اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢ أيار ٢٠٢٥
الكلاكلة- نبض السودان
عادت مظاهر الحياة تدريجياً إلى منطقة الكلاكلة في جنوب العاصمة السودانية الخرطوم، رغم بقاء الوضع الأمني هشًا واستمرار القصف المتقطع في مناطق متفرقة من المدينة التي أنهكتها الحرب.
فقد رصد مراسلو وكالة الأنباء الفرنسية مشاهد لبائعين عادوا إلى سوق كلاكلة اللفة، وهو أحد الأسواق الحيوية جنوبي الخرطوم، حيث أعاد التجار نصب مظلاتهم القماشية المتهالكة، وسط أكوام النفايات التي لم تُرفع منذ أيام، في مشهد يعكس صراعًا بين الأمل والدمار.
آثار الحرب لا تزال ظاهرة في كل زاوية
يتجول محمد المهدي على دراجته النارية وسط الشوارع المحطمة، التي امتلأت بسيارات محترقة ومبانٍ تكسوها ثقوب الرصاص، في حيٍّ كان يومًا ما أحد أحياء العاصمة المكتظة.
وقال المهدي لوكالة الأنباء الفرنسية إن الكلاكلة تعرضت لـ'تدمير ونهب واسع'، لكنه رغم ذلك يشعر بالسعادة لعودة الحياة إلى منطقته، مؤكدًا أن ما مرّ به السكان لا يمكن أن يُنسى بسهولة.
الكلاكلة تستعيد بعض نبضها
قبل أسابيع قليلة، كانت السوق التي تعج بالحركة اليوم، صامتة وخالية تمامًا من البشر. لكن منذ سيطرة الجيش على أجزاء كبيرة من العاصمة، بدأت ملامح الحياة تعود تدريجيًا، رغم أن أصوات المدافع لم تختفِ بعد.
وبحسب مراقبين، فإن العاصمة تعيش حالة 'هدوء حذر'، يقطعه بين الحين والآخر قصف متجدد من قوات الدعم السريع على مواقع في وسط الخرطوم.
سيطرة الجيش تعيد الأمل للسكان
أعلن الجيش في مارس الماضي 'تحرير' الخرطوم من قوات الدعم السريع، وذلك قبيل الذكرى الثانية لاندلاع الحرب في أبريل 2023. ورغم ذلك، ما زالت قوات الدعم السريع تحتفظ بوجود قوي في مناطق جنوب وغرب أم درمان، وتشكل تهديدًا مستمرًا للعاصمة.
الحرب التي دخلت عامها الثالث أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف، ونزوح أكثر من 13 مليون سوداني، في واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، وفقًا للأمم المتحدة.
أسواق وخدمات تعود تدريجياً
داخل السوق، يقف مقبول عيسى محمد، أحد الباعة، محاطًا برصات من الخضروات والموز، ويقول بثقة: 'الحياة طبيعية، الأمن مستتب، والتجارة مستمرة'، مضيفًا أن الأهالي عادوا تدريجيًا لممارسة حياتهم، وسط أمل خافت بانفراج قريب.
وفي مشهد لافت، عادت 'ست الشاي' لتقديم أكواب الشاي الساخن للمارة، وهو مشهد يرمز إلى عودة الحياة اليومية رغم المعاناة.
نزوح ومجاعة.. ثم محاولة للعودة
تشير تقارير إلى أن أكثر من 3.5 مليون شخص نزحوا من الخرطوم وحدها، نتيجة المعارك الشرسة بين الجيش والدعم السريع، بينما يعيش مئات الآلاف ممن لم يغادروا في ظروف قاسية ومهددين بالمجاعة.
ورغم هذا، تتوقع المنظمة الدولية للهجرة أن يعود نحو مليوني شخص إلى الخرطوم خلال الأشهر الستة القادمة، شريطة تحسّن الوضع الأمني.
لكن الهجمات المتكررة من قوات الدعم السريع على العاصمة تجعل هذه التوقعات محفوفة بالمخاطر، وتضع مستقبل الخرطوم على المحك.
منطقة استراتيجية تستعيد عافيتها
يقع حي الكلاكلة على الطريق الرابط بين الخرطوم وجبل أولياء، وهو ما يمنحه أهمية استراتيجية، خصوصًا بعد أن استعاد الجيش السيطرة على معاقل سابقة لقوات الدعم السريع في المنطقة.
ويشير السكان إلى أن الدعم السريع كان قد حاصر المنطقة في بدايات الحرب، ومنع دخول الغذاء وخروج السكان، مع تسجيل حالات اقتحام ونهب واسعة للمنازل.
الكلاكلة تصبح محورًا للمواصلات
رغم ضعف الحركة، عاد موقف حافلات 'كلاكلة اللفة' للعمل مجددًا، وإن كانت المواصلات لا تزال محدودة بفعل دمار البنية التحتية والمخاوف الأمنية.
وباتت الكلاكلة تشكل طريقًا رئيسًا يربط بين الخرطوم وولايات الجزيرة وكردفان، وهو ما يفسر الاهتمام بإعادة الحياة إليها.
تعهدات رسمية بإصلاح الخدمات
في ظل الحاجة الماسة للخدمات الأساسية، كان والي الخرطوم قد تعهّد في مطلع أبريل بإعادة خدمات المياه إلى الكلاكلة، التي عانت من حرمان تام من المياه خلال الأشهر الماضية.
ومع ذلك، لا تزال المنطقة تنتظر تنفيذ هذه الوعود وسط مطالبات متكررة من المواطنين بتحسين الخدمات وتوفير الحد الأدنى من مقومات الحياة.
سكان المنطقة: لا نأسف على المال بل على الدماء
يقول سر الختم شبتي، أحد البائعين في السوق: 'أنا لست حزينًا على المال الذي خسرته، بل على كل قطرة دم سالت في هذه البلاد'، وهي عبارة تلخص المعاناة الإنسانية العميقة التي خلفتها الحرب.
ورغم الألم، يعلو صوت الأمل بأن تكون هذه العودة الجزئية للحياة في الكلاكلة بداية لانفراج أوسع في بقية أنحاء العاصمة.