اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٣ أب ٢٠٢٥
نيالا- نبض السودان
شهدت مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، حادثتين منفصلتين لاختطاف صيدلانيَين على يد قوة مسلحة، طالبةً فدية مالية كبيرة مقابل إطلاق سراحهما، ما يعكس تصاعد وتيرة الانفلات الأمني والابتزاز في المنطقة.
عملية اختطاف جريئة في قلب سوق المدينة
وفقًا لشهود عيان ومصادر محلية، قامت قوة مسلحة تستقل سيارة قتالية باختطاف الطبيب الصيدلي خالد شيخ الدين، مالك صيدليات 'كنز الدواء' و'الرازي'، من وسط سوق المدينة في وضح النهار.
وقالت صيدلانية رمزت لنفسها بـ'أم وفاء' لأسباب أمنية، إن عملية الاختطاف جرت دون مقاومة تُذكر، حيث اقتاده الخاطفون إلى جهة مجهولة، وبعدها تواصلوا مع أسرته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مطالبين بفدية قدرها 200 مليون جنيه سوداني، بحسب 'دارفور24'.
تدخل الإدارة الأهلية ومطالب بإطلاق سراح دون فدية
وأوضحت 'أم وفاء' أن قيادات من الإدارة الأهلية للقبيلة التي ينتمي إليها الصيدلي المختطف، تحركت بسرعة وطالبت إدارة قوات الدعم السريع بضرورة البحث عنه وإطلاق سراحه دون أي مقابل مالي، في مسعى لوقف هذا النمط المتكرر من عمليات الابتزاز.
اختفاء صيدلي آخر ومخاوف من مصير مجهول
من جهة أخرى، أكد مصدر مقرب من أسرة الصيدلي عبد السميع آدم أحمد دلدوم، الموظف في شركة 'تبوك للدواء' وصاحب صيدلية 'الصيادلة'، أنهم لا يملكون أي معلومات عن مكان تواجده أو مصيره منذ اختطافه يوم الخميس الماضي.
وأفاد شهود عيان أن دلدوم اختُطف أيضًا داخل المدينة، وقد تم فتح بلاغ رسمي بقسم شرطة نيالا وسط، غير أن مصيره لا يزال مجهولًا، ما يزيد المخاوف من تعرضه لأعمال تعذيب أو ابتزاز مماثلة.
إفادات صادمة من مختطف أُفرج عنه بعد دفع فدية
وفي سياق مشابه، كشف أحد المختطفين الذين أُطلق سراحهم مؤخرًا، عن تفاصيل صادمة تتعلق بأساليب الابتزاز التي تستخدمها الجماعات المسلحة المتحالفة مع قوات الدعم السريع.
وصرح الضحية، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه لدواعٍ أمنية، أنه نُقل إلى منطقة 'جبل سقرا' شمال شرق نيالا، حيث تعرض لتعذيب جسدي، قبل أن يُطلب منه الاتصال بأسرته لمطالبتهم بتحويل مبلغ الفدية.
وأضاف أن المبلغ المطلوب في البداية كان 50 مليون جنيه سوداني، لكن بعد مفاوضات طويلة، وافقت الأسرة على دفع 10 ملايين فقط، وهو ما أفضى إلى إطلاق سراحه في منطقة بعيدة عن المدينة.
إجراءات أمنية محدودة وسط تصاعد الفوضى
ردًا على هذه الحوادث المتكررة، أعلنت الإدارة المدنية التابعة لقوات الدعم السريع في 23 يوليو الماضي عن قرار جديد يقضي بحصر وتسجيل جميع المركبات المدنية والعسكرية داخل نيالا، مع وضع رقم أمني خاص عليها، بهدف السيطرة على أعمال النهب والاختطاف.
ورغم هذا الإجراء، لا تزال الأوضاع الأمنية في المدينة متدهورة، لا سيما بعد أن أحكمت قوات الدعم السريع سيطرتها الكاملة على نيالا في أكتوبر 2023، عقب معارك عنيفة مع الجيش السوداني الذي انسحب من المدينة لاحقًا.
المدينة تحت رحمة المسلحين وسط غياب الدولة
وتشير الأوضاع الميدانية إلى أن المدينة باتت أشبه بمنطقة خارجة عن القانون، حيث تتكرر جرائم الخطف والنهب، وتُستخدم مواقع التواصل الاجتماعي كقنوات للتفاوض على الفدية، في ظل غياب شبه تام للأجهزة الشرطية والعدلية.
كما تواجه الكوادر الطبية والصحية تهديدًا متزايدًا، ما قد يؤدي إلى فراغ خطير في القطاع الصحي في نيالا، ويزيد من معاناة المواطنين في ظل ظروف إنسانية صعبة.
قلق واسع وتحذيرات من توسع الظاهرة
ويُبدي أهالي نيالا قلقًا بالغًا من تصاعد عمليات الخطف، مؤكدين أن تكرار هذه الحوادث يعكس فشل الإدارة المدنية لقوات الدعم السريع في فرض النظام وحماية المدنيين، خصوصًا أصحاب المهن الحيوية كالصيادلة والأطباء.
وحذر نشطاء حقوقيون من أن استمرار هذه الجرائم سيقوّض فرص الاستقرار في المدينة، وسيدفع العديد من الكفاءات لمغادرتها أو التوقف عن أداء أعمالهم، مما يضاعف من الأزمة الإنسانية والأمنية في المنطقة.
دعوات عاجلة لحماية الكوادر الطبية والمدنية
وطالب عدد من المواطنين والناشطين الجهات المحلية والدولية بالتدخل العاجل لضمان أمن الكوادر الطبية والمدنيين في نيالا، خاصة في ظل تكرار حوادث الاختطاف التي تتم بوقاحة وفي وضح النهار.
وشددوا على ضرورة فرض رقابة فاعلة على المركبات المسلحة، وإجبار جميع القوى المسيطرة على الالتزام بالقانون وحماية المدنيين، ووقف استخدام المدنيين كوسيلة لابتزاز الأموال وتمويل الصراعات.