اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ٢٥ كانون الأول ٢٠٢٥
25 دجنبر، 2025
بغداد/المسلة: تبدو سنة 2025، وفق قراءات تحليلية متقاطعة، محطة كاشفة أكثر منها سنة استقرار مالي، إذ تفضح مع كل تذبذب في أسعار النفط حدود النموذج الاقتصادي العراقي القائم على مورد أحادي، وتعيد طرح السؤال الجوهري حول قدرة المالية العامة على الصمود خارج مظلة العوائد النفطية، وما إذا كانت سنة 2026 ستفتح نافذة إصلاح حقيقي أم تعمّق مسار إدارة الضغوط.
ويشير تحليل اقتصادي متداول إلى أن العام الحالي اتسم بضغط مالي متراكم، لا بعجز مفاجئ، مع استمرار اعتماد الدولة على النفط لتأمين أكثر من 90 بالمئة من إيراداتها، مقابل مساهمة هامشية للإيرادات غير النفطية، لا تنسجم مع حجم النشاط التجاري والاستهلاكي داخل البلاد. ويبرز هذا الخلل بوضوح في بنية الموازنة التي تبتلع فيها الرواتب والدعم والتحويلات الجزء الأكبر من الإنفاق، بينما يتقلص هامش الاستثمار القادر على إحداث تحوّل اقتصادي فعلي.
ومن جانب آخر، تكشف المؤشرات أن العجز المالي بات بنيوياً، يُدار عبر الاقتراض وتأجيل الالتزامات أكثر مما يُعالج بإصلاحات جذرية. ويضغط هذا النهج على مرونة الدولة المالية مع ارتفاع كلفة خدمة الدين، وتراجع القدرة على المناورة أمام أي صدمة خارجية محتملة في أسعار النفط أو كميات التصدير.
وتتجه القراءة ذاتها إلى توصيف نمو 2025 بأنه نمو رقمي هش، مرتبط بحركة أسعار النفط، لا بإنتاج حقيقي متنوع. وتبقى القطاعات غير النفطية، وعلى رأسها الصناعة والزراعة والخدمات، دون طاقتها الكامنة، في ظل بيئة مثقلة بإجراءات معقدة، وتمويل محدود، وعدم استقرار تشريعي، ما يحد من دور القطاع الخاص ويكرّس الاعتماد على التوظيف الحكومي كأداة لامتصاص البطالة.
وفي هذا السياق، تتقلص مساحة المناورة في الموازنة مع ثبات بنود الإنفاق الجاري، وتكرار العجز، وتزايد الاعتماد على الاقتراض الداخلي. ويعني ذلك أن أي اهتزاز في الإيرادات سيدفع نحو خيارات صعبة، غالباً ما تمس الإنفاق الاستثماري والخدمات، بما يفاقم هشاشة النمو.
وعند الانتقال إلى أفق 2026، تبرز السنة المقبلة كنقطة مفصلية بين مسارين. ويتمثل الأول في الاستمرار بالنهج الحالي، بما يحمله من مخاطر اتساع العجز وتصاعد الدين، وربما ضغوط نقدية إذا جرى تمويل الفجوات بوسائل غير مدروسة. أما المسار الثاني، فيقوم على استثمار العام المقبل كبداية لتصحيح مالي تدريجي، عبر ضبط الإنفاق الجاري، وتوسيع الإيرادات غير النفطية، وتحفيز القطاعات الإنتاجية، وبناء هوامش أمان مالية من أي فوائض محتملة.
وتخلص القراءات الدولية إلى أن الاقتصاد العراقي لا يواجه أزمة ظرفية، بل نموذجاً مثقلاً بالاختلالات، من اعتماد مفرط على النفط، إلى نظام مالي محدود الفاعلية، وبيئة استثمارية متأثرة بالفساد وضعف الحوكمة، إضافة إلى ضغوط المياه والمناخ التي تزيد الأعباء طويلة الأمد.
About Post Author
زين
See author's posts






































