اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢٤ كانون الأول ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
مع اقتراب وداع العام 2025، يواجه الإنسان السوداني السؤال الأكثر قسوة حول ما تبقى له ليدفعه ثمناً لهذه الحرب اللعينة التي تدور بين الجيش ومليشيا الدعم السريع، فقد استنزفت الحرب الحياة والأخلاق والتعليم والصحة، مخلفةً وراءها أكبر أزمة إنسانية في العالم من حيث أعداد القتلى والجوعى والنازحين، وتكشف لغة الأرقام الصادمة عن حصاد مرير خلال عام مضى، حيث تشير تقديرات المبعوث الأمريكي والمنظمات الدولية إلى أن إجمالي القتلى منذ أبريل 2023 وحتى ديسمبر 2025 ناهز 150 ألف قتيل، مع صعوبة الحصر الدقيق نتيجة التعتيم وانهيار المرافق، فيما وثقت الأمم المتحدة مقتل قرابة 4 آلاف مدني، بينهم 191 طفلاً، في النصف الأول من عام 2025 وحده، وتركزت أبشع فصول هذه المأساة في ولايات شمال دارفور (الفاشر تحديداً) وكردفان والخرطوم.
زلزال النزوح والمجاعة والانتهاكات الجسيمة
سجل السودان أكبر حالة نزوح ولجوء على كوكب الأرض، بوصول عدد النازحين داخلياً إلى 12 مليون شخص، وتجاوز اللاجئين لدول الجوار 4 ملايين شخص، توزعوا بين مصر وتشاد وجنوب السودان وإثيوبيا وأوغندا، وبالتوازي مع هذا التشتت، يواجه نحو 26 مليون سوداني مستويات حادة من الجوع مع إعلان المجاعة رسمياً في مخيمات مثل 'زمزم' بدارفور، كما وثقت التقارير الدولية انتهاكات مروعة ارتكبتها مليشيا الدعم السريع، شملت إعدامات ميدانية ومقابر جماعية بلغت 965 مقبرة في ولايات الجزيرة ودارفور وكردفان، يُعتقد أنها تضم جثامين أسرى ومفقودين قسرياً، فضلاً عن استخدام الاغتصاب والعنف الجنسي كسلاح حرب ممنهج طال أكثر من 12 مليون شخص، ووصل الأمر إلى حد 'الاسترقاق الجنسي' واختطاف القاصرات، ما أدى لحالات انتحار بين الناجيات بسبب الصدمات النفسية والوصمة المجتمعية.
التطهير العرقي وسلاح الجوع وتدمير البنية التحتية
اتخذ النزاع في عام 2025 طابعاً عرقياً متزايداً، حيث استهدفت مليشيا الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها قبائل بعينها في دارفور والجزيرة بناءً على الهوية، وهو ما وثقته 'هيومن رايتس ووتش'، كما استُخدم الجوع كسلاح عبر منع وصول المساعدات والوقود والمياه للمدن المحاصرة مثل الفاشر وكادوقلي، وتزامن ذلك مع نهب ممنهج للمخازن الأممية والمحاصيل الزراعية، مما عجل بوقوع المجاعة في خمس مناطق رئيسية، وعلى الصعيد الخدمي، تعرضت المنظومة الصحية لضربة قاضية بخروج 80% من المستشفيات عن الخدمة، وتسجيل 671 اعتداءً على الكوادر الطبية، كما تفشت الأوبئة كالكوليرا التي سجلت 123 ألف إصابة و3500 وفاة، وحمى الضنك التي فتكت بالمئات في الخرطوم والجزيرة، مع استمرار حملات الاعتقال والتعذيب التي طالت المعلمين والمتطوعين.
انهيار قطاع التعليم وضياع مستقبل الأجيال
يُعد انهيار التعليم الكارثة الأكبر التي تهدد مستقبل السودان، حيث بقي أكثر من 17 مليون طفل خارج مقاعد الدراسة للعام الثالث على التوالي، منهم 13 مليوناً في نهاية 2025، وتضررت أكثر من 10,400 مدرسة بشكل كلي أو جزئي، بينما تحولت مدرسة من كل 10 مدارس إلى ثكنات عسكرية لمليشيا الدعم السريع أو مراكز إيواء، ولم يكن التعليم العالي بمنأى عن الدمار، حيث توقفت الدراسة في أكثر من 100 جامعة وقُدرت الخسائر المادية بنحو 3 مليارات دولار نتيجة حرق ونهب الجامعات التاريخية كجامعة الخرطوم وأم درمان الإسلامية، وفقدت البلاد 20% من أساتذة الجامعات الذين هُجروا قسرياً، فيما ظل 250 ألف مقعد جامعي شاغراً، مما ينذر بضياع جيل كامل وتحوله نحو عمالة الأطفال وزواج القاصرات والتجنيد القسري.
إحصائيات الضحايا والاحتياجات بنهاية ديسمبر 2025
تُظهر البيانات الختامية لعام 2025 حجم المأساة؛ حيث بلغ إجمالي المحتاجين للمساعدة 30.4 مليون شخص، فيما ارتفع عدد النساء المعرضات للعنف الجنسي بنسبة 80% عن العام السابق ليصل إلى 12.2 مليون امرأة، وفيما يخص الأطفال، يعاني 4.9 مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد، ويواجه مئات الآلاف منهم خطر الموت الوشيك، كما فقدت آلاف النساء العائل الوحيد، ما عرضهن لاستغلال اقتصادي وأمني حاد، وفي ظل استهداف الكوادر الطبية وعمال الإغاثة، قُتل وأُصيب واختُطف أكثر من 110 من عمال الإغاثة خلال العام، مما جعل إيصال المساعدات مهمة انتحارية في ظل استمرار العدوان الممنهج على المدنيين ومؤسسات الدولة الخدمية التي تعرضت لشلل تام.


























