كارثة صحية.. عادة يومية تحكم على الشباب بالموت

(وكالات)- نبض السودان

كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة كاليفورنيا في سان دييغو عن نتائج صادمة تتعلق بالعلاقة بين تعاطي الحشيش بشكل يومي ومعدل الوفاة بسرطان القولون، أحد أكثر أنواع السرطان انتشارًا بين الشباب. وأكدت الدراسة، التي شملت أكثر من 1000 مريض تم تشخيصهم بسرطان القولون، أن العادة اليومية لتعاطي الحشيش مرتبطة بشكل مباشر بزيادة ملحوظة في معدلات الوفاة

ارتباط مباشر بين تعاطي الحشيش والموت بسرطان القولون

توصل فريق البحث إلى أن المرضى الذين كانوا يتعاطون الحشيش يوميًا قبل اكتشاف إصابتهم بسرطان القولون، كانوا أكثر عرضة للوفاة خلال خمس سنوات من التشخيص بنسبة وصلت إلى 56%، مقارنة بـ5% فقط بين أولئك الذين لم يتعاطوا الحشيش مطلقًا. وأشار الباحثون إلى أن هذه النسبة تمثل خطرًا متزايدًا يتجاوز 24 ضعفًا لدى المصابين الذين يعانون من اضطراب تعاطي القنب

الحشيش يثير التهابات في القولون ويضعف المناعة

أرجع الباحثون هذا الخطر المتزايد إلى تأثير مادة THC، المركب الفعّال في الحشيش، حيث تسبب التهابات في القولون وتثبط نشاط الخلايا التائية المسؤولة عن مهاجمة وتدمير الخلايا السرطانية. كما أن الحشيش يؤثر سلبًا على الصحة النفسية، بما في ذلك تحفيز مشاعر الاكتئاب والقلق، ما يؤدي بدوره إلى ضعف التزام المرضى بالعلاج الطبي وخطط التعافي

بيئة التهابية تسرّع من نمو السرطان

الدراسة كشفت أيضًا أن الاستخدام المنتظم للحشيش لا يؤثر فقط على المناعة، بل يساهم في تحفيز بيئة داخل القولون تُعزز من تكاثر الخلايا السرطانية وتسريع انقسامها وتحولها، ما يؤدي إلى تدهور سريع في حالة المرضى. هذا الاكتشاف يتناقض مع التصورات الشائعة التي تفترض وجود خصائص علاجية أو مسكنة للقنب لدى مرضى السرطان

خبراء يحذرون من مفاهيم مغلوطة حول القنب

الدكتور رافائيل كومو، الأستاذ المشارك بكلية الطب بجامعة كاليفورنيا، صرّح أن نتائج الدراسة يجب أن تفتح بابًا للنقاش العلمي الجاد حول تعاطي القنب خاصة بين المرضى المصابين بأمراض خطيرة مثل السرطان. وأضاف أن المجتمع العلمي بحاجة ملحة إلى دراسات أكثر عمقًا لفهم العلاقة الدقيقة والسببية بين القنب ونتائج تطور السرطان

قلق متزايد في الأوساط الطبية

من جهتها، أكدت الدكتورة روزاريو ليغريستي، رئيسة قسم أمراض الجهاز الهضمي في جامعة هاكنساك، أن هذه النتائج تثير قلقًا كبيرًا، لا سيما في ظل انتشار واسع لتعاطي القنب بين الشباب مع جهلهم التام بالمخاطر الصحية المترتبة عليه. واعتبرت أن الدراسة تضيء جانبًا غامضًا من تأثيرات الحشيش المزمنة، خاصة لدى الفئات الأكثر هشاشة صحية

أرقام مفزعة: 18 مليون أمريكي يتعاطون الحشيش يوميًا

وتأتي نتائج هذه الدراسة بالتزامن مع بلوغ معدلات تعاطي الحشيش اليومية أو شبه اليومية مستويات قياسية في الولايات المتحدة، حيث تشير التقديرات إلى أن نحو 18 مليون شخص يتعاطون القنب بشكل منتظم، من بينهم 4.5 مليون شاب تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عامًا. وقد أظهرت الإحصائيات أن 80% من هؤلاء يعانون من اضطراب تعاطي القنب

سرطان القولون يتفشى بين الشباب بمعدلات غير مسبوقة

بالتوازي مع ارتفاع استخدام القنب، رُصدت زيادات حادة في معدل الإصابة بسرطان القولون بين الشباب والمراهقين، حيث قفزت نسب الإصابة بنسبة 500% منذ مطلع الألفية الجديدة. وتتوقع التقديرات الطبية أن ترتفع معدلات المرض بنسبة 90% إضافية بحلول عام 2030 لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و34 عامًا

تحذير من تجاهل العوامل البيئية والسلوكية

يرى الخبراء أن سلوكيات مثل تعاطي القنب بانتظام لا يمكن فصلها عن عوامل الخطر المرتبطة بزيادة معدل الإصابة والوفاة بأمراض خطيرة، مؤكدين أن الوعي الجماعي حول المخاطر يجب أن يكون مكوّنًا أساسيًا من أي استراتيجية صحية عامة. كما شددوا على أن الوقت قد حان للتعامل بجدية مع العادات اليومية السلبية التي قد تكون قاتلة

دعوة للوقاية والمراقبة المستمرة

وفي ظل هذه المعطيات، طالب الباحثون وأطباء الجهاز الهضمي بضرورة إجراء فحوصات دورية للكشف المبكر عن سرطان القولون، خاصة بين الشباب المتعاطين للقنب، مع تعزيز التوعية حول مخاطر تعاطي المواد المخدرة وتأثيرها على الجسم على المدى الطويل. وأكدوا أن الوقاية تبدأ من السلوك، وأن كل عادة سيئة قد تكون بداية طريق إلى النهاية