متابعات- نبض السودان

بورتسودان 30-11-2025 – وسط حضور مهيب من رموز المجتمع الإعلامي والثقافي، احتضن نادي الضباط بمدينة بورتسودان مساء الجمعة مجلس عزاء فقيد الصحافة السودانية تاج السر أحمد سليمان، مدير مكتب وكالة السودان للأنباء (سونا) في مدينة الفاشر بشمال دارفور، الذي ارتقى شهيدًا أثناء أداء واجبه المهني في واحدة من أخطر البيئات خلال حصار مدينة الفاشر.

حضور واسع وتكريم الفقيد

شهد مجلس العزاء مشاركة كبيرة من الإعلاميين والصحفيين وممثلي المؤسسات الصحفية المحلية والإقليمية والدولية، إلى جانب وزير الثقافة والإعلام ومنسوبي الوزارة، وعدد من المسؤولين على المستوى الاتحادي والولائي، وخاصة وزير إعلام حكومة إقليم دارفور ووزير البنية التحتية بغرب كردفان، وعسكريين التقوا بالراحل أثناء فترة خدمته بالفاشر، واصفين إياه بأنه 'نور' سقط جسده لكن أثره باقٍ لا يندثر.

كلمات المتحدثين

ترحم المتحدثون على شهداء معركة الكرامة، وفي مقدمتهم الإعلاميين الذين دافعوا بأقلامهم وكاميراتهم لإيصال الحقيقة. وقال وزير الثقافة والإعلام والسياحة الأستاذ خالد الأعيسر: 'الحقيقة لا تنطفئ، والشعب السوداني بكل مكوناته، وفي مقدمتهم الإعلام، سيدافع عن أرضه وعرضه'.

كما أشار الأستاذ علي منصور، رئيس رابطة إعلاميي وصحفيي كردفان ودارفور، إلى شهداء العمل الصحفي الذين سقطوا وهم يؤدون واجبهم، وما زال عدد منهم معتقلين في سجون المليشيا.

تعازي دولية ومحلية

تلقى المدير العام لوكالة السودان للأنباء سيلاً من الاتصالات وبرقيات التعزية من (وكالات) دولية مرموقة، أبرزها وكالة الأنباء الصينية شينخوا ووكالة الأنباء القطرية، إلى جانب برقيات تعزية من الإعلاميين داخل السودان وخارجه، منها برقية من الكاتب الصحفي المصري عيسى جاد الكريم، مدير تحرير مجلة روز اليوسف، الذي نعى الفقيد واصفًا إياه بـ 'شهيد الكلمة والحقيقة، ورمز التفاني والمهنية والشجاعة'.

دور الفقيد ومسيرته المهنية

تقدمت مجموعة التنمية بالفقيد بتعزية رسمية، مستعرضة سيرته المهنية الممتدة لأكثر من ثلاثة عقود، منذ بداياته في إدارة الشباب والرياضة، مرورًا بوزارة الثقافة والإعلام، وصولًا إلى موقعه في وكالة السودان للأنباء، حيث ظل أحد أعمدة التغطية الميدانية في شمال دارفور، وموثقًا الأحداث بحس إنساني ومهنية عالية رغم المخاطر.

شهادة مراسل وكالة الأنباء الصينية

يصف مراسل وكالة الأنباء الصينية شينخوا، فايز الزاكي حسن، الفقيد قائلاً: 'في زمن صار فيه الخبر أثمن من الحياة، سقط تاج السر أحمد سليمان شهيد الكلمة والواجب، لكن ملامحه المبتسمة لا تزال حية في الذاكرة، كما لو أنه ما يزال واقفًا عند مدخل مكتب سونا بالفاشر، يستقبل الصحفيين بوجه منفتح ونبرة مطمئنة'.

يضيف: 'لم يُقتل تاج السر لأنه كان يحمل سلاحاً، بل لأنه كان يحمل قلمًا، واغتياله جرح مفتوح في قلب الصحافة السودانية، واتهام صريح لعالم ما زال يقتل من يحاول أن يشهد بصدق'.

إرث الفقيد وبقاء أثره

ويؤكد الزاكي أن إرث تاج السر سيبقى نبراسًا يهدي مسيرة الصحفيين، وأن صوته سيظل حاضرًا في ذاكرة المدن، في شوارع الفاشر، وفي تسجيلاته الصوتية وصوره، وفي القصص التي لم يكتبها بعد. 'اليوم، حين أمر على ذكرياته، أسمع صوت مدينة كاملة كان ينطق من خلاله'، يقول الزاكي.

سلام على تاج السر يوم اختار البقاء، ويوم وقف وحيدًا أمام الخوف، ويوم رحل دون أن يخذل الكلمة، وسلام على كل من يكتب وهو يعلم أن بعض الكلمات تُكتب بالقلب وأحيانًا بالدم.