تخيّل أن تنام في غرفة تشكّلت جدرانها وسقفها وأثاثها من كتَلات الثلج والجليد، وأن تمضي ليلتك في مكان تبقى فيه الحرارة تحت الصفر… هذه ليست رواية خيال، بل حقيقة ماثلة في فندقٍ يُعد من أعاجيب الضيافة الشتوية. نتحدّث اليوم عن Icehotel في قرية يُوكّاسيارفي (Jukkasjärvi) شمال السويد

أول فندق في العالم مشيد بالكامل من الجليد

يقع الفندق على بُعد نحو 17 كيلومترًا من مدينة Kiruna في منطقة لابلاند السويدية، ويُبنى سنويًّا من كتلٍ من الجليد تُستخرج من نهر Torne River المجمد.

عملية البناء تبدأ مع حلول الشتاءِ في نوفمبر تقريبًا، وتتم إزالة القوالب بعد التجمد، ثم يتم ترتيب الجدران والغرف، الفندق يفتح للزوار والمبيت من منتصف ديسمبر حتى تقريبًا نهاية أبريل، إذ مع ارتفاع الحرارة يبدأ في الذوبان.

التصميم والمواد

كل شيء تقريبًا في الفندق والجدران، السقف، الأسرة، حتى كُؤوس البار مصنوعه من الجليد أو الثلج. يستخدم مزيجًا خاصًّا يُدعى «سنِس» (snice) وهو من الثلج والماء والهواء، لتشكيل المواد الإنشائية وكل سنة تُعدّ فيها أجنحة فنية صمّمها فنانون من جميع أنحاء العالم، وتتغيّر التصاميم رأسا على عقب.

تجربة الإقامة

إقامة في Icehotel ليست كأي إقامة فندقية عادية، بل مغامرة فريدة:

درجة الحرارة داخل الغرف تبقى بين ‑5 إلى ‑8 درجات مئوية تقريبًا، لذا تُمنح النزلاء أكياس نوم خاصة وجلود حيوان الرّنّة.

الحمامات المدفّأة تقع غالبًا في منطقة منفصلة عن الجليد.

هناك بار جليدي يتم فيه تقديم المشروبات في أكواب من الجليد، وأجواء كلها ثلجية وفنّ ح carving الجليد جزء من العرض.

الإضاءة والتصميم الداخلي يشكّلان معرضًا فنيًّا بحدّ ذاته، إذ الفنانون يُبدعون في تجسيد أفكارهم في الجليد.

الاستدامة والابتكار

الفندق يُعد نموذجًا للابتكار والإبداع في مجال الضيافة والعمارة المؤقتة:

يجمع بين البناء من مواد طبيعية (الجليد من نهر محلي) والتصميم المعاصر.

أحد فروع الفندق يُدعى Icehotel 365 يعمل طوال السنة باستخدام طاقة شمسية للحفاظ على البرودة حتى في الصيف.

بتغيّر التصميم كلّ عام، يُعبّر عن الاستدامة من حيث إعادة استخدام المواد (الجليد يذوب ويعود إلى الطبيعة) وإعادة البناء من جديد.

لماذا تستحق الزيارة؟

لأنها تجربة لا تُنسى: النوم في غرفة جليدية، رؤية نور الشفق القطبي في لابلاند، الشعور بالمضاء والبرودة في آن.

لأنها تجربة فنية أيضًا: كل جناح يُعدّ قطعة فنّية يصنعها فنانون محترفون.

لأنها تمزج الطبيعة، العمارة، الفن، والتجربة الحسية البحتة.

النصائح للزائرين

ارتدِ طبقات متعددة من الملابس الحرارية، خاصة الليل حين تنخفض الحرارة أكثر.

احجز مسبقًا: المواسم تكون مكتظة، والتصاميم الخاصة تُحجز سريعًا.

فكّر في الإقامة لليلة واحدة فقط في الغرفة الجليدية ثم انتقل إلى غرفة عادية إذا رغبت في دفء أكبر.

استفد من الأنشطة المحيطة: التزلّج بالزلاّجات، ركوب الكلاب، ربما رؤية الشفق القطبي إن صادفت موسمًا مناسبًا.

تأكَد من أن معداتك الإلكترونية – كاميرا، هاتف – تحتفظ ببطاريتها، فالبرودة تؤثر عليها.

إنّ فندق الجليد في لابلاند هو أكثر من مجرد مكان للإقامة؛ هو سيرةٌ مبتكرة في الضيافة، ومعلَمٌ فريد للاطّلاع على كيف يمكن لـ الذكاء الاصطناعي التخيلي والابتكار والبيئة أن تتقاطع في تجربة بشريّة لا تُنسى. وإن كنت تسمو إلى رحلةٍ خارج حدود المألوف، فها هو هذا الفندق ينتظر أن تكتشفه.