الطاقة وتعدد الأقطاب.. ماذا وراء الاجتماع الياباني الخليجي القادم؟

يوسف حمود - الخليج أونلاين

متى سيعقد الاجتماع؟

في سبتمبر المقبل 2023.

متى تم الاتفاق على الاجتماع؟

خلال الاجتماع الذي عقد بين أمين عام مجلس التعاون الخليجي ورئيس الوزراء الياباني في يوليو 2023.

وما أبرز ما قد يناقشه؟

الاتفاقية والتعاون التقني في مصادر الطاقة إضافة للنووي الإيراني.

شكلت زيارة رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا إلى الخليج في يوليو الماضي حدثاً تاريخياً، وهي ذات أهمية استراتيجية لكلا الجانبين، خصوصاً أنها جاءت ودول العالم في حقبة انتقالية قد تقود إلى عالم متعدد الأقطاب.

وبدا أن الخليج واليابان يمضيان نحو مرحلة جديدة من العلاقات دشنت بتلك الزيارة، وتمضي نحو مزيد من التقارب، مع قرب اجتماعٍ بين الجانبين سيعقد في شهر سبتمبر المقبل في السعودية، ربما يحمل طابعاً سياسياً واقتصادياً في ذات الوقت.

ولعل الحضور الحالي والمتزايد للصين وروسيا والهند ودول أخرى، والتنافس فيما بينها على المنطقة؛ يدفع اليابان نحو توسيع العلاقات مع دول الخليج وتوسيع خياراتها في صياغة علاقاتها الأمنية والسياسية، بدلاً من الاتّكاء على الغرب وحده، فما الذي قد يحمله الاجتماع القادم من ملفات واتفاقيات بين الجانبين؟

اجتماع سبتمبر

بعدما كان أمين عام مجلس التعاون الخليجي قد كشف، في يوليو الماضي، عن اجتماع سيعقده وزراء خارجية الخليج مع نظيرهم الياباني، كشفت وسائل إعلام يابانية عن موعد ومكان هذا الاجتماع، وقالت إنه سيعقد مطلع سبتمبر القادم 2023 في السعودية.

ونقلت وكالة 'كيودو' اليابانية للأنباء، (20 أغسطس 2023)، عن مصادر دبلوماسية لم تكشف عنها، قولها إن اليابان تهدف إلى تعزيز العلاقات مع الدول المنتجة للنفط؛ لضمان استقرار إمدادات الطاقة من الشرق الأوسط، حيث يتراجع ​​نفوذ الولايات المتحدة في حين يتزايد نفوذ الصين.

وذكرت الوكالة أن وزير الخارجية الياباني يوشيماسا هاياشي، سيحضر الاجتماع، وقد يزور مصر والأردن، متوقعة أن يناقش الاجتماع 'الاتفاقية والتعاون التقني في مصادر الطاقة'، وأن البرنامج النووي الإيراني قد يكون أيضاً على جدول الأعمال.

​وفي 16 يوليو 2023، أعلن الأمين العام لمجلس التعاون جاسم البديوي، عن عقد الاجتماع الوزاري المشترك، الذي قال إنه 'يهدف إلى تعزيز الحوار الاستراتيجي من جهة، وتكثيف أوجه التعاون المتعددة بين الجانبين من جهة أخرى'.

وجاء إعلان البديوي خلال لقائه رئيس وزراء اليابان، فوميو كيشيدا، في مدينة جدة، على هامش زيارة الأخير إلى السعودية.

زيارة كيشيدا

شهدت منطقة الخليج زيارة رسمية لرئيس الوزراء الياباني (16-18 يوليو 2023) شملت السعودية والإمارات وقطر، ويبدو أنها حققت أهدافها التي أعلنتها طوكيو، المتمثلة بالتعاون في مجال الطاقة الخضراء، على عكس التوقعات بإبرام صفقات تتعلق بالوقود الأحفوري.

ووقع كيشيدا سلسلة من الاتفاقات لإعداد دراسات جدوى تأمل اليابان أن تشجع البلدان الرئيسية في المنطقة على أن تصبح شريكة في إنتاج الهيدروجين، حيث تعد دول الخليج مركزاً جيداً لإنتاج الطاقة الخضراء، بسبب توفر الشمس لفترات طويلة وانخفاض تكاليف توليد الكهرباء.

وتشير وكالة الطاقة الدولية إلى أن دول الخليج تعتزم تصدير مليون طن من الهيدروجين منخفض الانبعاثات بحلول عام 2030، فيما يقول محللون اقتصاديون إن اليابان بحاجة إلى تعزيز علاقاتها بدول مجلس التعاون إذا أرادت التنافس مع الصين، أكبر منتج ومستهلك للهيدروجين في العالم.

كما تسعى اليابان لضمان استقرار إمدادات الطاقة، حيث تعتمد على الشرق الأوسط لمعظم ما تستهلكه منها، ومن ضمن ذلك النفط الخام، وتمثل السعودية حوالي 40٪ من واردات طوكيو من النفط الخام.

وأعلن مجلس التعاون الخليجي واليابان أيضاً استئنافهما لمفاوضات اتفاقية التجارة الحرة، من خلال توقيع البيان المشترك لاستئناف المفاوضات، والتي كانت قد توقفت عام 2009.

شراكة متنوعة

يؤكد المؤسس والرئيس التنفيذي لمركز 'ريكونسنس' للبحوث والدراسات عبد العزيز محمد العنجري، أن علاقات اليابان مع دول الخليج قديمة ومتشعبة، وتتميز بارتكازها على الطاقة والتجارة بعيداً عن الشأن السياسي.

ويرى أن أهمية الاجتماع المحتمل 'على ضوء التفاهم الذي تم التوصل إليه في يوليو بين رئيس الوزراء الياباني والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي'.

ويشير، في حديثه لـ'الخليج أونلاين'، إلى أن الجانبين حينها أعربا عن اهتمامهما بجعل 'اجتماع وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي مع اليابان حدثاً متكرراً'.

علاوة على ذلك، يعتقد العنجري أن 'النية المتبادلة لاستئناف المفاوضات لاتفاقية التجارة الحرة بين اليابان ومجلس التعاون الخليجي، سيكون أولوية على جدول الأعمال'.

وإلى جانب ذلك، يلفت إلى المشهد الجيوسياسي في ضوء تحولات الطاقة وأحداث مثل حرب روسيا وأوكرانيا، والتي قال إنها 'تؤكد على تعاظم أهمية دول الخليج'.

ويضيف: 'من المنطقي تعميق اليابان لعلاقتها مع دول المنطقة، ليس فقط لضمان مصدر طاقة مستقر، بل لتعزيز التعاون في مجموعة متنوعة من القطاعات - أبرزها تطور تكنولوجيات الطاقة الخضراء ووضع الأسس لمستقبل اقتصادي متنوع في عصر ما بعد النفط'.

الخليج واليابان

وشكلت الحرب الروسية - الأوكرانية تهديداً لأمن الطاقة في اليابان، وهو ما جعل منطقة الخليج العربي موضع تركيز ياباني متعدد الأوجه والأبعاد.

ويمثل النهج الحالي للسياسة الخارجية اليابانية تحولاً جديداً وسط المتغيرات الدولية التي حدثت عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، فقد كانت إلى أمد قريب لا تسعى إلى تحقيق مكاسب سياسية في سياستها المعروفة بالحياد، لكن يبدو أن ذلك انعكس مؤخراً مع تحركات منفصلة لليابان عن جلباب الغرب وأمريكا.

وترتبط دول مجلس التعاون الخليجي بعلاقات متينة مع اليابان، بعضها يرجع لأكثر من 60 عاماً، وأخرى وصلت لدرجة الشراكة الكاملة، خاصة على الصعيد الاقتصادي والتجارة والاستثمارات المتبادلة.

وتُعتبر اليابان ثالث أكبر اقتصاد في العالم، وهي أيضاً ثالث أكبر اقتصاد صناعي بعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين، إلا أنها تفتقر إلى الموارد الطبيعية اللازمة لتأمين استمرارية إنتاجها الصناعي والتكنولوجي.

لذلك تعد اليابان أكبر مستورد في العالم للغاز الطبيعي المسال، وثالث أكبر مستورد للمنتجات النفطية والنفط الخام في العالم، وهو ما تجده لدى دول الخليج التي تعتمد اقتصاداتها اعتماداً كبيراً على صادرات النفط والغاز والمنتجات النفطية الأخرى، لذلك كانت العلاقات بين الجانبين ذات أولوية مشتركة.