اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢٤ تشرين الأول ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
في ظل تصاعد الهجمات بالطائرات المسيّرة على العاصمة الخرطوم خلال الأسابيع الأخيرة، تتكشف ملامح حرب خفية تدور رحاها في الأحياء والمناطق المحررة، حيث تخوض الأجهزة الأمنية معركة شرسة ضد عناصر متخفية تتبع للمليشيا المتمردة، تحاول فتح ثغرات داخل العاصمة المنهكة بالحرب.
اجتماع أمني يحسم الموقف
في هذا اليوم الجمعة، عقدت اللجنة الأمنية بولاية الخرطوم اجتماعًا طارئًا أقرّ نشر قوائم بأسماء المتعاونين مع مليشيا الدعم السريع، مؤكدًا أهمية دور الخلايا الأمنية في ملاحقتهم والقبض عليهم. كما شدد الاجتماع على ضرورة تنوير الرأي العام بخطورة الدور الذي يقوم به المتعاونون لما يشكلونه من تهديد مباشر للأمن القومي ومحاولات تخريب وتدمير للبنى التحتية.
كمائن محكمة تسقط رؤوسًا خطيرة
منذ خروج المليشيا من العاصمة القومية، شرعت الأجهزة الأمنية في ملاحقة الخلايا المتخلفة من فلول المليشيا المنهزمة، خاصة مع تكثيف الهجمات بالطائرات المسيّرة التي استهدفت محطات الكهرباء وعددًا من الأهداف المدنية. وفي أحدث فصول هذه المواجهة، تمكنت الاستخبارات العسكرية من القبض على أحد أخطر عناصر الخلايا النائمة التابعة للمليشيا في منطقة صالحة بأم درمان، بعد عملية رصد دقيقة استمرت عدة أيام.
عملية استخباراتية نوعية
كشفت مصادر أمنية أن المقبوض عليه يُدعى المساعد شرطة الزين آدم، وكان مكلفًا برفع الإحداثيات الخاصة بالمواقع المدنية والعسكرية التي يجري تأهيلها، لتسهيل استهدافها بالطائرات المسيّرة التي كثّفت المليشيا استخدامها مؤخرًا ضد أهداف بالعاصمة. وأكدت المصادر أن العملية جاءت تتويجًا لجهود استخباراتية دقيقة ومتابعة ميدانية محكمة مثّلت ضربة نوعية لتلك الخلايا التي تعمل كـ'عيون للطائرات في السماء'.
اعتقال عناصر خطيرة في جبل أولياء
في الثالث والعشرين من يوليو الماضي، تمكنت الخلية الأمنية المشتركة بمحلية جبل أولياء من اعتقال المتمرد محمد عبدالوهاب مختار، أحد أخطر عناصر المليشيا الذين شاركوا في الهجوم على ولاية النيل الأبيض، بعد عملية تعقب دقيقة لتحركاته في أطراف العاصمة. وأفادت المصادر أن العملية نُفذت باحترافية عالية ودون أي خسائر، بفضل التنسيق الكامل بين الاستخبارات العسكرية وقوات الدعم الشرطي المحلي، مما عكس مستوى الجاهزية واليقظة في ملاحقة المتسللين الساعين لإعادة تنشيط شبكات التخريب بالتوازي مع تصعيد المليشيا الجوي.
كمين الردمية.. سقوط فريد بعد شهور من التخفي
وفي مطلع يوليو الماضي أيضًا، نفذت الأجهزة الأمنية بشرق النيل عملية نوعية خاطفة أسفرت عن القبض على المطلوب الخطير المكنى بـ(فريد)، أحد أبرز عناصر المليشيا في منطقة الحاج يوسف – الردمية، مربع (20). ووفقًا لمصادر مطلعة، فإن 'فريد' ظل متخفيًا عن أنظار الأجهزة الأمنية منذ تحرير شرق النيل، وكان متورطًا في الهجوم الذي استهدف سلاح الإشارة، إضافة إلى تقديمه معلومات استخباراتية للمليشيا حول تحركات العسكريين بالحي، مما تسبب في نهب منازل عدد من المواطنين بمربع (20). وتُعد هذه العملية ضربة قاصمة لشبكات التخريب، مؤكدة يقظة الأجهزة الأمنية واستمرارها في تفكيك خلايا التمرد وقطع خطوط الإمداد داخل الأحياء.
مأذون يتحول إلى غطاء للتمرد
وفي الحادي عشر من أكتوبر الجاري، تمكنت الأجهزة الأمنية من القبض على المدعو الشيخ مسار، أحد المتعاونين البارزين مع المليشيا في منطقة جبل أولياء. وكشفت التحقيقات أن 'مسار' الذي كان يعمل مأذونًا شرعيًا، استغل صفته لتزويج عناصر المليشيا بفتيات دون أولياء أمورهن، ما أثار الشكوك حول دوره في تزويد المتمردين بالمعلومات والملاذات داخل الأحياء السكنية. وأوضحت المصادر أن توقيفه جاء ضمن حملة أوسع تهدف لتفكيك شبكات الدعم اللوجستي والاجتماعي التي تعتمد عليها المليشيا لتأمين عناصرها في العمق المدني للعاصمة.
العيون مفتوحة في كل حي
ومع استمرار الهجمات بالطائرات المسيّرة التي تستهدف الخرطوم وأم درمان وبحري، تؤكد الأجهزة الأمنية أن خطر الخلايا النائمة لا يقل عن خطر القصف الجوي، فكلاهما وجهان لمعركة واحدة. وأمن اجتماع اللجنة الأمنية اليوم الجمعة على ضرورة توزيع أسماء المتعاونين على مداخل ومخارج ولاية الخرطوم، مشددًا على أنه لن يُسمح لأي شخص بالدخول أو الخروج دون إثبات هوية، في خطوة تهدف إلى إحكام السيطرة وتأمين العاصمة.
وعي المواطن خط الدفاع الأول
وأعلنت الخلية الأمنية المشتركة بولاية الخرطوم في وقت سابق عن تخصيص أرقام للطوارئ لتلقي البلاغات بشأن أي أنشطة مشبوهة أو تحركات مريبة داخل الأحياء، داعية المواطنين إلى التعاون الكامل مع الأجهزة الأمنية. وأكدت أن يقظة السكان تشكل خط الدفاع الأول في مواجهة الخلايا التي تحاول العمل تحت غطاء الليل وبإحداثيات الطائرات التي تترصد من السماء.
قبضة الدولة تعود إلى قلب العاصمة
ورغم التحديات التي تواجه العاصمة، إلا أن النجاحات المتتالية للأجهزة الأمنية في تفكيك الخلايا النائمة واعتقال عناصرها الخطيرة تشير بوضوح إلى عودة قبضة الدولة إلى قلب الخرطوم. ومع اتساع التعاون بين المواطنين والقوات النظامية، تتعزز الثقة في أن محاولات التسلل والتخريب لن تجد لها موطئ قدم بعد اليوم. إن حرب الظلال قد تطول، لكنها تسير نحو نهايتها الحتمية، حيث يشرق الضوء فوق مدينة أنهكتها الحرب لكنها لم تفقد إرادتها في الحياة.


























