متابعات- نبض السودان

أصدر رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت قرارًا وُصف بأنه زلزال سياسي مدوٍ في المشهد الجنوبي، حيث قضى بإقالة نائبه بنجامين بول ميل من منصبه وتجريده من رتبة الفريق في جهاز الأمن الوطني إلى رتبة جندي، مع فصله الكامل من الخدمة وإعفائه من منصب النائب الأول لرئيس حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان.

قرارات مفاجئة تثير الجدل

القرارات المفاجئة التي اتخذها سلفاكير أثارت عاصفة من الجدل في الأوساط السياسية والإعلامية بجنوب السودان، إذ لم تتضح بعد أسبابها الرسمية، فيما رجّحت بعض المصادر أن وراءها صراعًا داخليًا حادًا داخل أروقة الحكم. في المقابل، نشرت منصات جنوب سودانية تصريحات نُسبت إلى بنجامين بول، تضمنت ما اعتُبر اعترافات واتهامات خطيرة ضد الرئيس سلفاكير بالخيانة وسوء استغلال السلطة.

بنجامين بول يفجّر المفاجأة

قال بول ميل في تصريحات مثيرة: 'لقد استخدمني الرئيس كير كغطاء لنهب موارد البنية التحتية، ثم تخلّى عني، لقد دمرني الرئيس بعد كل ما فعلته من أجله ومن أجل عائلته الجاحدة'. وأضاف أن الرئيس كان يطلب منه مبالغ طائلة من المال، وأنه كان يقدمها باستمرار دون مقابل سوى الغدر، على حد قوله.

صراع داخل القصر الرئاسي

وكشف بول ميل أن سلفاكير طلب منه المساعدة في إزاحة أكول كور، أحد أبرز الشخصيات الأمنية، والقضاء عليه، لكن المهمة فشلت بسبب تدخل دينق وول، القائد السابق لقوات الدفاع المدني، الذي اتهم مجتمع التونج بالوقوف وراء سقوط أكول كور. وأوضح بول أن هذا الفشل كان بداية التوتر الكبير بينه وبين الرئيس.

ريك مشار في قلب الأزمة

وفي خضم هذه الصراعات، ذكر بنجامين بول أن الرئيس كير سأله عن كيفية التعامل مع زعيم المعارضة ريك مشار، فاقترح عليه محاكمته باستخدام أحداث ناصر كأساس قانوني، ما تسبب في توتر كبير مع مجتمع النوير الذي رأى في الأمر استهدافًا سياسيًا وقبليًا، مشيرًا إلى أن الحقيقة الكاملة لم تُعرف بعد.

وعود كاذبة بالخلافة

أكد بنجامين أن الرئيس كير وعده بأن يكون خليفته في الرئاسة إذا نجح في القضاء على ريك مشار وأكول كور، قائلاً: 'أوهمني الرئيس بأنه سيعدّني كابن موثوق به، لكنه في النهاية تخلّى عني عندما فشل في تنفيذ مخططه'.

تراجع الحماية الأمنية

عقب القرارات الصادمة، قلّصت الحكومة بشكل كبير الحماية الأمنية الممنوحة لبول ميل، حيث اختفى موكبه المسلح وشاحناته الصغيرة المزوّدة بالرشاشات من تحركاته اليومية في العاصمة جوبا. وتداول ناشطون مقطع فيديو يظهر فيه بول يغادر مكتبه دون حراسته المعتادة، في مشهد يعكس عزلة واضحة عن دوائر السلطة التي كان يتصدرها حتى وقت قريب.

قرارات متناقضة من القصر

اللافت أن هذه التطورات تأتي بعد نحو شهرين فقط من قرار سابق أصدره سلفاكير بترقية بنجامين بول ميل إلى رتبة الفريق، ما يجعل قرار إقالته وتجريده من الرتبة الحالية أشبه بانقلاب داخلي مفاجئ في هرم السلطة. كما كان سلفاكير قد عيّنه مؤخرًا رئيسًا للجنة رفيعة المستوى لإدارة الحوار حول الوضع النهائي لمنطقة أبيي المتنازع عليها.