اخبار سلطنة عُمان
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٢٨ أيلول ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
ما الهدف الأساسي من نظام 'تركة' الإلكتروني؟
الانتقال من الإجراءات الورقية المعقدة إلى منصة رقمية سريعة وشفافة.
ما الذي يميز نظام 'تركة' عن الأسلوب التقليدي؟
دقة البيانات وسرعة إنجاز المعاملات.
يشهد النظام القضائي في عُمان تحولات متسارعة مع اقتراب إطلاق النظام الإلكتروني الجديد للتركات، في خطوة تهدف إلى معالجة واحدة من أكثر الملفات حساسية وتعقيداً داخل المحاكم الابتدائية.
ويُنتظر أن يُسهم هذا النظام في تقليص حجم المنازعات بين الورثة، عبر الانتقال من الإجراءات الورقية التقليدية إلى منظومة رقمية متكاملة، ترتكز على سرعة الإنجاز ودقة البيانات، مستندة إلى ربط مباشر مع مختلف الجهات الحكومية.
وتُعد أقسام التركات في المحاكم الابتدائية محوراً أساسياً لتسوية حقوق الورثة، إذ يتم عبرها إصدار 'الإعلام الشرعي' الذي يُحدد الأنصبة الشرعية لكل وارث، وهو المستند الذي يمكن من مباشرة بقية الإجراءات المالية والقانونية.
غير أن التجربة التقليدية لهذه الإجراءات كانت تتسم بطول المدة، واعتمادها على إدخالات ورقية عرضة للأخطاء أو التأخير، ما كان يفتح الباب أمام نزاعات قضائية أو تعطيل في وصول الحقوق.
نظام 'تركة'
وفي هذا السياق، جاء إعلان المجلس الأعلى للقضاء عن قرب تدشين النظام الإلكتروني 'تركة' ليشكل تتويجاً لجهود تحديث هذا المسار الاجتماعي المهم.
وخلال مشاركته في معرض 'كومكس' للتكنولوجيا 2025 بمسقط (8 سبتمبر) كشف رئيس فريق التحول الرقمي في المجلس الأعلى للقضاء، سناد الصوافي، أن منصة 'تركة' الذكية ستسهم في تسهيل إدارة معاملات التركات، واحتساب أنصبة المواريث الشرعية بدقة وسرعة وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.
وأكد الصوافي أن الهدف من النظام لا يقتصر على تسهيل المعاملات فحسب، بل يمتد إلى رفع كفاءة العمل العدلي من خلال تعزيز الشفافية، وتقليل الهدر الزمني، وتحقيق عدالة أدق في توزيع التركات.
كما لفت إلى أن المشروع يأتي متكاملاً مع مشاريع أخرى قيد التطوير مثل المحاكمات المرئية والمكتبة الرقمية القضائية، بما يعكس توجهاً استراتيجياً لبناء بيئة قضائية قائمة على المعرفة والتقنية الحديثة.
من جانبه أوضح مدير نظام 'تركة' الإلكتروني بالمجلس الأعلى للقضاء، محمد بن علي بن سيف الشعيبي، أن 'الفكرة جاءت بهدف الانتقال من الإجراءات الورقية التقليدية إلى منظومة رقمية متكاملة، تستند إلى الربط المباشر مع الجهات الحكومية المعنية، بما يعزز دقة البيانات ويُسهم في تحسين جودة الخدمات وسرعة إنجازها'.
وأشار الشعيبي، في تصريحات لصحيفة 'أثير العُمانية' (15 سبتمبر)، إلى أن 'هذا التحول لا يعني تسريع الإجراءات فحسب، بل يمثل رؤية جديدة لإدارة ملف التركات، تقوم على الشفافية وتكامل البيانات بما يقلل من فرص النزاع ويحفظ الحقوق في وقت أقصر'.
خطوة رائدة
ويشمل نظام 'تركة' في مرحلته الأولى ثلاث خدمات رئيسية هي: طلب إعلام شرعي بحصر الورثة، وطلب إثبات الحجر، وطلب ترشيح نائب قضائي.
وتقوم المنظومة على حاسبة إلكترونية للأنصبة تحدد تلقائياً نصيب كل وارث وفق قانون الأحوال الشخصية العُماني، إلى جانب خاصية إعداد محاضر التركة وتجهيزها مباشرة للمراجعة القضائية.
كما تتمثل القيمة المضافة في النظام الجديد، بتقليص زمن الإنجاز من أيام أو أسابيع إلى مدة لا تتجاوز نصف ساعة، مع إمكانية اعتماد الوثائق إلكترونياً باستخدام التوقيع الرقمي للقضاة،لتصل نسخة الإعلام الشرعي بصيغة (PDF) إلى هواتف الورثة بشكل مباشر، ما يعزز من سرعة الاطلاع والشفافية في الوقت ذاته.
وإلى جانب ما يحققه النظام على المستوى الإجرائي، فإن له أبعاداً أوسع تتعلق بالاستقرار الاجتماعي والدورة الاقتصادية.
فتسريع حسم قضايا التركات يعني تحرير أصول مالية وعقارية كانت مجمدة بسبب طول الإجراءات أو النزاعات، لتدخل مجدداً في حركة الاستثمار أو التداول داخل السوق، وهو ما يدعم النشاط الاقتصادي العام.
أما اجتماعياً، فإن دقة البيانات وسرعة الإنجاز تقلل من احتمالات نشوب خلافات بين الورثة، وتحفظ العلاقات الأسرية من التصدع.
وفي هذا الصدد، يؤكد الباحث الدكتور حبيب الهادي أن إطلاق نظام رقمي لتقسيم التركات يعكس جهود السلطنة لبناء 'الحكومة الإلكترونية'، ويشير في حديثه لـ 'الخليج أونلاين':
- هذه المبادرات تأتي لمواكبة التطور العالمي في مجال التكنولوجيا، وتهدف إلى تقديم خدمات أفضل للمواطنين عبر توفير الوقت والجهد والمال.
- هذا النظام يُعد أداة فاعلة في بناء مؤسسات رائدة، ويُسهم في إرساء بنية تحتية جيدة ومفيدة للمجتمع.
- كما يُسهّل من حياة المواطنين، ويُقلل من المنازعات والأخطاء والمشكلات في بيئة العمل القضائي، مما يجعلها أكثر سلاسة وفعالية.
- النظام الجديد له مردود إيجابي على الاقتصاد والجوانب المالية والاستثمارية، لأنه يُعزز النشاط ويُسهّل الإنجاز.
- مثل هذه المبادرات تُقلل من التأخير غير المبرر الذي يؤثر على دورة رأس المال، مما يجعلها إنجازاً يستحق الاحتفال به.
- يمكن تعميم هذه المبادرة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، بحيث تستفيد بقية الدول من هذه التجربة الرائدة في مجال التحول الرقمي وإدارة المواريث.