محلل سياسي: إقامة البشير في مجمع فاخر داخل مروي تعكس غياب المحاسبة الجادة

في تعليق سياسي أثار جدلاً واسعاً حول مسار العدالة الانتقالية في السودان، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي السوداني طاهر المعتصم أن الظروف التي يعيش فيها الرئيس الأسبق عمر البشير وعدد من مرافقيه داخل مجمع سكني فاخر تشكل دليلاً واضحاً على أن العدالة لم تُطبق بشكل كافٍ حتى الآن.

وأوضح المعتصم في مقابلة مع قناة العربية رصدها موقع اخبار السودان أن ما وصفه بـ”المنتجع السكني” الذي يقيم فيه البشير لا يعكس طبيعة الاحتجاز التي يفترض أن يخضع لها شخص يواجه تهماً تتعلق بالانقلاب العسكري والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، مشيراً إلى أن هذه الإقامة المريحة تتناقض مع مطالب الشعب السوداني في تحقيق العدالة والمحاسبة.

وأضاف أن البشير لا يقيم في منشأة عقابية تقليدية، بل في بيئة توفر له مستوى من الراحة لا يتناسب مع حجم الجرائم المنسوبة إليه، وهو ما يثير تساؤلات حول جدية الإجراءات القضائية المتخذة بحقه. ولفت إلى أن وجوده في هذا النوع من الإقامة، بعيداً عن السجون أو مراكز الاحتجاز المعروفة، يعكس خللاً في تطبيق القانون، ويمنح إشارات سلبية للرأي العام المحلي والدولي بشأن التزام السلطات السودانية بمبدأ العدالة المتساوية.

وأشار المعتصم إلى أن هذا الوضع لا يقتصر على البشير وحده، بل يشمل عدداً من المسؤولين السابقين الذين كانوا جزءاً من النظام المعزول، والذين يقيمون معه في ذات المجمع، ما يعزز الانطباع بأن المحاسبة لم تصل إلى مستوى الجدية المطلوبة. وأكد أن العدالة لا تتحقق فقط عبر فتح الملفات أو إصدار المذكرات، بل يجب أن تنعكس في طبيعة الإجراءات التنفيذية، بما في ذلك ظروف الاحتجاز والمعاملة القانونية، وهو ما لا يبدو متوفراً في حالة البشير ومرافقيه.

وشدد على أن هذا النموذج من الإقامة يضعف ثقة المواطنين في مؤسسات العدالة، ويمنح خصوم التحول الديمقراطي فرصة للتشكيك في مصداقية المسار القضائي، خاصة في ظل استمرار الحرب والانقسام السياسي الذي يعيق بناء مؤسسات مستقلة وفعالة. وختم بالقول إن العدالة الانتقالية لا يمكن أن تُبنى على المجاملات أو التراخي، بل تتطلب حزمًا في الإجراءات، ومساواة في المعاملة، وتجردًا من أي اعتبارات سياسية أو أمنية تمنح امتيازات غير مبررة لمن يواجهون تهماً خطيرة بحجم ما يُنسب إلى عمر البشير.