اخبار قطر
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١١ أيلول ٢٠٢٥
كامل جميل - الخليج أونلاين
أشهر عمليات الموساد في الخليج كان اغتيال القيادي في 'حماس' محمود المبحوح عام 2010، في إمارة دبي.
على الرغم من تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعدم تكرار الهجوم الإسرائيلي على الدوحة في العملية الإسرائيلية التي استهدفت قادة حركة 'حماس'، قبل يومين، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هدد بتكرار الهجوم، ما يشير إلى أن قطر باتت ضمن دائرة الاستهداف الإسرائيلية.
وفي الوقت الذي أبدت دول الخليج تضامنها ودعمها لقطر، وأكد بعضها تسخير كافة إمكانياتهم لمساعدتها في إجراءاتها لمواجهة العدوان الإسرائيلي، يجعل ذلك دولاً أخرى بمجلس التعاون في دائرة الخطر المحتمل في حال أي تصعيد جديد.
الأربعاء (10 سبتمبر 2025) اتهم نتنياهو الدوحة بتوفير 'ملاذ آمن' لقيادات حركة 'حماس' وتمويلها، مشدداًإن على قطر وجميع الدول التي 'تؤوي إرهابيين' أن تطردهم أو تقدمهم للمحاكمة، مهدداً: 'إذا لم تفعلوا ذلك فسنفعل نحن'، على حد قوله.
جاء تصريح نتنين=اهو بعد يوم واحد من تنفيذ سلاح الجو الإسرائيلي، هجوماً على مقر اجتماع للوفد التفاوضي التابع لحركة المقاومة الفلسطينية (حماس) في العاصمة القطرية الدوحة.
وكان ترامب قال عبر منصة 'تروث سوشيال' إن 'قرار إسرائيل المنفرد بالقصف لا يخدم أهدافها ولا أهداف أمريكا'، مؤكداً أنه تحدث مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن وطمأنهما بـ'عدم تكرار ذلك'.
بدورها، وصفت وزارة خارجية قطر تصريحات نتنياهو بـ'المتهورة'، مبينة أن استضافة مكتب 'حماس' تمت في إطار جهود الوساطة التي طُلبت من قبل الولايات المتحدة و'إسرائيل'، وكان لهذا المكتب دوراً في عمليات تبادل الأسرى.
ولفتت إلى أن تصريحات نتنياهو 'مسعى يائس لتبرير جريمة أدانها العالم أجمع'، مشيرة إلى أن التضامن الدولي الواسع مع دولة قطر على خلفية العدوان الإسرائيلي، يكشف عن أن 'التهديدات الرعناء الموجهة ضد سيادة الدول مرفوضة جملة وتفصيلاً'.
وأكدت أن قطر 'ستتخذ كافة التدابير اللازمة للدفاع عن سيادتها وأراضيها (...) وستعمل مع شركائها لضمان محاسبة نتنياهو ووقف ممارساته المتهورة وغير المسؤولة'.
تحولات استراتيجية
لم يكن الهجوم الإسرائيلي على قطر، الذي هَدفَ إلى اغتيال قادة لـ'حماس'، سوى جزء من عمليات مماثلة في الهدف، دأبت تل أبيب على تنفيذها، منذ عقود، في مختلف دول العالم.
تقرير لمركز أمن الخليج يحمل عنوان 'الاختراق الكامل: كيف يطوّق جهاز الموساد دول الخليج من الداخل؟'، أكد أن الأعوام الأخيرة شهدت تحولات استراتيجية كبيرة جعلت من نشاط الموساد في الخليج خياراً استراتيجياً لـ'إسرائيل'.
يشير التقرير إلى أن الصراع الثنائي الخليجي- الإسرائيلي مع إيران كان دافعاً للتقارب الأمني بين بعض دول الخليج وتل أبيب، لكن ممانعة السعودية وقطر والكويت للتطبيع، إضافة إلى عدم رغبتهم في الدخول في مواجهة مباشرة مع طهران، تشكل جميعها حافزاً لمحاولات التجسس الإسرائيلية.
يؤكد التقرير أن الموساد طوّر أساليبه بشكل لافت خلال العقد الماضي للتغلغل في دول الخليج، موضحاً:
اتخذ طابعاً مزدوجاً؛ بوجود تعاون مع الإمارات والبحرين، من جهة وعمليات سرية وعدائية تُدار بما تقتضيه المصالح الأمنية.
تجنيد أفراد من جاليات أجنبية يعملون في قطاعات حساسة تتيح لهم الوصول إلى معلومات حيوية.
تجنيد عملاء من جنسيات أخرى لقيادة الخلايا كما حصل في اغتيال القائد في 'حماس' محمود المبحوح.
تعزيز التعاون مع أجهزة استخبارات إقليمية ودولية.
قدم لبعض الدول الخليجية معلومات حاسمةوزوّدها بتقنيات تنصت واختراق متقدمة،مما وفّر للموساد موطئ قدم رسمياً داخل المنطقة.
القتل مهمة مقدسة
في كتابه الذي حمل عنوان 'قم واقتل أولاً' المستوحى من عبارة في التلمود هي: 'إذا جاء أحد ليقتلك، قم واقتله أولاً'، يقول المحلل الاستخباري الإسرائيلي رونين بيرغمان:'منذ الحرب العالمية الثانية، اغتالت إسرائيل أناساً أكثر من أي دولة أخرى في العالم الغربي'.
الكتاب يسلط الضوء على تفاصيل أبرز العمليات التي نفذها 'الموساد' في دول مختلفة، بينها دول عربية مثل لبنان وسوريا وتونس.
ويكشف الكتاب عن أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية نفذت ما لا يقل عن 2700 عملية اغتيال منذ الإعلان عن قيام دولة 'إسرائيل' عام 1948 وحتى إصدار الكتاب في عام 2018.
أما في الخليج فقد، تطرق الكتاب إلى اغتيال محمود المبحوح في 19 يناير 2010، في إمارة دبي.
والمبحوح أحد قادة 'القسام'، قُتلفي غرفته بأحد الفنادق بدبي، صعقاً بالكهرباء ثم الخنق، في عملية أثارت حينها غضباً دبلوماسياً إماراتياً، لا سيما أن المنفذين استخدموا جوازات سفر مزورة.
بعد خمس سنوات بثت القناة العبرية الثانية فيلماً وثائقياً حول اغتيال المبحوح، أكدت فيه أن فرقة من 11 عنصراً من الموساد نفذت العملية في دبيواستغرقت 22 دقيقة فقط.
ويروي الفلم الوثائقي، أن المنفذين استخدموا جوازات السفر المزدوجة، والأسماء المستعارة والنظارات والشعر المستعار.
توسع نحو الخليج
التغلغل الإسرائيلي في الخليج يمكن توضيح أهدافه من خلال ما كشف عنه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في أغسطس الماضي،حين تحدث عن ما تسمى بـ'دولة إسرائيل الكبرى'.
ووفق المعتقد اليهودي، تمتدّ هذه الدولة المزعومة لتشمل أراضي عدد من الدول العربية، بما يحقق الحلم الصهيوني 'من النيل حتى الفرات'؛ وتشمل الخريطة كامل فلسطين ولبنان والأردن وأجزاء من مصر والعراق وسوريا وتركيا.
أما من دول الخليج فتضم الخارطة المزعومة كامل دولة الكويت وأجزاء واسعة من السعودية، في جانبها الشمالي الغربي وصولاً إلى تبوك ونيوم ومكة المكرمة والمدينة المنورة، واقتطاع نحو النصف من ساحل البحر الأحمر، وهو ما دفع العواصم الخليجية لإدانة الحديث الإسرائيلي عن الخريطة.
ولم تكن الضربة التي استهدفت أخيراً قادة 'حماس' في قطر، سوى جزء من محاولات الاختراق الإسرائيلي داخل منطقة الخليج.
وهذا أيضاً، يأتي تأكيداً لتوجيهات نتنياهو الذي قال في ديسمبر 2023 إنه أصدر تعليماته الى 'الموساد' باغتيال قادة 'حماس' أينما كانوا.
كل ذلك يؤكد أن دول الخليج باتت مستهدفة بشكل مباشر من قبل 'إسرائيل' وهو ما أدركته الدوحة جيداً، حيث قال رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، خلال مؤتمر صحفي، أن نتنياهو يقود المنطقة 'إلى مستوى لا يمكن إصلاحه'.
وأضاف متسائلاً: إن 'نتنياهو قال إنه سيعيد تشكيل الشرق الأوسط، فهل سيعيد تشكيل الخليج؟'. وطالب بـ'الرد بشكل موحد على همجية نتنياهو'، معلناًتشكيل فريق قانوني لاتخاذ الإجراءات القانونية للرد على الهجوم الإسرائيلي على الدوحة.
لكن دول الخليج، أظهرت موقفاً موحداً في دعم قطر بقوة، ومسانداً لها، حتى من قبل الدول التي تملك علاقات دبلوماسية مع تل أبيب، مؤكدة على أن المخاطر لن تواجهها قطر منفردة بل عبر اصطفاف جماعي.