اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ١٩ تشرين الثاني ٢٠٢٥
متابعات – نبض السودان
بعد مرور 20 عام على حرب دارفور التي شهدت بعضا من أسوأ الفظائع في مطلع القرن الحادي والعشرين، يقول بعض السودانيين الذين نزحوا من الإقليم ويعيشون اليوم في الشتات 'إن الكابوس قد عاد، وكأنه لم ينتهِ أبداً'.
حيث أعادت مشاهد العنف في مدينة 'الفاشر'، بعد سقوطها في قبضة ميليشيا 'الدعم السريع'، ذكريات المذابح التي شهدها الإقليم قبل عقدين.
حيث أعلنت قوات 'الدعم السريع' سيطرتها على الفاشر في نهاية أكتوبر الماضي، آخر المعاقل الرئيسية للجيش السوداني في دارفور، لتخرج بعدها شهادات عن إعدامات ميدانية ومجازر وعنف جنسي وهجمات استهدفت عمال إغاثة، إضافة إلى عمليات نهب وخطف واغتصاب، في وقت لا تزال فيه الاتصالات مقطوعة إلى حدّ كبير.
وحذّرت الأمم المتحدة من إعدامات تُرتكب على أساس عرقي على يد ميليشيا 'الدعم السريع' المنبثقة مما كان يُعرف أثناء حرب 2003 باسم ميليشيا 'الجنجويد' التي ارتكبت الفظائع حينها في دارفور.
بيان للجنائية الدولية يثير سخرية وغضب السودانيين والعرب
في ظل الأحداث المأساوية التي تشهدها مدينة الفاشر عاصمة ولاية دارفور، والتي تعيش واحدة من أكثر الفترات دموية منذ اندلاع الحرب في السودان، أصدرت الجنائية الدولية إعلان أثار غضب واسع في الأوساط السياسية والإعلامية والشعبية السودانية والعربية.
حيث طلب ممثلو الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية، في 17 نوفمبر الجاري بالسجن المؤبد للقيادي السابق في مليشيا 'الجنجويد' السودانية علي كوشيب المدان بتهم تشمل ارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور غربي السودان قبل أكثر من عقدين.
وذكر ممثلو الادعاء أن كوشيب (76 عاما)، واسمه علي محمد علي عبد الرحمن، ارتكب جرائم مثل القتل وإصدار أوامر لآخرين بارتكاب جرائم جماعية، كما لعب دورا كبيرا في ارتكاب الانتهاكات التي شهدها إقليم دارفور منذ أكثر من 20 عاما.
وكان علي كوشيب سلّم نفسه طواعية إلى سلطات أفريقيا الوسطى قبل أن يُنقل إلى المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي في يونيو 2020، حيث بدأت إجراءات محاكمته في الدائرة التمهيدية. وكان كوشيب مطلوبا للمحكمة إلى جانب الرئيس السوداني السابق عمر البشير، ووزير الدفاع السابق عبد الرحيم محمد حسين، ووزير الدولة للداخلية السابق أحمد هارون، حيث تتهمهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور.
وتعد محاكمة كوشيب أول محاكمة ناجحة تجريها المحكمة على صلة بالنزاع، بعد مرور أكثر من 20 عام على الفظائع التي ارتكبتها مليشيا 'الجنجويد' في دارفور. مما دفع بعض نشطاء مواقع التواصل للسخرية من عمل محكمة الجنايات الدولية، حيث كتب بعضهم بسخرية: 'إذاً محاكمة حميدتي، زميل كوشيب على جرائم ميليشياته بالفاشر ستكون عام 2046'.. وكتب آخر: 'ميليشيات الدعم السريع استطاعت تكرار الجريمة بدارفور خلال 20 عام مرتين دون أن تطالها عدالة الجنائية الدولية'.. وكتب اخر 'الدعم السريع التي أغرقت الفاشر بدماء أبنائها ستنعم بالحرية لمدة 20 عام إضافية بفضل جودة عمل الجنائية الدولية'.
وفي عام 2005، أحال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية، وهي محكمة مقرها لاهاي أُنشئت للنظر في أسوأ الجرائم التي لا تستطيع المحاكم المحلية نظرها.
خبير: المحكمة الجنائية الدولية بحاجة لـ 'جنائية دولية' تحقق في عملها
وتعليقاً على هذه التطورات قال الباحث المتخصص بالشأن السوداني والناشط الحقوقي سالم أبو باكير بأن تجاهل المحكمة الجنائية الدولية لكل الفظائع والانتهاكات التي تُرتكب حالياً في 'الفاشر' والموثقة بالصوت والصورة، ونبشهم في جرائم أكل عليها الدهر وشرب، ما هو إلا تعامي مقصود عن جرائم الإبادة الجماعية والانتهاكات التي تحدث الان في السودان، ودليل واضح على أن عمل الجنائية الدولية مسيّس ويتأثر بضغوط سياسية من قبل بعض الجهات الغربية أو جهات لها مصالح فيما يحدث بالفاشر الآن.
حيث أن سيطرة قوات 'الدعم السريع' على الفاشر في 26 أكتوبر الماضي أدت إلى مقتل آلاف المدنيين خلال أيام قليلة، ونزوح أكثر من 62 ألف شخص في أقل من 4 أيام، في حين بقي نحو 177 ألفا عالقين تحت الحصار دون ممرات آمنة أو مساعدات.
ومع اتساع رقعة العنف، تُتهم قوات 'الدعم السريع' بشن حملة عسكرية واسعة بمساعدة مرتزقة أجانب نفذت خلالها مجازر ممنهجة في دارفور وكردفان، ووُصفت بأنها تطهير عرقي بحق قبائل عديدة أبرزها المساليت.
وكان الفريق إبراهيم الماظ دينق القيادي في القوات المشتركة ومستشار رئيس حركة العدل والمساواة للشؤون الأهلية والمجتمعية، أكد وجود مرتزقة أجانب أوكرانيين وأفارقة يقاتلون داخل الفاشر ضمن صفوف الميليشيات. وقال دينق: 'إن وجود هؤلاء الأشخاص في صفوف ميليشيا الدعم السريع هو اعتداء على سيادة السودان وأمنه القومي'. وحمّل الفريق الماظ الإمارات بشكل خاص مسؤولية الرعاية والدعم اللوجستي لتنظيم تدفق المقاتلين الأجانب والمتخصصين الأجانب، مما سمح لمليشيا الدعم السريع بتجديد صفوفها وتسهيل الحصول على التكنولوجيا المتقدمة في المعدات العسكرية والأسلحة.
وكان المتحدث الرسمي باسم القوات المشتركة للجيش السوداني العقيد أحمد حسين مصطفى، قد كشف في وقت سابق عن تورط مرتزقة أوكرانيين في العمليات العسكرية التي تنفذها مليشيا 'الدعم السريع' في إقليم دارفور وبالفاشر تحديداً.
وكانت صحيفة 'لاسيلا فاسيا' الكولومبية قد كشفت في اذار/مارس الماضي، عن وجود مرتزقة كولومبيين يقاتلون إلى جانب قوات 'الدعم السريع' في السودان ويتقاضون رواتب من الإمارات العربية المتحدة.


























