انت تريد وانا اريد والله يفعل ما يريد .. هكذا يهدينا الايمان بقضاء الله وقدره .. بخيره وشره وحلوه ومره شاء من شاء وأبي من أبي .. وربما هذه اهم مفاتيح القلب بالقبول او الرفض حتي بما قد يرفضه العقل احيانًا ويقبله القلب احيانًا وما تمليه البصيرة قبل البصر احيانًا سعيًا وراء الحقيقة او الصواب في كل من الحياة الدنيا وحياة الاخرة باذن الله وحده قبل افعال البشر انفسهم .. هذا مجرد قيض من فيض المشاعر والاحاسيس وربما القيم بعد المشاهدة الممتعة لمسلسل تامر محسن تأليفًا وإخراجًا.

ويعد تامر محسن أحد ابرز علامات الجودة في الانتاج التليفزيونية في السنوات الأخيرة بسلسلة من الأعمال الدرامية المميزة للغاية .. ربما كان لدراسته لفن العمارة والهندسة والبناء الاثر الكبير قبل دراسته للسينما فيما بعد ..ثم كان البدء مساعدًا للإخراج في البرنامج العالمي للاطفال عالم سمسم مما جعل اساسه في البناء الدرامي تأليفًا وإخراجًا متيناً للغاية .. ولذا عظم ابداعه او جودة إحسانه فيما يؤلف ويخرج فيما بعد بأعمال فنية مميزة علي مدار عقدين من الزمن.

وبالعودة لمسلسل قلبي ومفتاحه تحديدًا والذي تم غزل مشاهده باحترافيه عالية واتقان شديد مع الكاتبة مها الوزير .. وكونا فريقًا من ملك التأليف والإخراج ووزيرة الكاتبة أبدعا سويًا في رسم الشخصيات قبل المشاهد بأدق التفاصيل بالرغم من قدرية المواقف والمفارقات بترتيب الهي قدري وانساني منطقي وبروح من الرضا والرومانسية الطاغية رغم اشد لحظات القسوة والعنف والحركة (الاكشن) احيانًا .. إلا ان المشاهد والمواقف والحلقات غزلت بعناية فائقة دون افتعال غير منطقي او انفعال غير مبرر.

في حلقات يربطها خط درامي واحد اساسي وصراع واضح محدد وان حملت كل حلقة تيمة محددة مقتبسة من اسماء وروح اشهر الافلام العربية الرومانسية و ابتداء من اسم المسلسل ذاته 'قلبي ومفتاحه' لفريد الأطرش ولعل صناع العمل أرادوا ان يربطوا بإحساسهم المرهف المشاهد والمتلقي بأحداث واقعية شاهدناه سابقًا ما بين واقعية الزمن الجميل والانتقال الي الزمن الحاضر او ربما الاجمل بكل تفاؤل ورضا وايجابية وذلك بالتذكير او استحضار الاعمال الفنية السابق المذكورة في كل حلقة علي حده وفي المسلسل ككل.

اداء مميز للغاية لجميع ابطال وممثلي العمل وان كان البعض منهم قد بدا اكثر تميزا من غيرهم يتقدمهم آسر ياسين ومي عز الدين بطل العمل .. وربما ظهر البعض الاخر في بعض الحلقات مبالغًا نسبيًا إلا أنها علي مايبدو مبالغة مقبولة وموزونة قرب النهايات .. أجاد آسر ياسين في التمثيل بأريحية فائقة وسلاسة متناهية العظم .. كذلك نضج اداء مي عز الدين نضوجًا مميزًا لا يعتمد علي الجمال وحده في معظم الاحوال والحلقات رغم تحولاتها المفاجئة احيانًا إلا انها كانت تلقائية ومبدعة حقا ضمن حدود الشخصية.

وكذلك ابدعت كل من العتاولة سما إبراهيم وعايدة رياض ومحمود عزب في اداء سهل ممتع وممتنع عن المبالغة وان تميز الأخير بحلاوة وطلاوة الطعمية البلدي الذي اكسبها المسلسل احلي رواج .. اما اشرف عبدالباقي ودياب كثيرا ما أشعرا المشاهد بأنهما يمثلان او يؤديان ادوارا لغيرهما من الشخصيات واحيانًا تطل منهما الموهبة الحقيقة غير تقليدية والعفوية في بعض المواقف والحلقات .. وربما اثرت تجربة مسرح مصر علي زيادة تلقائية اشرف عبدالباقي المعهودة في السابق ولكنها بدت مسرحية في بعض المشاهد.

كما ان دور اسعد ربما ايضا قد بدا اكبر من امكانيات دياب احيانًا خصوصًا في الحلقات الاولي للمسلسل .. إلا انهما واقصد اشرف عبدالباقي ودياب تحديدا قد تجاوزا ذلك بمراحل بعيدة في الحلقات الثلاثة الاخيرة علي وجه التحديد .. كما برز ضيف الشرف الممثل عمر السعيد في تقديم الحزم والطيبة معًا في الحلقتين الاخيرتين ويبدو انه قد اصبح متخصصًا في ادوار ضباط الشرطة وان كانت بداياته المدنية العادية في مسلسلات سابقة ارق واحلي واجمل واتمني الا يحبس نفسه في هذا الاطار إذا استطاع.

ويأتي مسلسل قلبي ومفتاحه ليفتح للمشاهد العربي من جديد ابواب الرومانسية في عصر افتقدناها كثيرًا بكل تأكيد ومعها العديد من القيم الطيبة مثل الرضا والتسامح او حتي العفوية او التلقائية بعذوبة شديدة .. فقد اتي مسلسل قلبي ومفاتيحه ليوقظ في وجدان المشاهد العربي هذه المشاعر والاحاسيس بتلك المفاتيح القلبية الإبداعية الدرامية خلال 15 حلقة من الابداع والإمتاع وان تخللها الكثير من اللعب علي البهارات المشهيات التجارية المتعارف عنها حاليًا ولكن بتوظيف مريح وسلسل كأن صناعيه يريدوا ان يعبّروا للمشاهد علي قدرتهم علي تقديم ذلك ولكن دون إسفاف او تهريج او ابتذال .. مع التركيز علي اللعب باحترافية علي العديد من محاسن الصدف او عجائب الزمن وعواقب وتداعيات الأقدار بخيرها وشرها احيانًا ودائمًا بكل أريحية وتسامح بلا تجاوز وكذلك العقلية العلمية السليمة في حل الكثير من الأمور بالفيزياء او القانون او التفكير السليم عمومًا.

ويبقي الرضا والتسليم بقضاء الله وقدره والحرص علي الاخذ بالاسباب القويمة للتخلص من المصاعب والمصائب والنكبات بروح ايجابية متفائلة كما ظهر لنا في نهاية او ختام المسلسل المميز للغاية برغم البوليسية والجريمة والاكشن كما جاءت النهاية بطعم الرومانسية وختام المحبة والتي ذكرتنا بمشاهد فيلم حبيبي دائمًا لنور الشريف وبوسي في لقطات الشتاء علي البحر الجميل في الساحل الشمالي محرضًا علي المزيد من الرومانسية رغم عنف أمواجه وشدة برودة طقسه وتبقي الرومانسية سيدة للموقف والمشاهد والمسلسلات في عالم عزت فيه المشاعر الطيبة ومنها الرومانسية بكل تأكيد.