سعيد بقضاء أول رمضان في الدوحة

الدوحة – إبراهيم بدوي:

تقدم سعادة الدكتور «مصطفى كوكصو» سفير الجمهورية التركية الشقيقة لدى الدولة بخالص التهاني إلى دولة قطر أميرًا وحكومة وشعبًا بمُناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

وأعرب عن سعادته بقضاء أول رمضان له في قطر منذ توليه منصبه سفيرًا لبلاده لدى الدوحة وتطلعه لتقاسم أجوائه الروحانية الطيّبة مع أهلها. وقال: رغم افتقادي لبلدي تركيا، إلا أنني أحب دولة قطر، وأشعر بأنني في بلدي الثاني. فالحياة هنا هانئة مُريحة والناس هنا طيبون ومُحبون، لافتًا إلى الظروف الاستثنائية التي يأتي خلالها الشهر الفضيل مع استمرار جائحة كورونا العالمية وضرورة مُراعاة التدابير الاحترازية للحفاظ على صحة المُجتمع. وتحدث السفير كوكصو عن مظاهر استقبال رمضان في تركيا والاحتفاء به، وذكرياته مع الشهر الفضيل الذي يُسمى في تركيا ب «سلطان الشهور»، وغيرها من التفاصيل في الحوار التالي:

• نبدأ بكلمة لأهل قطر بمناسبة شهر رمضان المبارك خاصة مع استمرار جائحة كورونا العالمية؟

أتقدم للشعب القطري بأطيب التهاني بمناسبة قدوم شهر الرحمة والمغفرة، سائلًا المولى أن يُعيده على الأمة الإسلامية جمعاء بالخير واليمن والبركات. وأهنئ دولة قطر أميرًا وحكومة وشعبًا على تقدمهم في التغلب على جائحة (كورونا) «كوفيد-١٩»، وأشيد هنا ببرنامج التطعيم في دولة قطر الذي شمل جميع من يعيش على أرض قطر من مُواطنين ومُقيمين. وأعرب عن ثقتي بأن قطر – وباقي دول العالم- ستجتاز هذه الأزمة بكل عزيمة واقتدار. وشخصيًا أعرب عن سعادتي لوجودي في الدوحة خلال الشهر الفضيل وتقاسم أجوائه الروحانية الطيّبة مع الشعب القطري الشقيق، وهذا هو أول رمضان أقضيه هنا في دوحة الخير.

ظروف استثنائية

• ما هي القيم الأهم أو الرسالة الأبرز لهذا الشهر بالنسبة لكم؟

شهر رمضان المبارك له قداسة وحرمة في قلوب المسلمين حول العالم، فالمُسلمون يحرصون فيه على الإكثار من العبادات والطاعات، والتحلي بأخلاق العفو والتسامح، ويعيشون فيه حالة من السمو الروحاني. وشهر رمضان مدرسة إيمانية نستلهم منها قيم الصبر والتكافل، وتزيد فيه أجواء الألفة والمحبة. ويأتي شهر رمضان المبارك هذا العام في ظروف استثنائية بسبب كورونا، ولكننا نستقبل هذا الشهر الفضيل بكل تفاؤل وابتهاج، ونستعد لأداء فرائضه بما يُناسب هذه الأيام المُباركة التي تحمل معها الخيرات والنفحات العظيمة. وأهم ما يُميز رمضان هذا العام هو أن الكثيرين تأثروا اقتصاديًا وفقدوا عملهم، وهذا يجعلنا نفهم الشهر الكريم بشكل أكبر فلا بد أن نكون أكثر عطاءً وتضحية في هذا الشهر الكريم ولا بد أننا كشعوب ودول أن نقف بجانب كل من تأثروا بهذه الجائحة. ويُذكّرنا رمضان مع كورونا أننا لا بد أن نكون أكثر قُربًا من الله عز وجل في ظل ما نراه من تأثير الجائحة على الناس وكثرة الوفيات في المُجتمع والعالم، بغض النظر عن أعمارهم وظروف معيشتهم وإمكاناتهم المادية.

قطر وتركيا

• ما القواسم المُشتركة بين رمضان في قطر وتركيا؟

هناك تشابه كبير في العادات الرمضانية بين قطر وتركيا، فجميعنا كمسلمين نشعر ببهجة كبيرة أثناء الصيام؛ لأنه فرصة لتطهير الروح والجسد على حدٍ سواء. ولعل أبرز ما يتميز به شهر رمضان في البلدين هو تجمع الأسرة على مائدة الإفطار، وبعض الحلويات الخاصة برمضان، بالإضافة إلى الخيم الرمضانية، وصلاة التراويح، والتسابق في فعل الخير، ومنح الصدقات. ورمضان في تركيا وقطر تجتمع فيه صلة الأرحام وتذكّر الأقارب وزيارة الأصدقاء وتكافل المُجتمع، واجتماعنا على القرآن والذكر.

ذكريات رمضانية

• ماذا عن ذكريات الطفولة الخاصة بكم في رمضان وطقوسه التي لا تزال قائمة حتى اليوم في تركيا؟

أكثر ما أذكره من طفولتي هو رغبتي الشديدة أنا وإخوتي في الاستيقاظ على السحور. فلقد نشأنا على احترام شهر رمضان، وكنا نصوم ساعات قليلة في طفولتنا، وهذا تقليد في تركيا يُسمى ب «صيام العصافير»؛ لتشجيع الأولاد على الصوم. نحن في تركيا نسمي هذا الشهر الفضيل باسم «سلطان الشهور». فرمضان في تركيا هو شهر أشبه بالمهرجان الإيماني الذي يجلب الفرح، تجتمع العائلة والأقارب على مائدة الإفطار، وتكتظ الشوارع ليلًا في تركيا وتُضاء المساجد والمآذن من صلاة المغرب إلى صلاة الفجر، ويُسمى ذلك بال «محيا» وهو المظهر الذي يُعبّر عن فرحة شعبنا وبهجته بحلول الشهر المبارك. ويُعد «المسحراتي» تقليدًا من تقاليد الأسلاف التي لا تزال قائمة حتى الآن في تركيا، فهو يجول الشوارع في الليل، ويضرب طبله ويُغني بعبارات ونداءات وأناشيد رمضانية لإيقاظ الناس في أوقات السحور. كما أن اكتظاظ المساجد بقارئي القرآن الكريم وحلقات الوعظ الديني يُعد مظهرًا بارزًا من مظاهر رمضان عند الشعب التركي. ولا ننسى التصدّق على الفقراء خلال هذا الشهر الفضيل وإدخال البهجة إلى قلوبهم، والصدقة ليست بالضرورة أن تكون بالأموال أو بالأشياء العينية فقط، فإن أعظم الصدقات هي العفو والمُسامحة.

قطر بلدي الثاني

• ما الذي تفتقده أكثر في رمضان بسبب أزمة كورونا؟

أكثر ما نفتقده خلال هذا الشهر بسبب وباء كورونا، هو تبادل الزيارات بين العائلات والأصدقاء والذي يُعد جزءًا من الثقافة التركية. بالطبع لن يكون الشهر – كما كان في السابق – مُفعمًا بموائد الرحمن وتبادل الزيارات والدعوات العائلية على وجبة الإفطار وصلوات التراويح. وسوف نشتاق كثيرًا إلى مذاق ليالي رمضان العطرة والمُفعمة بالمشاعر الدينية الدافئة، لكنها إرادة الله وحِكمته. ولكن علينا مُراعاة إرشادات التباعد الاجتماعي؛ حرصًا على صحة المُجتمع، وإن شاء الله تنفرج الأزمة قريبًا. ونحاول أن نعوّض ذلك بالاجتماعات العادية عبر المنصات الافتراضية والإلكترونية. وأقول لكم بصدق: رغم افتقادي لبلدي تركيا، إلا أنني أحب دولة قطر، وأشعر بأنني في بلدي الثاني. فالحياة هنا هانئة مُريحة والناس هنا طيبون ومُحبون.

• كيف نستثمر روح رمضان وقيم التعاون والتضامن في مُكافحة هذا الوباء؟

شهر رمضان هذا العام يُمثل فرصة للتكافل والتعاون بين الناس في مُواجهة الجائحة. وأتمنى على الجميع احترام التدابير الوقائية التي تحدّدها السلطات المحلية القطرية من أجل الإسراع في التخلص من الوباء بشكل تام. وأعتقد أنها ستكون فرصة جيدة للعبادات الفردية والصلوات وتهذيب النفس وترويضها على الإخلاص لله تعالى. وقد يكون رمضان فُرصة لنا على المُستوى الشخصي لمُحاسبة النفس والتركيز مع عوائلنا والتفكير في مُستقبل أفضل.

تدابير تركية

• هل هناك إجراءات مُحدّدة في تركيا خلال شهر رمضان للحد من هذا الوباء؟

في رمضان هذا العام، لن تقوم البلديات والجمعيات الخيرية بتنظيم فعاليات الإفطار والسحور الجماعية في عموم تركيا. ولكنها بالمُقابل، ستقوم بتوزيع وجبات الإفطار الساخنة على الناس المُحتاجين وستوصل الوجبات إلى بيوتهم. وثمّة تدابير أخرى.