ثراء ثقافي وسياحي.. كيف تطور عُمان صناعة الترفيه؟

محمود جبار - الخليج أونلاين

مجموعة من القطاعات والأنشطة التي تهدف إلى توفير تجارب ترفيهية وتسلية للجماهير.

مراقبون:

على الرغم من الإمكانيات البيئية الطبيعية التي تشتهر بها سلطنة عُمان، والتراث الكبير الذي يملكه المجتمع العُماني، ووجود آثار تشير بوضوح إلى أنه بلد مهم عبر التاريخ، ما زالت السلطنة تعاني ضعفاً في الترفيه الذي أصبح اليوم صناعة مهمة تحترفها العديد من الدول.

أحدث ما أثير حول هذا الموضوع كان من خلال حديث سالم المحروقي وزير التراث والسياحة العُماني، الذي كشف عن وجود دراسة تتبناها وزارته لتطوير قطاع الترفيه، مؤكداً أن هذا القطاع يعاني من الضعف.

وبحسب ما جاء في لقاء أجرته إذاعة 'هلا إف إم' المحلية يوم (1 أكتوبر 2023)، قال المحروقي إن صناعة الترفيه في عُمان ضعيفة، مؤكداً أن هذه الصناعة الآن هي في طور الدراسة من قبل وزارة التراث والسياحة بشكل منهجي.

المحروقي لفت إلى وجود بدايات مشجعة من خلال المهرجانات التي جرى تنظيمها العام الماضي بمبادرة من وزارة التراث والسياحة، وبالتعاون مع الكثير من المحافظات، وفق قوله.

وأكد أن قطاع الترفيه يشهد في الفترة الحالية تطويراً، وأن وزارته تعمل على إعداد دراسة تضم ضمن مساراتها المجال الرياضي والفني السينمائي والغنائي، بحسب قوله.

ما هي صناعة الترفيه؟

صناعة الترفيه هي مجموعة من القطاعات والأنشطة التي تهدف إلى توفير تجارب ترفيهية وتسلية للجماهير.

ويعد الترفيه صناعة كبيرة ومتنوعة تقدم تجارب ممتعة ومسلية، تعتمد على الإبداع والابتكار والتكنولوجيا لتلبية احتياجات الجماهير المختلفة والمتغيرة.

تشمل هذه الصناعة مجموعة واسعة من القطاعات والأنشطة التي تهم الأفراد والعائلات، ومنها صناعة السينما والتلفزيون، التي تتضمن إنتاج الأفلام والبرامج التلفزيونية والمسلسلات والأفلام الوثائقية والكرتون وغيرها.

كما تشمل صناعة الألعاب، التي تتضمن إنتاج ألعاب الفيديو وألعاب الكمبيوتر وألعاب الجوال وألعاب الطاولة والألعاب الرياضية.

وتعدّ صناعة الموسيقى من بين أبرز قطاعات هذه الصناعة، وتتضمن إنتاج الألبومات والأغاني والحفلات الموسيقية والفرق الموسيقية والمهرجانات والاحتفالات الموسيقية.

وأيضاً تعد الفنون المسرحية ضمن هذه الصناعة وتتضمن كل عروض المسرح من المسرحيات والموسيقى والأوبرا والباليه.

واليوم تعد صناعة الرياضة واحدة من أهم قطاعات الترفيه، وهو ما أجادته السعودية وقطر، وتتضمن إقامة واستضافة المباريات والبطولات والأحداث الرياضية الكبرى المختلفة.

وبطبيعة الحال فإن السياحة بما تحويه من متنزهات وحدائق وفنادق ومنتجعات أحد أبرز القطاعات المنضوية ضمن صناعة الترفيه، بالإضافة إلى الأنشطة الثقافية التي تشمل المعارض الفنية والعروض الثقافية والمهرجانات الثقافية.

إمكانيات كبيرة

سلطنة عمان تعدّ واحدة من أكثر الوجهات السياحية سحراً في شبه الجزيرة العربية، وتقدم مزيجاً فريداً من الجمال الطبيعي والتراث الثقافي.

ويتنوع جمال عُمان الطبيعي الذي يضم خطاً ساحلياً يزيد في طوله على 3 آلاف كيلومتر، وسلاسل جبلية شاهقة تضم بعضاً من أعلى القمم الجبلية في الجزيرة العربية.

وتضم أيضاً مئات الوديان والواحات، والصحاري والكثبان الرملية متباينة الألوان والتشكيلات.

ومع وجود هذا التنوع البيئي الطبيعي تتمتع السلطنة بمجموعة كبيرة ومهمة من المنتجعات والفنادق الفخمة.

والسلطنة تزخر بالعديد من المعالم التاريخية، حيث تشير المكتشفات الأثرية التي تعود الى الألف الخامس قبل الميلاد والموجودة في مناطق متعددة في البلاد إلى أنها تزخر بما يجعلها من أبرز البلدان الجاذبة للسياحة التاريخية.

وللسلطنة تراث ثري بالفنون الشعبية، التي لها طابعها الخاص الذي يميزها عن غيرها من البلدان، حتى جيرانها في الخليج.

ومع كل تلك الميزات التي تملكها عُمان لكن لا تزال صناعة الترفيه -التي أصبحت تهتم بها جميع دول العالم- دون الطموح والمأمول.

ووفق ما تفيد رؤية 2040، تعتمد السلطنة على العديد من المستهدفات في القطاع السياحي؛ وهي جلب الاستثمار، والاستدامة المالية، وإسهام القطاعات التي تهدف إلى التنويع الاقتصادي في سوق العمل.

فقر في النشاطات الترفيهية

الكاتب العُماني أحمد الرحبي، وفي مقاله عن صناعة الترفيه في عُمان نشر بصحيفه 'الرؤية' المحلية، يقول: 'عند الحديث عن الترفيه في المجتمع العماني وهو يعتبر مجتمعاً فتياً، ينشد أفراده المتعة والترفيه والتسلية مثل كل المجتمعات في العالم، لا نجد برامج وفعاليات للترفيه في السلطنة بأي شكل كان'.

ويتابع: 'عدا تزاحم الناس، في الشواطئ، وفي الحدائق والمتنزهات العامة في مسقط، وهي خالية من أي نشاط ترفيهي (...) لا يوجد متنفس لسكان المدينة، هذا إذا لم نعتبر التزاحم في المولات والمراكز التجارية نوعاً من الترفيه'.

وزاد: 'إن اعتبرنا الحج إلى هذه المولات والمراكز التجارية شيئاً من الترفيه، فهو ترفيه استهلاكي مُعلَّب -إذا جازت العبارة- بعيداً عن المتعة والتسلية المفتوحة التي ينشدها الجميع'.

البيئة المناسبة

بدورها ترى الكاتبة عائشة الدرمكي، في مقالها بصحيفة 'عُمان' المحلية، أن الحل المناسب لتطوير صناعة الترفيه في السلطنة بما يليق، يتطلب العمل على القطاع الثقافي والإعلامي.

وترى الدرمكي أن 'إعادة النظر في هيكلة قطاع الثقافة والإعلام، ودراسة الإمكانات الاقتصادية والتنموية التي يمكن أن يفتح آفاقها ورؤاها، سيُسهم في إحداث تغييرات'.

وأكدت أن هذه التغييرات لن تكون على مستوى تحولات القطاع وحسب، 'بل أيضاً في الحد من هجرة الأموال وإنفاقها في الخارج، ودعم تطلعات المبدعين وتمكينهم بما يهيئ لهم البيئة الخصبة للتطوير، وإنعاش سوق العمل الفني والصناعات المساندة له'.

من جانب آخر أكدت أن إيجاد منظومة لصناعة الترفيه في السلطنة، وما يرتبط بها من صناعات رديفة، يساعد في تعزيز اقتصاد البلد.

وأوضحت أن صناعة الترفيه تسهم في إنعاش الصناعات الثقافية، والسياحية، وتقدم 'محتوى قادراً على تعزيز القيم الإنسانية والإمتاع، بما يعزِّز قيم السعادة والتفاؤل والإقبال على الحياة الإيجابية'.

وتضيف: 'توفُّر أنماط الترفيه في المدن والمحافظات، سيقدِّم فرصاً للتنمية في كافة القطاعات، كما سيهيئ البيئة المناسبة لنمو الشركات الداعمة والمساندة لهذه التنمية في ظل الانتعاش والحِراك الثقافي والفني الذي سيكون له الأثر الكبير في دعم اقتصاداتها'.

وتؤكد الدرمكي أن 'توفير البيئة المناسبة الداعمة لهذه الصناعة هو السبيل إلى إيجاد تلك الفرص وإنعاش الحِراك الترفيهي المُنظم والموجَّه لغايات واضحة، قادرة على احتواء فئات المجتمع في المواسم المختلفة'.