اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ٢٤ كانون الأول ٢٠٢٥
24 دجنبر، 2025
بغداد/المسلة: يشير المعهد الدولي المعني بقضايا السلام إلى أن العراق يقف عند منعطف سياسي وأمني نادر، مع اقتراب اكتمال انسحاب القوات الأميركية وإنهاء ولاية بعثة الأمم المتحدة نهاية عام 2025، في لحظة تُقرأ بوصفها انتقالاً من مرحلة إدارة الأزمات وبناء القوة إلى اختبار أكثر تعقيداً يتعلق ببناء الدولة ومؤسساتها، بالتزامن مع التحضير لتشكيل حكومة جديدة بعد انتخابات تشرين الثاني 2025، وسط تساؤلات حاسمة حول ما إذا كان الإصلاح سيُعامل كخيار استراتيجي أم كورقة تفاوض سياسي مؤقت.
ومن جهة أخرى، أنهت عملية العزم الصلب التي تشكلت عام 2014 حقبة طويلة من الحضور العسكري الأميركي المباشر، بعد أن مثلت العمود الفقري للدعم الأمني طوال عقد كامل، ومع اكتمال الانسحاب بنهاية 2025 تنطوي صفحة أكثر من عشرين عاماً من المساعدة الأمنية، بالتوازي مع إغلاق ملف الانخراط السياسي الأممي، لتكون هذه المرة الأولى منذ 2003 التي يغيب فيها فاعل دولي رئيس عن قلب منظومة الحوكمة الأمنية والسياسية في البلاد.
وفي المقابل، تبرز مخاوف داخل الأوساط السياسية والأمنية من تداعيات هذا الفراغ، في ظل تعقيدات ملف الفصائل المسلحة، وضغوط اقتصادية محتملة، ومخاطر أمنية مرتبطة بإمكانية عودة نشاط تنظيم داعش، وهي تحديات لا يمكن التقليل من شأنها، لكنها تفتح في الوقت ذاته نافذة لإعادة توجيه البوصلة من بناء وحدات قتالية إلى بناء مؤسسات قادرة على إدارة تلك الوحدات وحوكمتها.
وبالموازاة، أظهرت سنوات المساعدة الأمنية تركيزاً على التدريب والتجهيز السريع، ما أسفر عن وحدات عالية الكفاءة، لكنها بقيت مرتبطة بالدعم الأميركي في مجالات الإسناد الجوي والاستخبارات واللوجستيات، دون تأسيس بنية مؤسسية تضمن استدامتها أو تنسيقها مع بقية الأجهزة الأمنية المتداخلة.
وفي السياق ذاته، حدّ تفضيل الحلول الأمنية السريعة من فرص تطوير مؤسسات قادرة على التخطيط طويل الأمد، وأضعف بناء هيكل أمني شامل ينسق بين الدفاع والداخلية وجهاز مكافحة الإرهاب وقوات الحشد، رغم محاولات متفرقة لتحسين الحوكمة وبناء القدرات الإدارية والدفاعية، بقي أثرها محدوداً بسبب هيمنة الدعم العملياتي الخارجي وتأجيل كلفة الإصلاح السياسي.
واليوم، يبرز لأول مرة منذ سنوات هامش أوسع للإصلاح المؤسسي، مع تصاعد خطاب السيادة وتراجع المظلات الدولية، حيث يدرك جزء من النخبة أن المنظومة الأمنية الحالية غير قابلة للاستمرار من دون مؤسسات أقوى وأكثر انضباطاً.
لكن في المقابل، يظل الاقتصاد السياسي العائق الأكبر، مع شبكات محاصصة تستفيد من غياب الشفافية ودورات انتخابية تعيد خلط التحالفات وتبديل القيادات، ما يضرب الاستمرارية المؤسسية ويعمق فجوة الثقة مع الشارع، ويجعل الحكومة المقبلة أمام اختبار مفصلي بين الإصلاح الحقيقي أو إعادة إنتاج التسويات القصيرة.
ومن زاوية إقليمية، يبرز الانفتاح على الشراكات الخليجية كأحد مسارات دعم الاستقرار، عبر الاستثمار والتعاون الحدودي والبنى التحتية، في وقت بات فيه مستقبل العقد المقبل مرهوناً بقدرة العراق على الوقوف بذاته، وقبول كلفة الانضباط المؤسسي، وسط تقدم متدرج ومليء بالعثرات، لكنه ربما الأكثر وعداً منذ عقدين.
About Post Author
Admin
See author's posts






































