اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٣٠ أيار ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
في مشهد صادم هز الرأي العام في جنوب إفريقيا، أصدر القضاء حكمًا قاسيًا بالسجن مدى الحياة ضد أم تدعى راكيل كيلي سميث، بعدما ثبت تورطها في جريمة بشعة تمثلت في اختطاف وبيع ابنتها الصغيرة جوشلين سميث مقابل مبلغ زهيد لا يتجاوز 20 ألف راند (ما يعادل 1100 دولار أمريكي).
تفاصيل الجريمة المروعة
جريمة الأم البالغة من العمر 35 عامًا لم تقف عند حدود الخيانة الأسرية، بل كشفت عن أبعاد إنسانية واجتماعية شديدة القسوة. الأم أقدمت على بيع طفلتها، ذات الستة أعوام، بالتعاون مع شريك حياتها وصديق آخر، حيث حكم عليهما أيضًا بالسجن لمدة عشر سنوات لكل منهما بتهمة الاختطاف.
الواقعة بدأت في فبراير من العام الماضي، حين اختفت الطفلة جوشلين سميث من بلدة سالدانيا الصغيرة الواقعة على بعد 135 كيلومترًا شمال مدينة كيب تاون، وظل مصيرها مجهولًا منذ ذلك الحين، دون أن يتم العثور عليها حتى الآن.
لا ندم.. ولا رحمة
في حيثيات الحكم، أكد قاضي المحكمة العليا ناثان إيراسموس، الذي تلا الأحكام خلال جلسة استمرت ساعة، أن الأم وشريكيها لم يظهروا أي ندم على الإطلاق، رغم ضخامة الجريمة. وقال القاضي إن 'تعاطيهم للمخدرات لا يُعد مبررًا لتصرفاتهم الشنيعة'، مضيفًا: 'لا يوجد في سجلات هذه القضية ما يشفع لهم أو يمنحهم عقوبة أقل من الحد الأقصى الذي أستطيع فرضه'.
المحكمة أشارت إلى أن سميث، وهي أم لثلاثة أطفال، حضرت المحاكمة بنظرات جامدة، غير مكترثة بمصير ابنتها أو بكلمات الشهود، بينما حضرت والدة سميث، أي جدة الطفلة، جلسة المحاكمة مرتدية قميصًا أبيض عليه صورة جوشلين.
موجة تعاطف وتحول صادم
في بداية القضية، أثار اختفاء جوشلين تعاطفًا واسعًا من الجمهور تجاه والدتها، ما دفع السلطات إلى إطلاق عمليات بحث موسعة على مستوى البلاد، بل ووصل الأمر إلى أن عرض أحد الوزراء مكافأة مالية ضخمة بقيمة مليون راند (54 ألف دولار) لمن يعثر على الطفلة ويعيدها سالمة.
وانتشرت صور الطفلة، بعينيها الخضراوين وابتسامتها الطفولية الساحرة، على مواقع الإنترنت، مما زاد من التعاطف الشعبي والضغوط على الأجهزة الأمنية. لكن هذا التعاطف لم يدم طويلًا، إذ سرعان ما انكشفت الحقائق الصادمة مع تقدم التحقيقات.
بيعت لمعالج تقليدي بسبب لون العين والبشرة
تحولت مجريات القضية عندما كشف الادعاء أن الأم باعت ابنتها لمعالج تقليدي، كان يعتقد أن الطفلة تتمتع بمواصفات خاصة مثل عينيها الخضراوين وبشرتها الفاتحة، مما يجلب له 'قوى روحية' بحسب ما يُعتقد في بعض المعتقدات المحلية.
ورغم أن المحكمة لم تُعلن عن هوية الشخص الذي بيعت له الطفلة، إلا أن القاضي ألمح إلى بشاعة الدوافع، مشيرًا إلى أن الأمر تجاوز الجشع المادي ليغوص في تفسيرات خرافية مقلقة. كما قدم أحد الشهود، وهو قس معروف في المنطقة، إفادة مؤثرة أكد فيها أن الأم أخبرته مسبقًا في 2023 بأنها تنوي بيع الطفلة.
توسيع التحقيقات خارج البلاد
مع مرور الوقت وتضاؤل الأمل في العثور على جوشلين، أعلنت الشرطة أنها وسعت دائرة البحث لتشمل مناطق خارج حدود جنوب إفريقيا، في محاولة للوصول إلى الطفلة أو على الأقل جمع أدلة إضافية تساعد في استكمال خيوط الجريمة.
وقد شكك كثير من المراقبين في قدرة الأجهزة الأمنية على تتبع مصير الطفلة، لا سيما وأن منظمات الاتجار بالبشر تعمل بشبكات سرية معقدة وتتمتع بنفوذ واسع في بعض المناطق.
اختطاف الأطفال.. ظاهرة تتفاقم
جريمة جوشلين ليست معزولة، إذ تُعد جنوب إفريقيا من الدول ذات المعدلات المرتفعة في الجرائم، وخاصة جرائم الاختطاف والاتجار بالبشر. ووفقًا لإحصائيات الشرطة الرسمية، تم تسجيل أكثر من 17 ألف حالة اختطاف خلال السنة المالية 2023 – 2024، بزيادة قدرها 11% عن العام السابق.
ورغم هذه الأرقام المفزعة، فإن الإحصاءات لا توضح أعمار الضحايا، مما يجعل تقييم مدى استهداف الأطفال أمرًا معقدًا ويصعب رصده بدقة.
الغضب الشعبي والدعوات لتشديد القوانين
أثارت القضية حالة من الغضب الشعبي في الأوساط الاجتماعية والحقوقية، حيث دعا الكثير من المواطنين إلى ضرورة سن قوانين أشد صرامة لحماية الأطفال، وتشديد العقوبات على جرائم الاتجار بالبشر، خاصة حين تكون الضحية قاصرًا.
كما طالبت منظمات حقوق الطفل بتكثيف حملات التوعية في المناطق الفقيرة، حيث تستغل شبكات الجريمة ضعف التعليم والفقر لتجنيد الأمهات في صفقات مأساوية كهذه.