اخبار سلطنة عُمان
موقع كل يوم -مباشر
نشر بتاريخ: ١٩ كانون الأول ٢٠٢٥
مباشر- سجل الين الياباني انخفاضاً حاداً خلال تداولات يوم الجمعة، حيث دفعت ضغوط البيع العملة نحو مستويات حرجة قد تستدعي تدخلاً رسمياً من السلطات النقدية في طوكيو، وفقاً لما نقلته 'رويترز'.
وجاء هذا الهبوط في أعقاب قرار بنك اليابان برفع أسعار الفائدة الرئيسية من 0.5% إلى 0.75%، وهي خطوة كانت متوقعة على نطاق واسع، إلا أنها افتقرت إلى أي تلميحات واضحة بشأن وتيرة الزيادات المستقبلية. وأدى غياب اللهجة المتشددة في تصريحات محافظ البنك، كازو أويدا، إلى خيبة أمل لدى المتداولين الذين كانوا يأملون في التزام أكثر صرامة بدعم العملة الوطنية عبر سياسة نقدية أكثر وضوحاً.
واتسعت خسائر العملة اليابانية بشكل حاد بعد المؤتمر الصحفي للمحافظ أويدا، الذي اتسم بالغموض بشأن التوقيت الدقيق للخطوات القادمة، مما منح الضوء الأخضر للمضاربين لزيادة المراكز البيعية.
وقفز الدولار بنسبة 1.2% ليصل إلى مستوى 157.36 ين، مسجلاً أقوى ارتفاع شهري له وأكبر زيادة يومية منذ شهر أكتوبر الماضي. ولم يقتصر التراجع أمام العملة الأمريكية فحسب، بل سجل اليورو مستوى قياسياً جديداً أمام الين عند 183.25، بينما ارتفع الجنيه الإسترليني إلى أعلى مستوياته منذ عام 2008، مخترقاً حاجز 210 ين، وسط حالة من القلق تسود الأوساط المالية اليابانية.
من جانبه، أكد بنك اليابان في بيانه الصادر اليوم الجمعة على رؤيته باستقرار التضخم الأساسي حول مستهدفه البالغ 2% بحلول النصف الثاني من السنة المالية 2027. ورغم تأكيدات البنك بأن أسعار الفائدة الحقيقية لا تزال عند مستويات منخفضة 'بشكل ملحوظ'، وتعهده بمواصلة التشديد النقدي في حال سار الاقتصاد وفق التوقعات، إلا أن هذه الوعود لم تكن كافية لتهدئة روع الأسواق أو وقف نزيف العملة. ويرى المحللون أن الفجوة في أسعار الفائدة بين اليابان والاقتصادات الكبرى لا تزال واسعة بما يكفي لاستمرار الضغط على الين، ما لم تتدخل الحكومة بشكل مباشر في سوق الصرف.
وبدأ المستثمرون في دراسة احتمالات التدخل الرسمي لدعم الين بجدية أكبر، خاصة بعد تجاوز العملة مستوى 155 مقابل الدولار خلال شهر نوفمبر الماضي. وتعود آخر مرة تدخلت فيها سلطات طوكيو بشكل مباشر إلى شهر يوليو من عام 2024، عندما اقترب سعر الصرف من مستوى 162 ين للدولار، وهو أعلى مستوى منذ منتصف الثمانينيات.
ومع اقتراب موسم عطلات عيد الميلاد وتوقع انخفاض السيولة في الأسواق الأسبوع المقبل، يحذر المسؤولون من أن تقلبات العملة قد تزداد عنفاً، وهو ما يمثل مصدر قلق أكبر من المستويات السعرية نفسها بالنسبة لصناع السياسة.
ويرى ديريك هالبيني، رئيس قسم الأبحاث في بنك 'MUFG'، أن خطر التدخل خلال فترة أعياد الميلاد الهادئة أصبح احتمالاً واقعياً للغاية، نظراً لأن زيادة الفائدة الأخيرة لم تكن كافية لوقف عمليات البيع المكثفة. وأشار هالبيني إلى أن الين يحتاج إلى أسعار فائدة أعلى بكثير على المدى القصير للحصول على الدعم اللازم، وهو الأمر الذي تجنب المحافظ أويدا التطرق إليه بشكل صريح. وقد يضعهذا التردد في القيادة النقدية السلطات المالية في مواجهة مباشرة مع قوى السوق خلال أيام العطلات، مما قد يؤدي إلى تحركات سعرية غير متوقعة وتدخلات مفاجئة لإعادة الاستقرار.
وعلى صعيد العملات الأخرى، شهدت الأسواق تحركات متباينة، حيث ضعف الدولار مؤقتاً بعد بيانات تضخم أمريكية غير متوقعة، قبل أن يستعيد توازنه وسط تشكيك المستثمرين في دقة البيانات الناتجة عن إغلاق الحكومة الأمريكية. وفي أوروبا، استقر اليورو عند 1.1714 دولار بعد تصريحات كريستين لاغارد التي أبقت على كافة الخيارات مفتوحة بشأن الفائدة، بينما استقر الجنيه الإسترليني عند 1.3378 دولار بعد قرار بنك إنجلترا خفض الفائدة إلى 3.75%، وهو القرار الذي وصفه المحللون بأنه كان أكثر دقة وحذراً مما توقعه السوق، مما يحد من فرص التيسير النقدي الإضافي في المدى القريب.
وفي الأسواق الآسيوية، استقر اليوان الصيني بالقرب من أعلى مستوياته في عام، بينما شهد الدولاران الأسترالي والنيوزيلندي انخفاضات طفيفة، مما يعكس حالة من الحذر العام في الأسواق العالمية بنهاية الأسبوع.
ومع بقاء الين في دائرة الضوء، يترقب الجميع التحرك القادم من طوكيو، فإما قبول الواقع السعري الجديد أو المغامرة بتدخل قد يكون مكلفاً في سوق تتسم بضعف السيولة. إن التحدي الذي يواجه اليابان الآن لا يقتصر فقط على رفع الفائدة، بل في استعادة ثقة المستثمرين في قدرة البنك المركزي على حماية العملة من التدهور المستمر.
ويبقى شهر ديسمبر الحالي اختباراً حقيقياً لصلابة السياسة النقدية اليابانية وقدرتها على الصمود أمام العواصف الاقتصادية العالمية.





















