×



klyoum.com
sudan
السودان  ٢٠ تشرين الثاني ٢٠٢٥ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

klyoum.com
sudan
السودان  ٢٠ تشرين الثاني ٢٠٢٥ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

موقع كل يوم »

اخبار السودان

»سياسة» اندبندنت عربية»

خطاب روبيو كآخر فرصة لإيقاف نزف السودان

اندبندنت عربية
times

نشر بتاريخ:  الأربعاء ١٩ تشرين الثاني ٢٠٢٥ - ١١:٠٣

خطاب روبيو كآخر فرصة لإيقاف نزف السودان

خطاب روبيو كآخر فرصة لإيقاف نزف السودان

اخبار السودان

موقع كل يوم -

اندبندنت عربية


نشر بتاريخ:  ١٩ تشرين الثاني ٢٠٢٥ 

تصريحاته تمثل خطوة استراتيجية متقدمة تعكس فهماً دقيقاً لأهمية دمج البعد الإنساني بالضغط السياسي والدبلوماسي لكنها تظل محفوفة بالتحديات التنفيذية والأخطار

في اختتام مداولات وزراء خارجية 'مجموعة السبع' في نياغرا- أونتاريو بكندا، قدم وزير الخارجية الأميركي السيناتور ماركو روبيو تصريحات حول الحرب السودانية المستمرة منذ أبريل (نيسان) 2023، محذراً من أن البلاد تقف على حافة كارثة أعمق إذا استمر تدفق السلاح والدعم إلى قوات 'الدعم السريع'.

وأكد روبيو أن الأزمة السودانية تصدرت اجتماعاته مع نظرائه الدوليين، مشيراً إلى أن الوضع 'مروع'، وأن مشاهد الحصار والمعاناة في الفاشر والمناطق المحاصرة تكشف حجم الانهيار الإنساني. ودعا إلى تحرك دولي عاجل لقطع قنوات التسليح والتمويل التي تعتمد عليها قوات 'الدعم السريع'، موضحاً أنها لا تمتلك منشآت تصنيع عسكرية خاصة، وأن اعتمادها الكلي على دعم خارجي يجعل وقف الإمدادات الطريق الأكثر فاعلية لوقف تصعيدها العسكري. وقال إن بعض الدول تمول شراء الأسلحة، فيما تسمح أخرى باستخدام أراضيها لنقل الشحنات، ما يفرض، بحسب تعبيره، معالجة 'منظومة كاملة' من الدعم.

وأوضح روبيو أن الولايات المتحدة تعمل، منذ يوليو (تموز) وأغسطس (آب) الماضيين، ضمن مبادرة رباعية تضم مصر والسعودية والإمارات، في محاولة لخلق مسار منسق للضغط على الأطراف المتحاربة، لكنه شدد على أن قوات 'الدعم السريع' دأبت على توقيع تعهدات ثم عدم الالتزام بها، محولة أي اتفاق لوقف إطلاق النار إلى وثيقة بلا أثر عملي. وأشار إلى أن استمرار تدفق السلاح مكن هذه القوات من مواصلة عمليات عسكرية صاحبتها انتهاكات واسعة، بما في ذلك فظائع ممنهجة ضد المدنيين، تتجاوز كونها أعمال 'عناصر مارقة'.

وفي الجانب الإنساني، عبر روبيو عن قلق بالغ من المعلومات التي تتلقاها واشنطن من منظمات الإغاثة، وتشير إلى مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية والمعاناة بين المدنيين الفارين، لافتاً إلى أن عدد اللاجئين المسجل أقل بكثير من المتوقع، قائلاً 'هؤلاء هم الذين تمكنوا من الخروج'، ومشيراً إلى أن الأعداد الفعلية للنازحين أقل من المتوقع بسبب الموت أو المرض الشديد والجوع الذي يمنع كثيرين من الحركة. وأضاف أن ما يعد أرقاماً للنازحين يخفي وراءه حياة منهارة ومجتمعات تتفكك تحت وطأة الحصار والانتهاكات.

كما حذر من أن استمرار الفوضى قد يحول السودان إلى بؤرة جاذبة للنشاط الإرهابي، مؤكداً أن 'الحل لا يمكن أن يكون حرباً تستهدف فيها المجتمعات بالاغتصاب والعنف الجنسي والقتل'. وفي شأن الدعوات لتصنيف قوات 'الدعم السريع' منظمة إرهابية، قال إنه سيؤيد ذلك إذا كان سيحقق أثراً عملياً، مشيراً إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في شعور هذه القوات بأنها في موقع المنتصر. وختم بالتأكيد أن واشنطن ستواصل العمل مع شركائها لتحقيق نتائج ملموسة، لأن استمرار الوضع على حاله ينذر بانزلاق السودان إلى كارثة أعمق بكثير.

رحبت وزارة الخارجية السودانية، بتصريحات ماركو روبيو، معتبرة أن التحليل الصريح الذي قدمه في شأن الانتهاكات المنهجية التي ترتكبها قوات 'الدعم السريع' يمثل 'خطوة نوعية نحو تصحيح المفاهيم الدولية حول طبيعة الصراع في البلاد، ويفصل بشكل واضح بين جيش نظامي مسؤول عن حماية الدولة والمواطنين وبين ميليشيات قبلية مسلحة خارجة عن القانون'. وأكدت الوزارة أن تصريحات روبيو تحمل بعداً استراتيجياً مزدوجاً، إذ لا تقتصر على توجيه اللوم المباشر لقوات 'الدعم السريع'، بل تشير أيضاً إلى الحاجة الملحة لتجميد الدعم الخارجي الذي يمدها بالأسلحة والموارد، مما يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته تجاه حماية المدنيين وضمان التزام جميع الأطراف بالقوانين الإنسانية الدولية، ويبرز الدور المحوري الذي يمكن أن تلعبه القوى الدولية في كبح العنف وتصحيح مسار الأزمة.

وقال وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني السفير محيي الدين سالم في تصريح لوكالة 'السودان للأنباء- سونا' إن 'تسمية الأشياء بتسمياتها وتوجيه الاتهام المباشر للدعم السريع والمرتزقة الذين ارتكبوا مجازر بحق المدنيين يمهد الطريق لتصحيح رؤية المجتمع الدولي وعدم مساواة الجيش الوطني بقوة خارجة عن القانون'، مضيفاً أن 'اعتراف واشنطن بوحشية الممارسات التي تنفذها قوات الدعم السريع وضرورة التعامل معها ووقف تزويدها بالسلاح يمثل رسالة قوية للدول التي تتابع ملف السلام في السودان، وكذلك لتلك التي سهلت وصول الأسلحة عبر أراضيها أو سمحت باستخدام حدودها لإدخالها'.

 

وأكد الوزير أن 'الوقت قد حان لمحاسبة (الدعم السريع)، وأن التأخر في استجابة المجتمع الدولي لقرارات مجلس الأمن، مثل القرار 2736/2024 المرتبط بإدخال الإغاثة إلى الفاشر، أسهم في الكارثة الإنسانية التي تعيشها المدينة'، محذراً من تكرار السيناريو ذاته في مدن الدلنج وكادوقلي وبابنوسة، حيث تتبع 'الدعم السريع' ذات النهج القائم على الحصار وترويع المدنيين.

وأضاف سالم أن تصريحات روبيو تعكس إدراكاً دولياً للخطورة المتصاعدة للوضع في السودان، وتمنح الجيش السوداني سنداً سياسياً ودبلوماسياً يعزز شرعيته داخلياً وخارجياً، ويعيد رسم خطوط التمييز بين دولة تسعى لاحتواء الانهيار ومؤسسة قانونية ملتزمة، وبين قوات تتعمد استخدام العنف ضد المدنيين مستندة إلى دعم خارجي. وبحسب الوزير، فإن هذه اللحظة تمثل فرصة نادرة لتكريس التماسك المؤسسي للجيش، وضمان تعاون المجتمع الدولي في دعم الحلول العملية التي توقف نزيف الدم وتحد من الكوارث الإنسانية، وتؤسس لبداية محاسبة طال انتظارها لقوات 'الدعم السريع' على الانتهاكات التي ارتكبتها.

في معرض ردها على تصريحات روبيو، أصدرت قوات 'الدعم السريع' بياناً أعربت فيه عن استنكارها الشديد لـ'جميع التصريحات المتحيزة ضدها'، وكررت نفيها تلقي أي دعم خارجي، مؤكدة رفضها أن تستغل للتغطية على رفض الجيش للهدنة. وأوضحت القوات أن 'الطرف الذي رفض جميع مبادرات وقف إطلاق النار هو الجيش التابع للحركة الإسلامية، بينما تعاملت القوات بحسن نية مع المبادرات الرسمية'.

عد مستشار قائد 'الدعم السريع'، الباشا طبيق، تصريحات روبيو 'خطوة غير موفقة' و'يمكن أن تقرأ من الجيش الوطني كأساس نصر سياسي ودبلوماسي'، مما قد يضعف فرص التوصل إلى هدنة إنسانية. وطالب طبيق بأن توسع الأطراف الدولية نظرها، مشيراً إلى ضرورة الانتباه لتدفقات الأسلحة إلى الجيش السوداني من دول مثل إيران وتركيا، بدلاً من التركيز أحادي الجانب على 'الدعم السريع'، ما يعزز الانقسامات ويشجع على التصعيد العسكري.

وأكدت 'الدعم السريع' أن الأزمة السودانية تحتاج إلى مبادرات جادة وفهم معمق لجذور الصراع، بعيداً من التأثيرات الخارجية والتقارير الإعلامية غير المهنية. وأضافت أن أي خطاب دولي يفهم على أنه منحاز للجيش الوطني يمكن أن يغير الحسابات الاستراتيجية ويحفز المقاومة والتصعيد. ومن منظور 'الدعم السريع'، الاعتراف بالتحركات الأميركية والضغوط الدولية مقبول إذا كان متوازناً ويأخذ في الاعتبار مصالحها العسكرية والسياسية، بينما أي تقييم أحادي يفسر كتهديد لشرعيتها وامتداد نفوذها.

وجاء في بيان قوات 'الدعم السريع' أن السلام الحقيقي هو الحل لإنهاء الحرب، مستنكرة ما وصفته بـ'سياسة الكيل بمكيالين' وتصريحات 'متحاملة وغير منصفة'، وذلك بعد ساعات من تصريحات روبيو واتهامها بعرقلة السلام وارتكاب جرائم، ودعوته لتصنيفها إرهابية. وأكدت استمرارها بالتعامل بإيجابية مع المبادرات التي تؤدي لوقف الحرب واستتباب الأمن الإقليمي والدولي.

وأشار البيان إلى أن بعض أفرادها ألقي القبض عليهم في الفاشر للاشتباه بارتكاب جرائم بحق المدنيين، وأن هذه الإجراءات تتسق مع جهود القوات لضمان الالتزام بالقانون. كذلك شددت على أن التصريحات المتحاملة تهدف، في واقع الأمر، إلى تقويض المبادرة الرباعية وجهود الإدارة الأميركية في دعم عملية السلام، أكثر من كونها انتقاصاً من موقفها، مؤكدة على 'ضرورة الاعتراف بالحقائق على الأرض ودعم الحل العادل والشامل كأساس لإحلال الاستقرار والسلام في السودان'.

تأتي تصريحات روبيو في سياق دبلوماسي متشابك، حيث تعد الولايات المتحدة وضمن 'مبادرة الرباعية' إلى جانب مصر والسعودية والإمارات، أحد الرعاة الرئيسين للجهود الدولية الرامية إلى وقف النزاع. كذلك تبرز هذه التصريحات أبعاد السياسة الأميركية، فهي تجمع بين رسالة تحذير صارمة، وورقة ضغط دبلوماسية، وأداة لتنسيق الضغوط الدولية على طرفي النزاع، مع محاولة للحد من الانتهاكات الإنسانية والتأثير على موازين القوة الميدانية والسياسية في السودان والمنطقة. وتعد من أكثر التعليقات صراحة حتى الآن من قبل إدارة ترمب في شأن الحرب في السودان وأفعال قوات 'الدعم السريع'، لكن من غير الواضح مدى تأثيرها.

 تتمثل النواحي الإيجابية الأبرز في وضوح تحديد المسؤولية المباشرة لقوات 'الدعم السريع' عن الانتهاكات الدموية ضد المدنيين، ما يتيح للمجتمع الدولي فهم طبيعة النزاع السوداني وفق معايير واضحة للتمييز بين القوات النظامية والقوات شبه العسكرية، هذا التحديد الدقيق لا يقتصر على التوصيف الرمزي للفظائع، بل يمتد إلى ربطها بإمدادات السلاح وموارد التمويل، ما يعكس إدراكاً متقدماً لأهمية استهداف شبكات الدعم في سبيل خفض القدرة العسكرية للأطراف المتمردة، إضافة إلى ذلك، يعكس الخطاب بعداً إنسانياً واضحاً، إذ يربط حماية المدنيين مباشرة بالمسؤولية الدولية عن وقف تزويد الأطراف المقاتلة بالأسلحة والخدمات اللوجيستية، وهو ما يعزز الشرعية الأخلاقية للخطاب الأميركي ويمكنه من لعب دور فعال في الضغط على الدول الوسيطة والفاعلين الدوليين.

من منظور استراتيجي، تؤكد تصريحات روبيو التزام الولايات المتحدة بمبادرة 'الرباعية'، ما يمنح الخطاب قدرة مزدوجة، دبلوماسية داخلية لإظهار العزم الأميركي، ودولية لتنسيق الضغوط على طرفي النزاع. الإشارة إلى أدوات قانونية محتملة، مثل تصنيف قوات 'الدعم السريع' كمنظمة إرهابية أو جهة منتهكة لحقوق الإنسان، تمثل خطوة عملية من شأنها تعزيز إمكانات الضغط المستقبلي عبر العقوبات، ومراقبة الإمدادات، والقيود المالية. كذلك، يبرز الخطاب فهماً متقدماً للتشابك بين السياسة الإنسانية والسياسة الواقعية، حيث لا يكتفي بالإدانة، بل يربطها بعواقب ملموسة على الأرض، مما يعكس قدرة واشنطن على مزج الرمزي بالعملي في أداة واحدة.

كذلك يعكس الخطاب ميزة إضافية تتمثل في تقديم رسالة واضحة للمنظمات الدولية، ووكالات الإغاثة، والدول الجارة بأن هناك إطاراً عالمياً لدعم حماية المدنيين وفرض التزامات على جميع الأطراف. هذه الرؤية توفر أرضية لتنسيق جهود الضغط الدولي، بما يحد من النفوذ الخارجي السلبي ويعزز فرص التوصل إلى اتفاقات وقف إطلاق نار قابلة للتحقق، فضلاً عن توفير غطاء دبلوماسي لإنهاء المأساة الإنسانية المتصاعدة في المناطق الأكثر تضرراً في السودان.

على رغم قوة الخطاب وعمقه، فإنه يحمل في طياته مجموعة من الأخطار والسلبيات التي قد تحد من فعاليته على الأرض. أول هذه الأخطار يتمثل في احتمال تفسير التركيز الأميركي على طرف محدد، وهو قوات 'الدعم السريع'، كانحياز سياسي، ما قد يولد ردود فعل ميدانية مضادة، ويزيد من تعميق الخلافات بين الأطراف السودانية، ويضعف إمكانية تنفيذ هدنة إنسانية قابلة للتحقق، وهو ما التقطته قوات 'الدعم السريع' وبدأت في استخدامه. كذلك، يعتمد الخطاب على فرضية قدرة الدول الإقليمية والشركاء الدوليين على الامتثال الفوري للتوصيات الأميركية، بما يشمل مراقبة خطوط الإمداد ووقف الدعم العسكري، وهو ما قد لا يكون واقعياً في ظل تعدد القنوات والوسطاء الذين يسهلون وصول الأسلحة.

إضافة إلى ذلك، يبرز خطر الاستخدام السياسي للخطاب من قبل بعض الفاعلين الإقليميين، الذين قد يستغلون التحذيرات الأميركية لتبرير سياساتهم أو تعزيز مواقعهم الاستراتيجية من دون الالتزام الفعلي بالضغط على الأطراف المتصارعة، مما قد يخفف من تأثير الخطاب على الأرض ويحوله من أداة ضغط إلى مجرد إعلان رمزي. ومن زاوية إنسانية، قد يؤدي التركيز المفرط على مسؤولية طرف واحد إلى خلط المبادرات الإنسانية بالاعتبارات السياسية، ما يهدد حيادية عمل (وكالات) الإغاثة ويعرض المدنيين لأخطار إضافية في مناطق النزاع، خصوصاً إذا أساء الفاعلون المحليون تفسير الرسائل الدولية.

على الصعيد الاستراتيجي، هناك خطر رد فعل عكسي قصير المدى، إذ قد تسعى 'الدعم السريع' إلى تحقيق مكاسب ميدانية قبل أن تظهر آثار الضغط الدولي، ما يفاقم النزاع على المدى القصير. كذلك فإن تعقيدات إثبات خطوط الإمداد ومصادر الأسلحة تجعل من تنفيذ العقوبات والمراقبة تحدياً مستمراً، وقد يتطلب استخدام تقنيات استخباراتية عالية وتنسيق دقيق بين مختلف الوكالات، وهو ما لا يمكن ضمانه بسهولة في سياق النزاع السوداني المعقد.

في البعد الجيوسياسي الأوسع، يمكن الإشارة إلى أن الخطاب الأميركي، على رغم قوته، يواجه قيوداً مرتبطة بموازين القوى الإقليمية مثل إيران وتركيا، بما في ذلك مصالحها في السودان والتي قد لا تتفق مع النهج الأميركي، لكن يمكنها استغلاله. لذلك، فإن نجاح الخطاب يتطلب مزيجاً من المتابعة الدقيقة، والتنسيق الإقليمي والدولي، ووجود آليات تنفيذية ملموسة لضمان ترجمة التحذيرات إلى إجراءات فعلية.

ومع أن تصريحات روبيو تمثل خطوة استراتيجية متقدمة، تعكس فهماً دقيقاً لأهمية دمج البعد الإنساني بالضغط السياسي والدبلوماسي، لكنها تظل محفوفة بالتحديات التنفيذية والأخطار الميدانية، ما يستدعي مراقبة مستمرة وتخطيطاً عملياً لضمان أن تؤدي إلى الحد من الانتهاكات وتحقيق حماية فعالة للمدنيين في السودان.

في ضوء تصريحات روبيو، يمكن تصور ثلاثة سيناريوهات متباينة لتطور الأزمة السودانية، كل منها قائم على احتمالات سياسية وعسكرية وإنسانية مترابطة، وتعكس التوازنات الدقيقة بين الضغط الدولي والواقع الميداني. السيناريو الأول، الأكثر تفاؤلاً، يرتكز على تحويل الخطاب الأميركي إلى إجراءات ملموسة، بتجفيف منابع إمداد قوات 'الدعم السريع' بالأسلحة والتمويل. إذا ما فعلت هذه الإجراءات بكفاءة وتزامنت مع مراقبة دولية صارمة، فإنها قد تعوق جزئياً سلسلة الإمداد اللوجيستي لقوات 'الدعم السريع'، ما يحد من قدرتها على تنفيذ هجمات واسعة، ويتيح فرصة لتحسين وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المحاصرين، هذا السيناريو يعكس القوة الرمزية للخطاب الأميركي وقدرته على إعادة ترتيب أولويات الفاعلين الإقليميين والدوليين، ويضع الأساس لتطبيق سياسات تدريجية قد تؤثر في ديناميكيات الصراع، على رغم أنه يظل رهين التزام الدول المعنية بالتنفيذ الفعلي.

السيناريو الثاني، الأكثر واقعية، يشير إلى احتمال رد فعل ميداني مضاد من جانب قوات 'الدعم السريع' تحت وطأة أي عقوبات تفرض عليها، إذ قد تحاول تعزيز وجودها في نقاط استراتيجية قبل أن تحاصر لوجيستياً، ما يؤدي إلى استمرار الهجمات بوتيرة متذبذبة، مع هشاشة أي هدنة محتملة. هذا المسار يعكس التحديات المرتبطة بترجمة الخطاب الدبلوماسي إلى تأثير مباشر على الأرض، ويبرز محدودية قدرة الولايات المتحدة وحلفائها على فرض التغيير الفوري في ظل تردد بعض القوى الإقليمية عن الالتزام الكامل بالضغوط الأميركية.

أما السيناريو الثالث، الأشد سوداوية، يتصور استمرار الدعم الخارجي لقوات 'الدعم السريع'، ما يؤدي إلى تمدد رقعة السيطرة على المدن الرئيسة مثل الفاشر، وتفاقم الانتهاكات والمجازر، مع انخفاض عدد المدنيين القادرين على الفرار. في هذا السيناريو، تصبح تصريحات روبيو وأي تحركات دبلوماسية مجرد أوراق ضغط رمزية ضمن لعبة تفاوضية أوسع، مع أهمية استراتيجية تتمثل في إرسال رسائل تحذيرية للفاعلين الدوليين بأن استمرار الوضع الحالي لن يكون بلا ثمن.

تتشابك هذه السيناريوهات معاً في أفق زمني يتراوح بين الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة، ويعكس التحديات العملية لتحويل الخطاب السياسي والدبلوماسي إلى واقع ملموس على الأرض. نجاح أي سيناريو يعتمد بشكل حاسم على قدرة المجتمع الدولي على تحويل التحذيرات إلى إجراءات فعلية، وعلى مستوى التزام الدول الإقليمية والفاعلين المحليين بتنفيذ المبادرات المتفق عليها، بينما تظل الأبعاد الإنسانية مرآة حية للفاعلية، حيث يعد انخفاض أو تصاعد وتيرة القتال في الفترة المقبلة مؤشراً مباشراً على مدى التأثير الحقيقي للضغط الأميركي على ديناميكيات النزاع السوداني.

خطاب روبيو كآخر فرصة لإيقاف نزف السودان خطاب روبيو كآخر فرصة لإيقاف نزف السودان خطاب روبيو كآخر فرصة لإيقاف نزف السودان
موقع كل يومموقع كل يوم

أخر اخبار السودان:

إتصال هاتفي مطول بين ولي العهد السعودي والبرهان وثلاثون دقيقة تقلب الموازين

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.

موقع كل يوم
3

أخبار كل يوم

lebanonKlyoum.com is 2212 days old | 54,987 Sudan News Articles | 1,499 Articles in Nov 2025 | 26 Articles Today | from 14 News Sources ~~ last update: 25 min ago
klyoum.com

×

موقع كل يوم


لايف ستايل