يلقى رواجاً خليجياً.. لماذا صعد الغرب من حربه على تطبيق "تيك توك"؟

طه العاني - الخليج أونلاين

لأسباب تتعلق بأمن المعلومات ومخاوف التجسس.

اتهمت واشنطن باستغلال سلطاتها لقمع شركات الدول الأخرى.

أكثر من 42.5 مليون مستخدم نشط.

يتعرض تطبيق الفيديوهات القصيرة الصيني 'تيك توك' لانتقادات دولية واسعة، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية؛ بسبب مزاعم التجسس وانتهاك الخصوصية، حيث وصل عدد مستخدميه النشطين شهرياً إلى 1.8 مليار مستخدم بنهاية 2022.

وفيما أعلنت العديد من دول العالم حظر تيك توك أو تقييد استخدامه، تثار التساؤلات حول مصير التطبيق في دول الخليج العربي باعتباره أحد أكثر مواقع التواصل الاجتماعي استخداماً في المنطقة.

حظر تيك توك

وعاد الجدل حول تيك توك إلى الواجهة مع إعلان الحكومتين الكندية والأمريكية، حظر التطبيق الصيني على كل أجهزة الموظفين الذكية، لأسباب تتعلق بأمن المعلومات.

وأعلن البيت الأبيض في 28 فبراير 2023، أنه أعطى الهيئات الحكومية مدة 30 يوماً، لحذف تطبيق 'تيك توك' من جميع الأجهزة والأنظمة التابعة للحكومة الاتحادية.

بدورها أكّدت الحكومة الكندية البدء بحذف تطبيق تيك توك من الأجهزة المحمولة التي تمنحها الحكومة، كما سيتم منع مستخدمي هذه الأجهزة من تنزيل التطبيق في المستقبل.

ويأتي هذا القرار بعد أيام من خطوة أوروبية مماثلة، حيث أعلنت مفوضية الاتحاد الأوروبي في 23 فبراير 2023، حظر تطبيق تيك توك على هواتف موظفيها لأسباب متعلقة بالأمن المعلوماتي.

وأكدت المفوضية الأوروبية في البيان، أن القرار سينطبق على الهواتف والأجهزة الشخصية والخاصة بالعمل.

وأوضحت أن الهدف من هذا الإجراء هو حماية المفوضية من التهديدات المرتبطة بالأمن المعلوماتي والإجراءات التي قد يتم استغلالها في الهجمات الإلكترونية ضد البيئة المؤسسية للمفوضية.

وكان مجلس الشيوخ الأمريكي أقر في ديسمبر الماضي، مشروع قانون لمنع الموظفين الاتحاديين من استخدام تيك توك على الأجهزة المملوكة للحكومة.

رفض صيني

ومع تضييق الخناق على التطبيق الصيني الأشهر، أعلنت بكين عن رفضها التام للإجراءات الغربية كافةً التي تطال تطبيق تيك توك.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، في 28 فبراير 2023، إن الولايات المتحدة 'تعمم مفهوم الأمن القومي، تسيئ استغلال السلطة الوطنية، وتقمع بشكل غير معقول، شركات البلدان الأخرى'.

وشدد على ضرورة أن تقوم الحكومة الأمريكية بتوفير بيئة منفتحة وعادلة وغير تمييزية للشركات من جميع البلدان للاستثمار والعمل في الولايات المتحدة.

وأضاف ماو: 'بصفتها أقوى دولة في العالم، تحتاج الولايات المتحدة إلى أن تكون أكثر ثقة بالنفس، بدلاً من الخوف الشديد من تطبيق يحبه الشباب'.

من جانبها، ردت شركة 'بايت دانس' الصينية المسؤولة عن تيك توك، بأنها تشعر بخيبة أمل وفوجئت بأن المفوضية الأوروبية لم تتواصل معها قبل فرض الحظر، ونفت الشركة جميع الاتهامات الأوروبية والأمريكية.

ومطلع مارس 2023 قال تطبيق 'تيك توك' إنه يطور أداة ستسمح للأبوين بمنع أبنائهما المراهقين من مشاهدة محتويات تتضمن مقاطع أو وسوماً بعينها.

وقال تطبيق 'تيك توك' إن تطوير خاصية الرقابة الأسرية ما زال بمراحله المبكرة، وسيستشير التطبيق المنظمات الأسرية والشبابية والمدنية في مرحلة تصميم الأداة.

وأعلن التطبيق أيضاً طرح ميزات جديدة لمساعدة المستخدمين في تحديد المدة الزمنية التي يمضونها في تصفح التطبيق. وقال التطبيق في تدوينة إن حداً زمنياً تلقائياً سيسري على حسابات المستخدمين الأقل من 18 عاماً بواقع ساعة واحدة يومياً، وسيحتاج المراهقون إلى إدخال رمز سري لمواصلة تصفح التطبيق.

حضور خليجي

أما في منطقة الخليج العربي فيحظى 'تيك توك' برواج كبير خاصة بين شريحة الأطفال والمراهقين، وسط مطالبات بتشديد الرقابة الحكومية والأبوية على مثل هذه التطبيقات التي يتعامل معها الأبناء.

وبحسب بيانات وكالة الاستشارات الدولية 'داتا ريبورتال' (Datareportal) خلال تقريرها السنوي المنشور في فبراير 2023 حول مستخدمي الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، تكشف الإحصاءات والتقارير عن ارتفاع أعداد مستخدمي تيك توك في الخليج، لتتجاوز ملايين المستخدمين، متقدماً على مواقع التواصل الأخرى.

تشير الأرقام المنشورة إلى تسجيل 26.39 مليون مستخدم لـ'تويتر' نشط في السعودية حتى أوائل عام 2023، بينهم 34.2% من الإناث، بينما كان 65.8% من الذكور .

وفي قطر بلغ عدد مستخدمي التطبيق 2.14 مليون مستخدم، بينهم 24.1% من الإناث، و75.9% من الذكور، فيما سجلت الإمارات 8.23 ملايين مستخدم، بينهم 25.8% من الإناث و74.2% من الذكور.

وفي الكويت يوجد أكثر من 3.22 ملايين مستخدم لتطبيق تيك توك، بينهم نحو 36% من الإناث، و64% من الذكور، وفي البحرين 889.5 ألف مستخدم، منهم 34.6% من الإناث و65.4% من الذكور، في حين وصل عدد المستخدمين في عُمان إلى 1.73 مليون مستخدم، بينهم 27.5% من الإناث و72.5% من الذكور.

مطالبات خليجية

وعلى الرغم من عدم وجود قرار رسمي من دول الخليج بشأن حظر تطبيق تيك توك، فإن ناشطين سعوديين وخليجيين أطلقوا حملة في يوليو الماضي، للمطالبة بإغلاق التطبيق.

وحذّر الناشطون من تأثيرات سلبية تهدد الأطفال والمراهقين والشباب، من خلال ما يعرضه التطبيق من إعلانات ومقاطع فيديو تدعو في بعضها إلى العنف والجنس.

وحول ذلك نشرت جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية السعودية دراسة، في أغسطس 2022، اعتبرت فيها أن جميع تحديات ومخاطر 'تيك توك' التي يجري الحديث عنها تعدّ نوعاً من أنواع الحرب الباردة، محذّرة من مخاطره الاجتماعية.

وعكس التقارير الأمريكية والأوروبية، أوضحت الجامعة، في دراسة مطولة، أن التطبيق المثير للجدل حول العالم 'لا يحمل مخاطر أمنية خاصة به، وأنه يتشابه فيها مع غيره من مواقع التواصل، لكنها أوصت بفرض رقابة جزئية على التطبيق بدلاً من حظره'.

تقييمات المنصة

بدوره يرى الباحث الرقمي نبيل العبيدي أن تطبيق تيك توك يعد أول تطبيق يحظى بشعبية مؤثرة بالولايات المتحدة الأمريكية، مما أثر على عدة مجالات، وساهم بظهور طبقة من الشباب المراهقين ليتصدروا المشهد، حيث وصلوا إلى قمة المشاهير خاصةً في الغناء والموسيقي.

ويلفت العبيدي في حديثه إلى 'الخليج أونلاين'، إلى أن هذا هو ما دعا الحكومة الأمريكية إلى إعداد تقييم حول مدى تأثير هذه المنصة على الأمن الداخلي والقومي، خاصة بعد ظهور عدة تقارير تتحدث حول الأمر مثل تقرير صحيفة الغارديان البريطانية.

ويبين أن تقرير الصحيفة البريطانية يؤكد أن تطبيق تيك توك سمح بنشر المقاطع التي تتعارض مع التوجهات الأمريكية، وتهدد أمنها.

ويشير إلى أن التقرير نوّه إلى وجود دعايات تعرضها بعض المنظمات الإرهابية على هذا التطبيق، مما أثار حفيظة الدول الغربية، وسط مخاوف من تسرب بيانات مواطني الولايات المتحدة والغرب عبر التطبيق ووصولها إلى أجهزة الأمن الصيني.

وبالحديث خليجياً، يشير العبيدي إلى أن دول الخليج العربي شأنها شأن دول العالم باستقلاليتها وأخذ قراراتها دون المساس بسيادتها أو مفاهيمها، ولهذا فهي تعي خطورة هذا التطبيق وتطالب بزيادة المراقبة، وحظر بعض الفيديوهات المتسببة بالإرهاب أو العنصرية أو الطائفية الدينية (المذهبية) أو الخدش الجنسي.

ويعتقد الباحث الرقمي أن هذا التطبيق يحتاج إلى مشرعين لتطوير العمل الرقابي على المحتويات، وقد يصل الأمر إلى المنع في ما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية أو قضايا التحرش الجنسي أو الإرهاب وغيرها.