اخبار السودان
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٢٥ تشرين الثاني ٢٠٢٥
تحولت الموارد الطبيعية إلى عناصر جذب للتدخلات الإقليمية في النزاع المستمر منذ أكثر من عامين
من الأراضي الخصبة والموقع الاستراتيجي إلى الذهب والماء، تحولت الموارد الطبيعية التي يتمتع بها السودان إلى عناصر جذب للتدخلات الإقليمية في النزاع المدمر المستمر هناك منذ أكثر من عامين.
فمنذ أبريل (نيسان) 2023 يخوض الجيش السوداني بقيادة عبدالفتاح البرهان حرباً شرسة مع قوات 'الدعم السريع' بقيادة محمد حمدان دقلو، اتخذت منحى جديداً مع سيطرة هذه القوات آخر الشهر الماضي على مدينة الفاشر في إقليم دارفور.
يحظى الجيش بدعم من مصر والسعودية وتركيا وأيضاً إيران، وتساند دولة الإمارات قوات 'الدعم السريع'، بحسب ما يؤكد متخصصون في شؤون المنطقة، فيما تنفي كل هذه الدول تقديم أي دعم مباشر لأحد طرفي القتال.
تثير الأراضي الشاسعة الخصبة في السودان، ثالث البلدان الأفريقية من حيث المساحة، شهية دول الخليج الصحراوية، الواقعة على الضفة المقابلة من البحر الأحمر، إذ طالما نظر للسودان على أنه 'سلة غذاء'.
قبل اندلاع الحرب الأخيرة، استثمرت الإمارات على نطاق واسع في السودان، حيث كانت شركاتها تدير آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية. وفي عام 2023، شكلت البذور الزيتية والأعلاف أبرز المنتجات المصدرة من السودان إلى الإمارات، بعد الذهب.
وقبل الانقلاب العسكري عام 2019، أجرى السعوديون والقطريون محادثات أيضاً في شأن استثمارات كبيرة في الزراعة بالسودان.
إضافة إلى ذلك تشير الباحثة في 'أتلانتيك كاونسيل' عليا إبراهيمي إلى موقع السودان المطل على البحر الأحمر الذي يمكنه من 'التأثير في الملاحة البحرية العالمية، والأمن والتجارة، من خلال مرافئه وقواعده البحرية'.
ويبدو أن هذا الممر الاستراتيجي الذي يعبر منه ما بين 10 و12 في المئة من بضائع العالم المنقولة بحراً، تراقبه الدول من كثب، ليس دول الخليج فحسب، بل أيضاً روسيا وتركيا اللتان حاولتا، إضافة إلى الإمارات، بناء قواعد بحرية أو الحصول على امتيازات لإدارة مرافئ هناك. إلا أن المحادثات بهذا الشأن تعثرت أو علقت.
بعد اندلاع النزاع في 2023 قطعت الحكومة السودانية العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات، واتهمتها بدعم قوات 'الدعم السريع' بالأسلحة والمرتزقة من تشاد وليبيا وكينيا وإثيوبيا والصومال، وهو ما تنفيه أبوظبي.
في مايو (أيار) الماضي نشرت منظمة العفو الدولية تحقيقاً تحدث، استناداً إلى صور وبقايا قذائف، عن وجود أسلحة صينية سلمتها الإمارات لـ'الدعم السريع'.
ومع أن دولة تشاد تقول إنها على الحياد في النزاع السوداني، فإن تقارير للأمم المتحدة وعدداً من الخبراء يتحدثون عن أن مطار 'أم جرس' هناك تحول إلى مركز لهبوط طائرات الشحن الآتية من الإمارات والمتجهة لقوات 'الدعم السريع' في إقليم دارفور.
ويرى الباحث في 'المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة العابرة للحدود' أن الشرق الليبي، الذي يسيطر عليه المشير خليفة حفتر، أصبح هو الممر الأول للإمدادات الإماراتية لـ'الدعم السريع'. ويقول إنه منذ يونيو (حزيران) الماضي 'هبطت في الشرق الليبي نحو 200 طائرة شحن عسكرية، محملة بأسلحة على الأرجح لقوات (الدعم السريع)'.
وذكر تقرير لمنظمة 'ذي سنتري' الأميركية أن معسكر خليفة حفتر مدين لأبوظبي بالدعم الذي حصل عليه منذ عام 2014، وهو 'مورد أساس للوقود لقوات (الدعم السريع)'، وبفضل هذا 'الإمداد المتواصل' يمكن لهذه القوات مواصلة عملياتها في دارفور.
بعد انفصال جنوب السودان، حيث تتركز الثروة النفطية الأكبر، عام 2011 صار الذهب هو المورد الأبرز للسودان. وقبل الحرب كان الإنتاج السوداني من الذهب يزيد على 80 طناً سنوياً، بحسب المصرف المركزي. وكان جزء من هذا الإنتاج يصدر بقيمة وصلت إلى مليارات و850 مليون دولار عام 2021، لكن منذ بدء الحرب، انحسرت صادرات الذهب الرسمية لمصلحة صادرات السوق السوداء، بحسب ما جاء في دراسة حديثة لمعهد 'تشاتام هاوس'.
وجاء في الدراسة أن 'المنافسة الاقتصادية بين الجيش وقوات (الدعم السريع) في استخراج الذهب وبيعه، هو عامل حاسم في الحرب الحالية'.
وغالباً ما يحط الذهب رحاله في آخر المطاف في الإمارات، سواء من طريق قوات 'الدعم السريع'، أو الجيش السوداني عبر مصر.
وفي العام الماضي استوردت الإمارات كمية من الذهب تعادل ضعف ما استوردته عام 2023 (29 طناً في العام الماضي مقابل 17 طناً عام 2023)، بحسب منظمة 'سويس آيد'.
وتقول عليا إبراهيمي 'لا يقتصر دور الذهب على ضمان ولاء المقاتلين أو شراء الصواريخ والمسيرات، بل هو يعطي استمرار الصراع دافعاً اقتصادياً.
زودت تركيا وإيران الجيش السوداني بمسيرات أدت دوراً حاسماً في السيطرة التامة على العاصمة، بحسب عماد الدين بادي، لكن تأثير هذه المسيرات تراجع في الأشهر الماضية بعدما حدثت قوات 'الدعم السريع' مضاداتها الجوية، وهو في رأيه أحد عوامل سقوط الفاشر.
في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، اتهم الجناح السياسي لقوات 'الدعم السريع' دولة مجاورة لم يسمها بقصف قواته بمسيرات. ووفقاً لوسائل الإعلام القريبة من 'الدعم'، هذه الدولة هي مصر.
من جهة أخرى تتهم الحكومة في الخرطوم الإمارات بتزويد 'الدعم السريع' بمسيرات صينية.
ويقول الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية تييري فيروكولون إن 'قوات (الدعم السريع)، منذ بدء النزاع، جندت مجموعة كاملة من المرتزقة من الخارج'، من بينهم سوريون وروس وكولومبيون وأفارقة.


























