26 شتنبر، 2025

بغداد/المسلة: ركزت التحركات السياسية لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في الفترة الأخيرة على مسعى واضح لاستثمار النفوذ الأمريكي في تعزيز موقعه الداخلي، واستهدف من خلاله بناء أوراق ضغط خارجية تكمل قوته على الأرض المحلية، لكنها اصطدمت بحواجز غير متوقعة في واشنطن، حيث بدا الافتقار إلى تفاعل رسمي وإشارات برود واضحة مؤشرًا على تراجع الثقة وتدني وزن مبادراته في العواصم الكبرى، ما يعكس هشاشة القاعدة الدبلوماسية التي يسعى لتكوينها.

وراوحت محاولات السوداني بين استخدام لوبيات سياسية ومالية تضخ موارد كبيرة في الإعلام والسياسة الأمريكية وبين تقديم امتيازات دبلوماسية واقتصادية بهدف الحصول على لقاءات رمزية مع شخصيات نافذة، لكن التجاهل الأمريكي لم يترك سوى انطباع واضح بأن الإدارة الحالية ترفض الانخراط في دعم سياسي مباشر، مستندة إلى التعقيدات الداخلية للعراق والملفات الحساسة التي تفرض قيودًا على أي تدخل خارجي، مما يطرح سؤالًا استراتيجيًا عن حدود تأثير النفوذ المحلي عند مواجهة إدارة أجنبية محافظة على مصالحها الإقليمية.

وأدى هوس السوداني بالظهور الإعلامي الخارجي إلى إحداث خلل في اتزانه السياسي، إذ تحولت مبادراته إلى أدوات لتحقيق صور إعلامية بدلًا من أن تكون استراتيجيات مدروسة، ما انعكس على ملفات حساسة تتعلق بسيادة الدولة وقدرتها على إدارة مصالحها دون تدخلات خارجية، فيما بدا أن تحركاته توفر فرصًا أوسع لجهات خارجية للعب دور أكبر في صناعة القرار العراقي، وهو ما يسلط الضوء على هشاشة الاستراتيجيات السياسية المعتمدة على الزخم الشخصي بدلًا من بناء تحالفات متينة.

وواجه السوداني في الداخل تحديات واضحة تتمثل في تراجع القبول الشعبي لفكرة ولاية ثانية، حيث لم تتمكن الحملات التجميلية من خلق توازن بين الصور الإعلامية الإيجابية والواقع السياسي، مما يثير جدلًا حول ما إذا كانت صوره الرمزية مع شخصيات أجنبية قادرة على تغيير معادلة القوة داخليًا، أو أن الواقع السياسي والاجتماعي سيحسم اللعبة قبل أن تتمكن أي حملة انتخابية من تحقيق أهدافها.

و الرهانات على الدعم الخارجي والتحركات الرمزية تكشف عن هشاشة الاستراتيجيات الشخصية في السياسة العراقية المعقدة، وما إذا كان الاعتماد على النفوذ الإعلامي والدبلوماسي قادرًا على مواجهة توازنات القوى الداخلية والخارجية المتشابكة.

About Post Author

moh moh

See author's posts