في لحظة طال انتظارها من جمهور المسرح، يعود النجم الكبير يحيى الفخراني إلى خشبة المسرح القومي، ليُجسّد واحدة من أعمق التراجيديات الإنسانية على الإطلاق 'الملك لير'.

عودة الفخراني هذه المرة ليست فقط لقاء مع دور شكسبيري عظيم، بل احتفاء بمسيرة نادرة في التمثيل، ومسؤولية كبيرة لحمل عمل بحجم 'الملك لير' برؤية فنية جديدة وميزانية هي الأضخم في تاريخ البيت الفني للمسرح، وسط حماس جماهيري ترجمته تذاكر نفدت بالكامل قبل رفع الستار.

إقبال قياسي على تذاكر 'الملك لير' قبل انطلاق العرض

شهدت تذاكر عرض 'الملك لير' إقبالًا استثنائيًا منذ فتح شباك الحجز، حيث نفدت تذاكر الأسبوع الأول بالكامل قبل العرض الافتتاحي المقرر مساء الثلاثاء.

وتصدّرت المسرحية قائمة الأكثر طلبًا في الموسم المسرحي الحالي، في مؤشر واضح على الشغف الجماهيري بعودة الفخراني للمسرح.

وتُعرض المسرحية على خشبة المسرح القومي، بأسعار تذاكر تتراوح بين 60 و80 و110 جنيهات، وسط توقعات قوية بتمديد العرض لأسابيع إضافية استجابة للإقبال الواسع.

واستقبلت إدارة المسرح عروضا من مهرجانات عربية بتقديم المسرحية في عدد من الدول العربية التي ستعلن عنها لاحقاً وسط احتفاء بعودة يحيى الفخراني للمسرح.

رؤية جديدة لنص خالد

يقدم المخرج شادي سرور رؤية إخراجية جديدة للنص الشكسبيري الشهير، معتمدًا على ترجمة الدكتورة فاطمة موسى، التي تُعد من أبرز من قدّموا شكسبير بالعربية.

وتعد النسخة الحالية من 'الملك لير' الأكثر ضخامة إنتاجيًا في تاريخ عروض البيت الفني للمسرح، سواء من حيث تصميم الديكور والملابس أو العناصر الفنية المصاحبة، بما يواكب تطلعات جمهور المسرح المعاصر ويُعلي من شأن المسرح القومي كمنصة لعرض الأعمال الكلاسيكية بحُلة جديدة.

نجوم يشاركون الفخراني على الخشبة

إلى جانب الفخراني، يشارك في بطولة المسرحية نخبة من النجوم البيت الفني للمسرح، بينهم: طارق الدسوقي، عادل خلف، تامر الكاشف، ريم عبد الحليم، طارق شرف، محمد العزايزي، ومحمد حسن، ضمن توليفة تمثيلية تجمع بين الخبرة والحيوية؛ ما يعزز من قوة العمل على المستويين الفني والدرامي.

ثالث ظهور لـ'الملك لير' في مسيرة الفخراني

تُعد هذه النسخة هي الثالثة التي يقدم فيها يحيى الفخراني شخصية الملك لير، بعد أن جسّدها لأول مرة العام 2001 على نفس المسرح، ثم عاد بها العام 2019 ضمن إنتاج خاص حقق نجاحًا لافتًا.

اليوم، يعود بها مرة ثالثة لكن في توقيت مغاير، وسط تعطش جماهيري للفن الحقيقي، ولحضور نادر لفنان يُجيد اللعب على وتر المشاعر الإنسانية بأداء مسرحي عميق ومتمكن.

مأساة ملك.. ورسائل خالدة

تدور المسرحية حول ملك عجوز يُقرر تقسيم مملكته بين بناته الثلاث على أساس تعبيرهن عن حبهن له. لكن حكمه العاطفي يقوده إلى قرار كارثي، فيُكافئ النفاق ويُعاقب الصدق، ليكتشف متأخرًا خيانة من منحهن كل شيء، ويفقد كل ما يملك من سلطة ومكانة وحتى الكرامة.

و'الملك لير' ليست فقط دراما ملكٍ خذلته بناته، بل دراما إنسانية خالدة عن الغرور، والخيانة، والعدالة الغائبة، وعن قيمة الاعتراف بالحقيقة حتى لو تأخّر.