"قطر للطاقة" و"توتال".. ما أبعاد الشراكة الثلاثية في حقل أرطاوي العراقي؟

طه العاني - الخليج أونلاين

ما أبرز مكونات مشروع تنمية الغاز المتكامل في العراق؟

ما القيمة التقديرية لاستثمارات المشروع الثلاثي في العراق؟

تتجاوز 13 مليار دولار.

تعزز قطر حضورها في قطاع الطاقة العراقي عبر دخولها في شراكة استراتيجية مع شركات عالمية كبرى، في خطوة تفتح الباب أمام توسع الاستثمارات القطرية في مشاريع النفط والغاز داخل العراق.

اتفاق جديد تم توقيعه ضمن مساعي بغداد لتطوير بنيتها التحتية للطاقة، واستثمار مواردها من الغاز والنفط والمياه، عبر شراكات ثلاثية تجمع وزارة النفط العراقية مع شركتي 'قطر للطاقة' و'توتال إنرجيز' الفرنسية، إلى جانب شركات عالمية أخرى.

شراكة ثلاثية

وفي إطار مشروع 'تنمية الغاز المتكامل'، تضمّن الاتفاق الجديد إسناد إدارة حقل أرطاوي العراقي إلى 'توتال' كمشغل رئيس، فيما تدخل 'قطر للطاقة' بحصة تشغيلية مباشرة، بالإضافة إلى الجانب العراقي المتمثل بشركة نفط البصرة.

وأكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في 14 سبتمبر 2025 أن 'زيادة الاستثمارات القطرية، وعموم الاستثمارات الأجنبية في العراق، مؤشر على تطور البيئة الاستثمارية'، مشدداً على أن السوق العراقية 'مفتوحة أمام الشركات الرصينة للمساهمة في التنمية الاقتصادية والبنية التحتية'.

تتجاوز استثمارات مشروع تنمية الغاز المتكامل في العراق 13 مليار دولار، وهو مبادرة متعددة المراحل تهدف إلى تعزيز البنية التحتية للطاقة في البلاد.

وبالتوازي مع ذلك، جرى توقيع عقود ضمن نفس المشروع، أولها محطة معالجة مياه البحر المشتركة (STF) بين 'توتال' وشركة 'هيونداي' الكورية، بطاقة تصميمية تبلغ 7.5 مليون برميل يومياً، بهدف توظيف المياه المعالجة للحقن في الحقول النفطية الجنوبية لتعزيز الضغوط المكمنية وزيادة الإنتاج.

كما تضمنت العقود توقيع عقد المعالجة المركزية للنفط والغاز بين 'توتال' و'إينكا' التركية، ويتضمن المشروع إنتاج نحو 210 آلاف برميل نفط يومياً، إلى جانب 163 مليون قدم مكعب قياسي من الغاز يومياً، وتوفير 240 ألف برميل ماء يومياً للحقن، إضافة إلى إدخال تقنية عدم حرق الغاز للحد من الانبعاثات.

وشملت الاتفاقات أيضاً عقد محطة معالجة الغاز بين 'توتال' و'CPECC' الصينية، والمتضمن استثمار الغاز المصاحب من حقل أرطاوي وعدد من الحقول الأخرى، بطاقة كلية تصل إلى 600 مليون قدم مكعب قياسي يومياً، على مرحلتين بطاقة 300 مليون قدم مكعب قياسي يومياً لكل مرحلة.

وحث السوداني الأطراف كافة على 'الإسراع في تنفيذ الأعمال الخاصة بالمشروع، ولا سيما في إنتاج الغاز والطاقة الكهربائية الشمسية النظيفة'، مؤكداً أن المشروع سيسهم في 'رفد الشبكة الكهربائية الوطنية بطاقة تصل إلى 1000 ميغاواط على مراحل، بدءاً من مطلع العام المقبل'.

من جانبه، أكد وزير الطاقة القطري سعد بن شريدة الكعبي، على هامش التوقيع، رغبة بلاده والشركات القطرية في توسعة العمل والاستثمارات وعموم الشراكة التنموية مع العراق، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء العراقية.

فرص وانعكاسات

يقول الأكاديمي والخبير الاقتصادي أحمد صدام، إن مشاركة 'قطر للطاقة' في عملية استرجاع الغاز وتطويره ستُعزّز قدرة العراق على توفير الغاز لمحطات الطاقة الكهربائية.

ويضيف لـ'الخليج أونلاين' أن هذه الشراكة قد تُسرّع من فرص العراق في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز قبل عام 2030، كما أنها ستُقلّل من مخاطر التأخير وتجلب الخبرات الفنية والإدارية اللازمة.

وأوضح صدام أن استراتيجية قطر ترتكز على استثمار خبراتها في مجال الغاز، وأن هذه الشراكة توفّر لها إمكانية التوسع إقليمياً.

ويردف أن هذا التوسع يُحسّن من موقع قطر الجيو-اقتصادي في المنطقة، ويُمكّنها من رفع القيمة المضافة من خلال مشاريع استثمارية مشتركة في معالجة الغاز والمصافي وغيرها.

وأشار صدام إلى أن استثمار الغاز المصاحب يُسهم في تقليل الانبعاثات الكربونية، وهذا ينسجم مع الالتزامات الدولية في الحد من التلوث، ويرى أن مثل هذه الاستثمارات والشراكات لها أبعاد بيئية إيجابية تُسهم في حماية البيئة.

ويعتقد أن هذه الشراكة يمكن أن تُؤسّس لشراكات إقليمية أخرى، خاصة وأن أي زيادة في إنتاج النفط تتطلب مشاريع موازية لمعالجة الغاز المصاحب وتقليل مستوى التلوث.

توسع استثماري

وفي امتداد الشراكة الثلاثية التي شملت حقل أرطاوي ومشروعات الغاز، توسعت 'قطر للطاقة' نحو الطاقة المتجددة داخل العراق، حيث أعلنت يوم 28 أكتوبر 2024 توقيع اتفاقية مع 'توتال إنرجيز' تستحوذ بموجبها على 50% من مشروع للطاقة الشمسية، ضمن مكونات مشروع 'نمو الغاز المتكامل' في البصرة.

وذكرت الشركة في بيان نشر على موقعها الإلكتروني أن 'توتال' ستحتفظ بالنسبة المتبقية 50%، موضحة أن الاتفاقية تخضع لموافقة الجهات المعنية في العراق.

ووفق بيان 'قطر للطاقة'، يعد المشروع أحد أضخم مشاريع الطاقة الشمسية عالمياً، إذ سيشمل تركيب 2 مليون لوحة شمسية ثنائية الوجه وعالية الكفاءة مثبتة على أجهزة تعقب أحادية المحور، بقدرة إجمالية تصل عند الذروة إلى 1.25 غيغاواط.

وسيتم تنفيذه على مراحل بين عامي 2025 و2027، بما يكفي لتزويد نحو 350 ألف منزل في البصرة بالكهرباء.

وكان وزير الدولة لشؤون الطاقة والرئيس التنفيذي لقطر للطاقة سعد بن شريده الكعبي، قد وصف المشروع حينها بأنه 'مهم للغاية بالنسبة لقطاع الطاقة العراقي'، مضيفاً أنه يمثل فرصة لدعم تطوير الطاقة الشمسية وتعزيز قدرات العراق في إنتاج الكهرباء من مصادر نظيفة.

ويأتي هذا التوسع في ظل استمرار العراق بالاعتماد على استيراد ما بين ثلث و40% من احتياجاته من الكهرباء والغاز من إيران، وفق اتفاق ألغته الإدارة الأمريكية قبل أشهر، وسط معاناة مزمنة من انقطاعات واسعة في التيار خلال أشهر الصيف الحارة عندما يتضاعف الطلب على الطاقة.

وسبق لـ'قطر للطاقة' أن أعلنت في يونيو 2023 انضمامها إلى تحالف لتنفيذ مشروع 'نمو الغاز المتكامل'، بحصة بلغت 25%، مقابل 45% لتوتال إنرجيز و30% لشركة نفط البصرة.

ويتضمن المشروع استعادة الغاز المصاحب وتزويد محطات الكهرباء به بدلاً من حرقه، إضافة إلى تطوير مشاريع للطاقة المتجددة.

كما شهدت زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد إلى بغداد في يونيو 2023، توقيع 3 شركات قطرية اتفاقات مع الهيئة الوطنية للاستثمار العراقية بقيمة تصل إلى 9.5 مليار دولار.

وشملت الاتفاقات بناء محطتين لتوليد الطاقة بقدرة إجمالية 2400 ميغاواط بتكلفة 2.5 مليار دولار عبر شركة 'أورباكون'، إضافة إلى 3 عقود بقيمة 7 مليارات دولار عبر شركة 'استثمار القابضة' القطرية لتطوير مدينتين جديدتين وبناء سلسلة فنادق من فئة الخمس نجوم تضم 10 آلاف غرفة.

وتعهد أمير قطر خلال الزيارة بضخ استثمارات تصل إلى 5 مليارات دولار في العراق، ما جعل عام 2023، نقطة انطلاق بارزة لتوسع رأس المال القطري في السوق العراقية، خصوصاً في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والخدمات.