حساسية العطور لم تعد مجرد انزعاج بسيط من رائحة نفاذة، بل حالة صحية مزمنة تصيب الملايين حول العالم وتؤثر بشكل مباشر على جودة حياتهم، خاصة في ظل الانتشار الكبير للمنتجات المعطّرة في كل مكان.

ما المقصود بحساسية العطور؟

تُعرّف حساسية العطور بأنها رد فعل مفرط من الجهاز المناعي تجاه مواد معطّرة موجودة في العديد من المنتجات اليومية. وغالبا ما تُصنَّف ضمن أنواع الحساسية الجلدية؛ إذ يظهر الطفح الجلدي في أماكن مثل الوجه، اليدين، وتحت الإبط.

وبحسب تقرير نشرته دورية Everyday Health، تصيب هذه الحساسية نحو 4.5% من البالغين حول العالم، ويتم تشخيصها عادة من قبل أطباء الجلد أو مختصي الحساسية باستخدام اختبارات اللصقة الجلدية.

الأسباب الشائعة لحساسية العطور

توجد المواد المعطّرة في مجموعة واسعة من المنتجات اليومية، مثل العطور، الكولونيا، ما بعد الحلاقة، الزيوت العطرية، إضافة إلى مستحضرات العناية الشخصية كالصابون، معقمات اليدين، الشامبو، مزيلات العرق، واقيات الشمس، والمستحضرات التجميلية.

ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل تشمل المهيجات أيضا مستلزمات التنظيف مثل المنظفات متعددة الأغراض، المطهرات، صابون غسيل الأطباق، معطرات الجو، ومزيلات الروائح، إلى جانب منتجات الغسيل كمنعمات الأقمشة، منظفات الملابس، وأوراق التجفيف.

ورغم هذا الانتشار الواسع، إلا أن تحديد المادة المسببة للتحسس بدقة يُعد أمرا معقدا، نظرا لعدم إلزام الشركات المصنعة بالكشف الكامل عن مكونات تركيبة العطر.

أعراض حساسية العطور

قد تتراوح الأعراض بين بسيطة ومزعجة إلى خطيرة ومهددة للحياة، وتشمل:

أعراضا تنفسية مثل الصفير، السعال، ضيق الصدر، الشعور بالاختناق.

الصداع، انسداد أو سيلان الأنف.

التهاب الجلد التماسي التحسسي الذي يسبب الحكة والاحمرار، وقد يؤدي إلى عدوى جلدية عند تكرار الحك.

في حالات نادرة، قد تحدث حساسية مفرطة، تترافق مع صعوبة في التنفس، الدوار، الغثيان، وتسارع النبض.

كيف يتم التشخيص والعلاج؟

توضح الدكتورة تانيا إليوت، أخصائية الحساسية والمتحدثة باسم الكلية الأميركية للحساسية والربو والمناعة، أن هناك فرقا بين 'عدم التحمل' و'الحساسية'. فالأول يحدث غالبا عند التعرض لكمية كبيرة من العطر، بينما قد تحدث الحساسية حتى من كمية ضئيلة.

ويعتمد التشخيص على اختبار لصقة الجلد، حيث تُوضع مواد مهيجة محتملة على الجلد، ويتم فحص التفاعل بعد 48 إلى 96 ساعة.

وفي حال ثبوت وجود حساسية، ينصح بتجنب المنتجات المحتوية على المادة المسببة، واستعمال كريمات الستيرويد أو مضادات الهيستامين لتخفيف الأعراض.

كيف يمكن الوقاية من نوبات التحسس؟

لا يمكن منع تطور الحساسية، لكن يمكن الحد من التعرض للمحفزات عبر اختيار منتجات خالية من العطور.

ويجب الانتباه إلى أن بعض المنتجات الموصوفة بأنها خالية من العطور، فقد تحتوي على ما يعرف بالعطور المموّهة (لإخفاء الروائح غير المرغوبة).

كما ينصح باستخدام منقيات الهواء المزودة بفلاتر HEPA وتقليل التعرّض للعطور في أماكن العمل أو الإقامة.

تسبب حساسية العطور تحديا يؤثر بشكل كبير على نوعية حياة المصاب بها، خاصة في ظل الانتشار الواسع للمنتجات المعطرة في البيئات العامة والخاصة. وعلى الرغم من صعوبة تجنب جميع المهيجات، فإن الوعي بالمكونات، واختيار المنتجات المناسبة، واتخاذ الاحتياطات اليومية يمكن أن تقلل نوبات التحسس بشكل كبير.