نبض السودان | رحاب عبدالله

أكد خبراء مصرفيون ومسؤولون سابقون أن بنك السودان المركزي فشل في تحقيق هدفه الرئيسي المتمثل في الاستقرار النقدي، وفقاً لما ينص عليه قانونه، مشيرين إلى أن السياسات النقدية الحالية أصبحت غير فعالة وتفتقر إلى الأسس العلمية الحديثة.

وقال مالك الرشيد، المسؤول السابق ببنك السودان المركزي، إن البنك لا يزال يعتمد على النظرية الكمية للنقود، وهي نظرية تجاوزها الزمن، ولم تثبت فعاليتها في ضبط التضخم أو استقرار سعر الصرف. وأوضح أن المعادلة التي يستخدمها البنك منذ سبعينيات القرن الماضي تركز على أربعة متغيرات فقط، دون مراعاة لتقلبات سرعة دوران النقود أو الطلب الكلي، ما جعلها غير قابلة للتطبيق العملي.

وانتقد الرشيد غياب آليات المتابعة والتصحيح داخل البنك، مشيراً إلى أن السياسات النقدية تصاغ سنوياً بأهداف فضفاضة دون نسب أو مؤشرات قابلة للقياس، كما أنها تهمل جانب الطلب على النقود، وتكتفي بالتركيز على العرض، مما أدى إلى تفاقم التضخم وتدهور قيمة الجنيه السوداني.

ودعا إلى تبني نماذج اقتصادية حديثة تأخذ في الاعتبار التركيبة النقدية للأقاليم المختلفة، وتمنح البنك استقلالية تامة بعيداً عن التدخلات السياسية، مؤكداً أن الإصلاح يبدأ بتغيير الكوادر والسياسات التي ظلت تُطبق لعقود دون نتائج ملموسة.

من جانبه، أوضح د. بدرالدين قرشي، النائب الأول لمحافظ بنك السودان المركزي، أن السياسات الحالية تركز على الحد من التوسع في عرض النقود، ومنع التسريب النقدي عبر طباعة العملة، لكنه أشار إلى أن الأدوات المستخدمة مثل الاحتياطي النقدي القانوني غير فعالة، داعياً إلى استخدام آليات مباشرة كتحريك هوامش المرابحة وتعطيل أدوات السوق المفتوح.

ويأتي هذا الجدل في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في السودان، وتصاعد معدلات التضخم، وتراجع قيمة العملة الوطنية، ما يعزز المطالب بإعادة هيكلة السياسات النقدية وتبني إصلاحات شاملة تعيد الثقة في النظام المصرفي.