لايف ستايل
موقع كل يوم -فوشيا
نشر بتاريخ: ١١ أب ٢٠٢٥
إذا خططت لزيارة باريس في فصل الصيف، فقد تجد برج إيفل أطول قليلًا مما هو عليه في الشتاء. هذه الزيادة ليست خدعة بصرية، بل حقيقة فيزيائية مسجّلة، تعود إلى تمدد الحديد بفعل الحرارة.
تاريخ تصميم برج إيفل وارتفاعه الأصلي
شُيّد برج إيفل عام 1889 ضمن فعاليات معرض باريس العالمي، بتصميم فريق المهندس غوستاف إيفل، وكان يُعرف آنذاك باسم 'برج 300 متر' نسبةً إلى ارتفاعه القياسي وقتها. ورغم أن الارتفاع المعلن هو 300 متر، إلا أن البرج لا يحافظ على نفس الطول على مدار السنة.
كيف يتغير طول البرج؟
في أشد أيام الصيف حرارة، يتمدد الحديد المكوّن للبرج بضعة سنتيمترات، قبل أن يتقلص مجددًا مع برودة الشتاء. هذا التمدد الموسمي يكفي أحيانًا لرفع قمة البرج فوق خط تصميمه الأصلي، حسبما أوضح المهندس المعماري والأستاذ الجامعي فيديريكو دي إيسيدرو غورديخويلا في مقال علمي نشره على موقع The Conversation.
لماذا يتمدد الحديد تحت أشعة الشمس؟
تتمدّد جميع المواد الصلبة عند ارتفاع حرارتها، لأن الطاقة الحرارية تجعل ذراتها تهتز بسرعة أكبر، مما يزيد المسافة بينها.
يعتمد حجم التمدد على:
معامل التمدد الحراري للمادة.
طول القطعة المعدنية.
مقدار التغير في درجة الحرارة.
بالنسبة للحديد المستخدم في برج إيفل، يبلغ معامل التمدد الحراري نحو 12 × 10⁻⁶ لكل درجة مئوية. عمليًا، يعني ذلك أن قضيبًا بطول متر واحد يزداد طوله بمقدار 12 ميكرومترًا فقط لكل درجة حرارة إضافية، وهو أرق بكثير من شعرة الإنسان.
من المليمتر إلى عشرات السنتيمترات
عندما تُطبّق هذه النسبة على أبعاد برج إيفل، تصبح الزيادة واضحة: قضيب بطول 100 متر مع تغير 100 درجة مئوية يمكن أن يتمدد 12 سنتيمترًا.
بطول البرج البالغ 300 متر، يمكن أن يصل التمدد النظري إلى 36 سنتيمترًا (حوالي 14 بوصة).
لكن القياسات الواقعية التي يرصدها المهندسون تشير إلى زيادة فعلية تتراوح بين 12 و15 سنتيمترًا (5 إلى 6 بوصات) في الصيف، بعد احتساب شكل البرج الثلاثي الأبعاد، والمفاصل المبرشمة، وعدم تجانس التسخين.
البرج يميل مع الشمس
لا يتوقف تأثير الحرارة على الطول فقط، إذ يسبب التسخين غير المتساوي ميلان البرج قليلًا باتجاه الجهة المقابلة للشمس. فحين يسخن أحد أوجه البرج أكثر من الآخر، يتمدد ذلك الجانب أكثر، مما يخلق انحرافًا طفيفًا لا يلحظه الزوار، لكنه ملحوظ في القياسات الدقيقة.
ظاهرة فيزيائية يومية
التمدد الحراري ليس أمرًا فريدًا ببرج إيفل، بل هو حقيقة أساسية في تصميم الجسور، وخطوط السكك الحديدية، والهياكل المعدنية الكبرى. لكن البرج يقدم مثالًا بصريًا لافتًا لهذه الظاهرة، حيث يتحول التغير الذري في المسافات بين الذرات إلى حركة يمكن قياسها بالمتر.
تذكير بأن الصروح ليست جامدة
في كل صيف، يصبح برج إيفل الذي يزين البطاقات البريدية أطول قليلًا وأكثر ميلًا مما هو عليه في الشتاء، في تذكير أن حتى أضخم الهياكل تتأثر بهدوء بالتغيرات الدقيقة في حرارة العالم من حولها.