أعلى من معدله العالمي.. ما وراء انتشار "الاحتراق الوظيفي" بالخليج؟

محمود جبار - الخليج أونلاين

ما الاحتراق الوظيفي؟

التكلفة المُرتفعة للإنجاز العالي.

بماذا تتمثل هذه الظاهرة؟

لماذا ترتفع نسبة الاحتراق الوظيفي؟

أن يعاني واحد من كل ثلاثة موظفين في دول الخليج من 'الاحتراق الوظيفي' مسألة تلفت الانتباه، لا سيما أنها أعلى من النسبة العالمية التي تمثل واحداً من كل 4 موظفين، وذلك ما دعا مجلس الصحة الخليجي، في 13 سبتمبر الجاري، لإطلاق حملة توعوية في هذا الشأن.

مجلس الصحة في بيان الحملة أكد أن تجاهل هذه الظاهرة يسبب القلق والاكتئاب أو الإدمان، ودعا لاعتماد عدد من الخطوات لتلافي وقوع الموظفين في تلك الحالة النفسية.

كما دعا أيضاً إلى توعية الموظفين بعلامات هذه الظاهرة، وتزويدهم بمهارات التكيف والتعامل مع ضغوطات العمل بالشكل الصحيح، وضرورة الاستمتاع بالتوازن بين العمل والحياة الخاصة، ومعرفة طرق التكيف مع ضغوطات العمل.

وأوصى مديري المنشآت بعدم دفع الموظفين نحو 'الاحتراق الوظيفي'، كما أوصى الموظفين بضرورة أخذ قسط من الراحة؛ لتجنب الاحتراق الوظيفي، وفقاً لصحيفة 'اليوم' السعودية.

الطبيب والمعالج النفسي هربرت فرودنبرجر، وهو أول من أجرى أبحاثاً عن هذه الظاهرة، وصف الاحتراق الوظيفي بأنه التكلفة المُرتفعة للإنجاز العالي.

ويضيف بأن هذه الظاهرة تتمثل في 'حدوث انقراض أو تقلص للدافع أو الحافز الذي يُحركنا في الحياة أو يدفعنا للاستمرار في العمل وتحقيق التطور المهني، والذي يحدث بشكل خاص عندما تفشل جهود الشخص في تحقيق النتائج المرجوة'.

الاحتراق الوظيفي، المعروف أيضاً بمتلازمة الاحتراق الوظيفي أو الإجهاد المهني، هو -وفق ملخص بحث أجراه 'الخليج أونلاين'- حالة نفسية وعاطفية تحدث عندما يصبح الشخص تعباً ومرهقاً نتيجة للضغوط والتوترات الشديدة في بيئة العمل.

يمكن أن يتسبب الاحتراق الوظيفي في تقليل الرضا عن العمل والأداء المهني، ويمكن أن يؤثر سلباً على الصحة العامة والعلاقات الشخصية.

تتضمن أعراض الاحتراق الوظيفي عادة الإرهاق الشديد، أي الشعور بالتعب الجسدي والعقلي المستمر، وفقدان الاهتمام بالأمور المهنية والشخصية، وتدهور الأداء المهني وزيادة عدد الأخطاء في العمل، والشعور بالاحتقان والتوتر المستمر.

وأيضاً تتضمن انخفاض مستويات الرضا عن العمل والحياة الشخصية، والانعزال الاجتماعي وانخفاض الرغبة في التواصل مع الزملاء والأصدقاء، إضافة إلى اضطرابات في النوم والتغذية.

كما يمكن أن يحدث الاحتراق الوظيفي في مختلف المجالات المهنية، ويؤثر على الأشخاص بطرق مختلفة.

أما العوامل التي يمكن أن تسهم في الاحتراق الوظيفي فتشمل الضغوط العالية في العمل، وقلة الدعم الاجتماعي، وعدم وجود التوازن بين العمل والحياة الشخصية، وانعدام السيطرة على الوظيفة، والشعور بعدم الاستفادة من العمل الذي يتم أداؤه.

وللتعامل مع الاحتراق الوظيفي يمكن اللجوء إلى المساعدة الاحترافية من خلال الاستشارة النفسية أو التدريب المهني؛ لمساعدة الأفراد في التغلب على هذه الحالة وتحسين جودة حياتهم المهنية والشخصية.

الاحتراق الوظيفي في الخليج

يبقى السؤال الأهم: ما سبب ارتفاع نسبة الاحتراق الوظيفي في الخليج على الرغم من أن هذه البلدان تعدّ من أكثر البلدان في العالم التي يطمح الأشخاص من مختلف الدول للعمل فيها؛ لما توفره من مرتبات عالية وفرص عمل مهمة؟

عبر البحث عن الأسباب التي تقف وراء ظاهرة الاحتراق الوظيفي في دول مجلس التعاون توصل 'الخليج أونلاين' إلى مجموعة من الأسباب هي الأبرز في حصول هذه الظاهرة.

تبرز هنا ضغوط العمل الكبيرة؛ حيث إنه في العديد من القطاعات بدول الخليج يواجه الموظفون أعباء عمل كبيرة وضغوطاً عالية؛ نظراً للتطور السريع والنمو الاقتصادي.

من الأسباب أيضاً التوقعات الخاطئة من بعض الموظفين، إذ يشعرون بأن العمل يجب أن يكون أولوية على حساب أي جانب آخر من الحياة.

فرص العمل المحدودة تعدّ من بين الأسباب أيضاً، حيث تشهد بعض الدول الخليجية منافسة شديدة على الوظائف الجيدة، وهذا يمكن أن يؤدي إلى شعور الموظفين بأنهم في حالة منافسة مستمرة للحفاظ على وظائفهم.

الضغوط الاقتصادية من بين أهم الأسباب أيضاً؛ إذ يتعرض بعض الأشخاص في دول الخليج لضغوط اقتصادية بسبب تكاليف المعيشة المرتفعة.

من بين الأسباب أيضاً بالنسبة إلى الوافدين من خارج البلاد يمكن أن تكون هناك تحديات في التواصل الثقافي وفهم العادات والتقاليد المحلية، مما يؤثر على تكيفهم في بيئة العمل.

بيئة العمل

المختصة النفسية الدكتورة تحرير صافي، التي تحدثت لـ'الخليج أونلاين'، تصف الاحتراق الوظيفي بأنه المرحلة الذي يصل بها الموظف إلى رفض وعدم تقبل بيئة العمل لدرجة قد تصل إلى كراهية العمل.

وأوضحت أن ذلك الأمر ينعكس على صحة الموظف النفسية والعقلية والجسدية؛ ما يتسبب بتدني أدائه بالعمل وانخفاض مستوى إنتاجيته.

لمعرفة كيفية علاج الاحتراق الوظيفي تقول صافي إن ذلك يعود أولاً لمعرفة أسبابه، وأهمها 'العمل الروتيني التقليدي دون وجود أي محفزات أو تطور'.

عبء وضغط العمل، وذلك بإنجاز مهام كثيرة بوقت قصير دون استراحة أو وجود محفز، أو مكافأة على ذلك، سبب آخر وفق صافي، التي تضيف أن ما يزيد ذلك أيضاً ما إذا كانت الأجور متدنية.

أسباب مهمة للاحتراق الوظيفي أيضاً تتمثل في علاقة الموظفين بعضهم ببعض، ومع الإدارة ومدير العمل، بحسب المختصة النفسية.

ولتجنب الاحتراق الوظيفي أو علاجه -والحديث لصافي- تجب تلبية احتياجات الموظف الأساسية، ووجود علاقات صحية وتنافس بناء، وتوفر وسائل الاتصال والتواصل المهنية والمرنة داخل بيئة العمل، وفهم متطلبات الموظفين ودراستها.

كما تشدد على ضرورة اهتمام الموظف بممارسة العادات الصحية بحياته؛ مثل الغذاء الصحي، وممارسة الرياضة، والنوم الكافي، والسعي لخلق بيئة صحية، وبناء علاقات جيدة مع زملاء العمل، والتواصل مع الإدارة بشكل مجدٍ وفعال.

وتنصح أيضاً بتطوير الموظف لذاته من خلال الدورات والمهارات والهوايات المختلفة، وبالاستجمام في وقت الإجازة المتاحة، بممارسة الموظف لأنشطة يحبها.

وتشدد أيضاً على أن 'يكون الموظف ناضجاً في الفصل بين حياته الشخصية والمهنية، وأن يواجه المشكلات ويعالجها أولاً بأول، فدرهم وقاية خير من قنطار علاج'.