متابعات- نبض السودان

أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن خطة جديدة لتقديم مساعدات غذائية عاجلة بقيمة 93 مليون دولار إلى السودان و11 دولة أفريقية أخرى إضافة إلى هايتي، في خطوة تستهدف مكافحة سوء التغذية الحاد بين الأطفال في عدد من أكثر المناطق تضررًا في العالم. وتشمل الدول المستفيدة جنوب السودان ومالي والنيجر وإثيوبيا والسودان ونيجيريا ومدغشقر وجمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجيبوتي وكينيا وتشاد إلى جانب هايتي

أهداف المساعدات الأمريكية

ووفق البيان الصادر عن الخارجية الأمريكية، فإن هذه المساعدات تهدف إلى علاج ما يقرب من مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، من خلال توفير أغذية علاجية جاهزة للاستخدام، حيث ستقوم منظمة اليونيسف بنقل وتوزيع هذه الأغذية في المناطق المستهدفة. وستغطي المساعدات كامل “المخزون المُخزن مسبقًا” لدى الحكومة الأمريكية، كما ستُستخدم أيضًا لإنتاج كميات إضافية لضمان استمرارية التدخل الإغاثي حتى يونيو المقبل

خلفية القرار الأمريكي

يأتي هذا الإعلان في وقت شهدت فيه السياسة الأمريكية تحولات جذرية في ملف المساعدات الخارجية، خاصة بعد تقليص إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب جميع أدوار الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في الخارج، ضمن عملية إعادة هيكلة شاملة. وقد كان لهذا التقليص، الذي خفض تمويل الوكالة التي تجاوزت ميزانيتها 35 مليار دولار في 2024، أثرٌ سلبي أثار قلق خبراء الأمن الغذائي والتنمية في أفريقيا، خاصة وأن الوكالة كانت تقدم دعمًا إنمائيًا واسع النطاق للعديد من الدول

التحول من المعونة إلى التجارة

وفي يوليو الماضي، أبلغ الرئيس ترامب الدول الأفريقية بعزمه على تغيير نهج الولايات المتحدة في المساعدات الخارجية من نموذج “المعونة” المباشرة إلى تعزيز “التجارة” كأداة للتعاون الدولي، في إشارة إلى توجه جديد قد يعيد صياغة العلاقة الاقتصادية بين واشنطن والقارة الأفريقية. ورغم هذا التوجه، فإن الإعلان عن المساعدات الجديدة يوحي بوجود حاجة إنسانية ملحّة فرضت استثناءات على السياسة العامة

آلية التوزيع والتمويل

وبحسب وزارة الخارجية الأمريكية، فإن الطرود الغذائية سيتم توفيرها من منتجين أمريكيين معتمدين، بما يضمن سرعة وصولها إلى المستفيدين بأعلى معايير الجودة والسلامة الغذائية. وتخطط اليونيسف لتوزيع المساعدات في المناطق الأكثر تضررًا، مع التركيز على الأطفال دون سن الخامسة، وهم الفئة الأكثر عرضة لمخاطر سوء التغذية الحاد

انعكاسات القرار على السودان

بالنسبة للسودان، تأتي هذه المساعدات في وقت يواجه فيه تحديات إنسانية واقتصادية متصاعدة، خاصة في ظل النزاعات والأزمات التي أثرت على الأمن الغذائي في مناطق واسعة من البلاد. ومن المتوقع أن تسهم هذه الخطوة في تخفيف الضغط على القطاعات الصحية والإغاثية التي تكافح لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان

أبعاد إنسانية وإستراتيجية

ويرى مراقبون أن إدراج السودان ضمن قائمة المستفيدين من هذه الحزمة الإغاثية يعكس إدراكًا أمريكيًا لأهمية الحفاظ على استقرار الوضع الإنساني في البلاد، خصوصًا في ظل الظروف الإقليمية المعقدة. كما قد تكون هذه الخطوة مقدمة لمزيد من التعاون الإنساني أو حتى الاقتصادي في المستقبل القريب، رغم التوجه العام نحو تقليص المعونات المباشرة

توقعات المرحلة المقبلة

من المنتظر أن تبدأ عمليات توزيع المساعدات في الأسابيع القليلة المقبلة، مع متابعة ميدانية لمدى فاعلية البرامج الغذائية في الحد من معدلات سوء التغذية. وسيكون لنتائج هذه البرامج دور مهم في تحديد ما إذا كانت الولايات المتحدة ستواصل دعمها الإنساني بنفس الوتيرة، أم ستعود إلى تشديد سياستها وتقليص تدخلاتها المباشرة