ ابني إليّ بِدهشة:

- لدَيّ جِدّ آخَر؟؟؟ أين هو؟ فلَم أرَه مِن قَبل! هل ماتَ؟

كيف أشرَح لِطفل صغير أنّ هناك أشخاصًا يُمكنُهم أن يرحَلوا مِن دون سبب واضح؟ كيف أشرَح له أنّ بعض القلوب ليست قويّة بما يكفي للبقاء؟

جلَستُ بِجانبه ومرَرتُ يَدي على شعره الناعِم وأجَبت:

- لقد كان بعيدًا لفترة طويلة جدًّا، يا حبيبي.

- وهل سيعود؟

أخفَيتُ غصّة حارِقة، هل يعودُ الزمن حقًّا، هل يُمكن لِصوت في رسالة أن يَمحوَ عشرين عامًا مِن الغياب؟

نظرتُ إلى الهاتف مُجدّدًا... كان الرقم لا يزال موجودًا... وينتظرُ لمسة واحدة منّي.

لكنّني أدركتُ في قرارة نفسي أنّ أبي لَم يعُد لأنّه اشتاقَ إليّ أو لأنّه يشعُر بالذنب، عادَ لأنّه كبرَ، لأنّه وحيد، لأنه يحتاجُني.

وضعتُ الهاتف جانِبًا بعد أن أطفأتُ شاشته. نظرتُ إلى يوسف، إلى عالَمي الوحيد، إلى حياتي التي صنعتُها وحدي بلا مُساعدة وبلا انتظار، وابتسَمتُ. وبلحظة، أدركتُ أين تكمُنُ سعادتي الحقيقيّة.

في المساء، عندما عادَ زوجي، أخبرتُه كلّ شيء وهو استمَعَ إليّ بصمت ثمّ أمسَكَ بِيَدي بِلطف وقال:

- لا تحتاجين إليه يا هند، فلقد كنتِ قويّة طوال حياتكِ وما زلتِ كذلك.

نظرتُ إليه، إلى الرجُل الذي لَم يخذلني يومًا وشعرتُ براحة لَم أشعُر بها منذ سنوات:

- أعرِف، ولهذا لن أتّصِل به، فالماضي يبقى في الماضي. أنتَ ويوسف حاضري ومُستقبلي.

إبتسَمَ زوجي:

- إنّه قراركِ وحدكِ، وأنا معكِ في أيّ طريق تختارينَه.

إلتفَتُّ إلى يوسف الذي كان يلعَب لوحده، طفل بريء وبعيد عن كلّ تلك المسائل المُعقّدة، فنهضتُ وسِرتُ إليه وجلستُ بجانبه:

- هيا يا حبيبي، حان وقت النوم.

ثمّ أطفأتُ الضوء وتركتُ الماضي خلفي حيث ينتمي.

بعد الرسالة الأولى، توالَت الرسائل كلّ يوم. كان يبعثُ أبي رسائل صوتيّة يتحدّث فيها عن صحّته المُتدهوِرة، عن الوحدة، عن حاجته إلى رؤيتي، ويُحاوِل إثارة شفقتي وجَرّي إلى عالمه المنهار.

لكنّني لَم أرد.

وجاءَني خبَر مِن أقارِب بعيدين مفاده أنّ زوجة أبي الثانية كانت قد طردَته مِن البيت لأنّه، وبالرغم مِن سنّه، خانَها مع امرأة أصغَر منها، تمامًا كما فعَلَ مع أمّي منذ سنين. هو لَم يكن عجوزًا وحيدًا يحتاج ابنته، بل كان رجُلًا أنانيًّا لَم يتغيّر قط.

قد تكون قصّتي مصبوغة بالحزن والأسى، إلّا أنّني بالفعل سعيدة مع عائلتي الصغيرة والجميلة، فالحياة تُشفي دائمًا الجروح التي سبَّبَتها لنا، وكأنّها تعتذرُ منّا لقساوَتنا.

حاورَتها بولا جهشان

المصدر:

ال عربية

-

لايف ستايل

موقع كل يومموقع كل يوم

أخر لايف ستايل:

أبل تعترف: تحديث iOS 26 يستنزف بطارية آيفون.. وهذا هو الحل

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.

موقع كل يوم
21

أخبار كل يوم

lebanonKlyoum.com is 2160 days old | 109,607 Lifestyle Articles | 2,493 Articles in Sep 2025 | 6 Articles Today | from 18 News Sources ~~ last update: 11 min ago
klyoum.com

×

موقع كل يوم


مقالات قمت بزيارتها مؤخرا



رسالة صوتية من الماضي - xx
رسالة صوتية من الماضي

منذ ٠ ثانية


لايف ستايل

أضرار كارثية لتناول الفول يوميا فى وجبة السحور - eg
أضرار كارثية لتناول الفول يوميا فى وجبة السحور

منذ ٠ ثانية


اخبار مصر

دكتور المعتز البرير يبشر بعودة مستشفي رويال كير وفتح أبوابها لمزاولة أنشطتها الطبية والصحية قريبا - sd
دكتور المعتز البرير يبشر بعودة مستشفي رويال كير وفتح أبوابها لمزاولة أنشطتها الطبية والصحية قريبا

منذ ٠ ثانية


اخبار السودان

مصرع عامل صعقا بالكهرباء داخل مصنع سكر في قنا - eg
مصرع عامل صعقا بالكهرباء داخل مصنع سكر في قنا

منذ ٠ ثانية


اخبار مصر

العدو الصهيوني يصعد من عدوانه على الضفة الغربية المحتلة - ye
العدو الصهيوني يصعد من عدوانه على الضفة الغربية المحتلة

منذ ٠ ثانية


اخبار اليمن

الوكالة الوطنية : الطيران الإسرائيلي المسير يحلق فوق مدينة النبطية والجوار - lb
الوكالة الوطنية : الطيران الإسرائيلي المسير يحلق فوق مدينة النبطية والجوار

منذ ٠ ثانية


اخبار لبنان

اكتمال النصاب القانونى لعمومية نادي سلام بورسعيد البحري - eg
اكتمال النصاب القانونى لعمومية نادي سلام بورسعيد البحري

منذ ٠ ثانية


اخبار مصر

جريمة في المغرب.. رجل يسكب الزيت الساخن على زوجته ويفر - jo
جريمة في المغرب.. رجل يسكب الزيت الساخن على زوجته ويفر

منذ ٠ ثانية


اخبار الاردن

رئيس الوطنية للانتخابات: انتخابات الشيوخ تتم بشفافية والهيئة محايدة في مواقفها - eg
رئيس الوطنية للانتخابات: انتخابات الشيوخ تتم بشفافية والهيئة محايدة في مواقفها

منذ ٠ ثانية


اخبار مصر

الدراما المصرية تنال نصيبها من المشاهدات المغربية -صورة - xx
الدراما المصرية تنال نصيبها من المشاهدات المغربية -صورة

منذ ٠ ثانية


لايف ستايل

محافظ القاهرة ورئيس التنسيق الحضاري يبحثان تطوير وسط المدينة وأحياء القاهرة الخديوية - eg
محافظ القاهرة ورئيس التنسيق الحضاري يبحثان تطوير وسط المدينة وأحياء القاهرة الخديوية

منذ ثانية


اخبار مصر

منتخب مصر بالقوة الضاربة أمام سيراليون غدا - eg
منتخب مصر بالقوة الضاربة أمام سيراليون غدا

منذ ثانية


اخبار مصر

بورصة عمان تغلق تداولاتها على انخفاض - jo
بورصة عمان تغلق تداولاتها على انخفاض

منذ ثانية


اخبار الاردن

منتخب أنجولا يستدعي شيكو بانزا.. واللاعب يغيب عن الزمالك في القمة - eg
منتخب أنجولا يستدعي شيكو بانزا.. واللاعب يغيب عن الزمالك في القمة

منذ ثانية


اخبار مصر

أحمد عمر هاشم يوضح شروط وضوابط الاعتكاف .. فيديو - eg
أحمد عمر هاشم يوضح شروط وضوابط الاعتكاف .. فيديو

منذ ثانية


اخبار مصر

الأغوار الشمالية: مقتل شابين يثير توترا.. والأجهزة الأمنية تتحرك لإعادة الهدوء - jo
الأغوار الشمالية: مقتل شابين يثير توترا.. والأجهزة الأمنية تتحرك لإعادة الهدوء

منذ ثانية


اخبار الاردن

رسالة مؤثرة من عبدالله بوشهري بعد خضوعه لجراحة دقيقة - ye
رسالة مؤثرة من عبدالله بوشهري بعد خضوعه لجراحة دقيقة

منذ ثانية


اخبار اليمن

هل العوامل النفسية سبب القولون العصبي؟ - jo
هل العوامل النفسية سبب القولون العصبي؟

منذ ثانية


اخبار الاردن

ترامب يؤجل حظر تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة - eg
ترامب يؤجل حظر تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة

منذ ثانية


اخبار مصر

نقابة الصحفيين الفلسطينيين تطالب بتحقيق دولي بجرائم الاحتلال بحق الصحفيين - jo
نقابة الصحفيين الفلسطينيين تطالب بتحقيق دولي بجرائم الاحتلال بحق الصحفيين

منذ ثانيتين


اخبار الاردن

احتفالية عيد النيروز وختام الأنشطة الكنسية الصيفية بقبرص صور - eg
احتفالية عيد النيروز وختام الأنشطة الكنسية الصيفية بقبرص صور

منذ ثانيتين


اخبار مصر

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.






لايف ستايل