وُصفت بـ«الانقلاب».. شكوك حول تعديلات في «الاتحادي الأصل» اتُّخذت بمنأى عن «إرادة» الميرغني

قال قيادي بارز في الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل ومقرّب من أسرة الميرغني، إن سلسلة التعديلات الأخيرة التي صدرت باسم رئيس الحزب وراعي السجادة الختمية، محمد عثمان الميرغني، تم اتخاذها دون علمه أو موافقته، واصفًا إياها بأنها انقلاب كامل الأركان على قيادة الحزب.

وشهد يوم الإثنين صدور قرارات منسوبة إلى الميرغني تضمنت تعديلات واسعة شملت إعادة تشكيل المكتب التنفيذي، حيث تم تعيين أحمد سعد عمر، الوزير الأسبق في حكومة الرئيس المعزول عمر البشير، رئيسًا للمكتب التنفيذي خلفًا لجعفر الصادق الميرغني، فيما جرى تعيين هشام الزين نائبًا له.

كما تم تعيين أحمد الطيب المكابرابي، البرلماني السابق، أمينًا للقطاع السياسي بدلًا من معتز الفحل، إضافة إلى تسمية تماضر أبو القاسم، والزاكي التجاني، وإبراهيم أبو فاطمة مستشارين لرئيس الحزب.

وفي تعليقه على هذه التطورات، أكد الطيب ود المكي، رئيس الحزب الاتحادي الجماهيري وعضو الهيئة القيادية للتغيير، أن الميرغني ابتعد عن العمل السياسي منذ عام 2017، متهمًا مجموعة تُعرف بـ”مجموعة القاهرة”، المحيطة بنجله عبد الله المحجوب، بدفعه لاتخاذ قرارات تعمّق حالة الانقسام داخل الحزب. وأشار ود المكي إلى أن المجموعة تهدف إلى خلق توازن قسري في مراكز القوى، من خلال إسناد موقع مكافئ لنجل الميرغني محمد إلى جانب شقيقه جعفر الصادق، نائب رئيس الحزب.

مصادر داخل الحزب أكدت أن هذه القرارات تعكس توجهًا لإعادة هيكلة واسعة في الأجهزة التنظيمية، وهو ما يتعارض مع إرادة عدد من القيادات التاريخية التي تعتبر ما يحدث محاولة لاختراق الحزب والسيطرة عليه في لحظة سياسية دقيقة تمر بها البلاد.

وسبق أن أصدر الميرغني، في الأسابيع الأخيرة، قرارات بتعيين عدد من المستشارين الجدد، من بينهم الباقر أحمد عبد الله، ومحمد سيد أحمد سر الختم، والفاتح تاج السر، وقد أُظهرت صور المستشارين وهم يؤدون القسم أمام الميرغني في القاهرة.

وكانت قرارات أخرى قد صدرت في أكتوبر 2024 بتعيين عبد الله المحجوب، وميرغني عبد الرحمن، وبخاري الجعلي نوابًا لرئيس الحزب، في حين تم في أبريل 2022 تعيين طه علي البشير، وبخاري الجعلي، وبابكر عبد الرحمن، وأحمد سعد عمر مساعدين لرئيس الحزب.

وبحسب قيادي رفيع في الحزب تحدث إلى “سودان تربيون”، فإن هذه التعيينات الأخيرة تمثل انقلابًا صريحًا على القيادة، في حين وصفت مجموعة جعفر الميرغني تلك القرارات بأنها مؤامرة دنيئة تهدف إلى تزوير إرادة القواعد الجماهيرية.

وسبق أن أعلن جعفر الصادق الميرغني، في يناير الماضي، قراره بفصل سبعة من القيادات الحزبية على خلفية اتهامهم بالتآمر والسعي لتشكيل جسم قيادي منافس، ومن بين المفصولين أحمد سعد عمر، وبخاري الجعلي، وعمر خلف الله، وهشام الزين، وآخرون.

وأشار ود المكي إلى أن عودة الميرغني إلى السودان قبيل اندلاع الحرب في أبريل 2023، ثم اقتصاره على تحية الحشود في مسجد السيد علي الميرغني دون إلقاء خطاب، كانت دليلًا واضحًا على ابتعاده الفعلي عن المشهد السياسي. كما نوّه إلى ابتعاد عدد من أبناء الميرغني عن الخط السياسي التقليدي للحزب، حيث انخرط محمد الحسن الميرغني في علاقات مع قوى الحرية والتغيير، بينما التحق إبراهيم الميرغني بمجموعة تأسيس المقربة من قوات الدعم السريع، وتزعم جعفر الميرغني تحالف الكتلة الديمقراطية، وهو ما يعكس تشظي القيادة الحزبية.

وأبرز ود المكي أن الميرغني كان قد شكّل في عام 2013 لجنة من 33 عضوًا للإعداد للمؤتمر العام قبل أن يغادر إلى لندن، ومنذ ذلك الحين ظل يتنقل بين القاهرة والمدينة المنورة دون دور سياسي فعّال.

ويعاني الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل من أزمة تنظيمية مزمنة، منعته من عقد مؤتمره العام لعقود، على الرغم من محاولات مثل مؤتمر المرجعيات الاستثنائي الذي عُقد بالقناطر الخيرية عام 2004، والذي فشل في إعادة ترتيب البيت الداخلي للحزب العريق.