صبري محمد علي (العيكورة) يكتب: كان في قديم الزمان

باستثناء الظروف الاقتصادية الخانقة والتي قد تجعل من مقالي هذا ان قلت فيه محذراً ان (الاسراف مذموم ) فستجعل من يقرأه بلا شك يقول (ياخ شوف الاستاذ ده فى شنو والناس فى شنو)؟

ولهم الحق فى ذلك فأين هو الاسراف اصلاً ؟

ولكن دعونا نتخيل اننا فى زمن الخليفة الراشد (عمر البشير) وقبل ان (تحك لي) شعر رأسك دعنا (فقط) نتخيل ونستحضر ذلك وهو زمن ليس ببعيد حتى نقلب له صفحات الكتب والمراجع .

اتذكر ….

يوم ان كان بالمخابز صناديق مليئة بالخبز كتب عليها اصحاب المخابز او الخيرون (اشتر لك ولغيرك) يذكرون الناس بالتصدق والانفاق . فى ذلك الزمان الاخضر . كنا نحذر من التسوق والشراء فوق الحاجة والبعد عن (البوبار) ولن اجد نفسي مجبراً ان اتحدث عن اسعار الدقيق والسكر والمحروقات واللحوم فذلك شأن يدمي القلوب ولم ينسه الناس .

والغريب فى الامر ان ….

العالم لم يتغير من حولنا بل ظل هو ..هو وبذات العقوبات والتهديد والوعيد والتنمر ولكن كان هناك رجل اسمه البشير (فك الله اسره) حشر العالم يومها (تحت الجزمة) فلم يتوقف مصنع بالسودان ولم تجف مزرعة ولم يعطش انبوب نفط ولم يغل المتصدقون ايديهم .

صحيح لم نكن مجتمعاً ملائكياً خالياً من الجشع وتجار الازمات ولكن فى المقابل كان هناك رجال سلطة وسطوة نذروا انفسهم ان لا ينام لهم جفن والشعب نيام فليل السودان كان ليلاً اخر لديهم ففى الافران تجدهم وبمحطات المحروقات تجدهم وعلى الثغور والارتكازات و المرابطون بالاحراش والحدود فاي طريق سيسلك الحرامي يا ترى ؟

هل منكم من ….

ينسى منظر الركشات والكوارو تتقاطر محملة بالعيش (المنفففخ داك) وهى تتبع بائعة طعام نعم تشتريها امرأة واحدة من آلاف النساء اللائي يمتهن بيع الطعام والشاي فهل يستطيع فعل ذلك اثرى اثرياء هذا الزمن (القحطي) هذه الايام ؟

وقس على ذلك …وافضل من يتحدث هن ربات البيوت فهن يعلمن جيداً قيمة جنيه البشير (المبروك) وقيمة جنيه حمدوك وعباس مدني وابراهيم الشيخ وحتى الفكي الحالي .

تتذكروا ….

(لمن) كان الواحد يملا خزان السيارة بالوقود لانه زائر صديقه او كما قيل (ماشي قندهار ياكل شية) ! تتذكروا الكلام ده

اذكر ذات يوم … كنت اتجاذب الحديث مع مسؤول مالي باحد مراكز الخرطوم العلاجية فى مجال طب العيون فقال لي ان اكثر من ٧٠% من مراجعي المركز يأتوننا من دول شرق وجنوب وغرب افريقيا !

اما اليوم …

فالصداع يذهب بنا لمصر طلباً للعلاج !

فنسأل الله ان لا يشملنا معنى الاية الكريمة التى وصفت حال القرية التى كانت امنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع و الخوف .

اعتقد ان من لطف الله بنا ان تتسارع الاحداث بهذه الصورة وحتى لا ننسى سقطت حكومة البشير ثم اعقبتها حكومتا حمدوك ثم تصحيح البرهان (ولك ان تسميه انقلاباً) اذا كان ذلك يروق لك . تتابعت هذه الاحداث وما زال المراقب يمسك بقلمه ووريقة يكتب، يقارن، يشطب ، يضيف، يمط شفتيه، يفرك شعر رأسه وهو من سيحكم .

قبل ما انسى : –

ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا .