لايف ستايل
موقع كل يوم -ال عربية
نشر بتاريخ: ١٩ تشرين الأول ٢٠٢١
لماذا يتدخّل الناس بما لا يعنيهم ويخربون حياة الآخرين مجّانًا؟ هل بدافع الأذيّة المحض أو ليُثبتوا أنّ لدَيهم أسرارًا لا يعرفُها سواهم، الأمر الذي يُعطي لحياتهم التافهة نوعًا مِن الأهميّة؟
فلقد تسبَّبَت لي إحدى السيّدات بمشكلة أشبه بالمُصيبة، في حين كان بإمكانها حفظ سرّي الذي لَم يكن ليُؤثّر بأيّ شكلٍ عليها ولكن كان له تداعيات على عائلتي الجميلة.
شعرتُ بأنّ ما أخفَيتُه لمدى سنوات كان مُهدّدًا لحظة رأيتُ عن بُعد السيّدة جورجيت، وحاولتُ الإختباء عنها خلف حائط المحل الذي خرجتُ منه بعد شراء بعض الحاجيات. كان قد بدأَ قلبي يخفقُ بسرعة فائقة والعرَق يتصبّب منّي. حبستُ أنفاسي وأغمضتُ عَينَيّ، وكأنّ ذلك سيُؤدّي إلى اختفاء تلك السيّدة مِن الوجود، إلا أنّني سمعتُها تُناديني ورأيتُها حين فتحتُ عَينيَّ واقفة بالقرب منّي:
ـ أهذا أنتِ يا هِبة؟
لَم أجِب واحترتُ إن كان عليّ الإدّعاء بأنّني شخص آخر أم الإعتراف بهويّتي الحقيقيّة، إلا أنّها تابعَت:
ـ بالطبع هذا أنتِ... لا تزالين جميلة بالرّغم مِن مرور السنين... آه، تُذكّريني بالمرحومة... كانت أعزّ صديقة لي. المسكينة، لقد غادرَت هذه الدنيا باكرًا. ما أخبار...
ـ أنا آسفة للغاية لكنّني لستُ هِبة... قد أكون أشبهُها... على كلّ الأحوال أشكرُكِ على الإطراء. مِن بعد إذنكِ عليّ الرحيل. الوداع.
ـ لستِ هِبة؟!؟ أقسمُ بأنّني قادرة على التعرّف عليكِ بين مئة.
لَم أسمَع باقي حديثها لأنّني غادرتُ بسرعة، وقفزتُ في سيّارتي التي قدتُها كالمجنونة إلى البيت. كانت الأفكار تتخبّطُ في رأسي، فقرّرتُ إخبار زوجي بالذي حصَل. وحين عادَ جلال مِن عمله، وبعد أن أرسلتُ إبنتي المُراهقة إلى إحدى صديقاتها، جلستُ معه أقصُّ له ما جرى.
طمأنَني جلال بأنّ لا داعٍ للقلق، فمِن غير المتوقَّع أن تراني السيّدة جورجيت مِن جديد، وأنّ كلّ ما عليّ فعله هو اختيار مكان آخر للتسوّق. قبّلَني زوجي بحنان وأضاف:
ـ ألَم يحن الوقت للبوح بالحقيقة؟
ـ ولِما أفعلُ ذلك؟ فلقد عشنا كلّ هذه السنوات بتناغم تام. لا، لا... سأتفادى الإلتقاء بأي أحد قد يعرفُني مِن قبل... أو ننتقل إلى مدينة أخرى.
ـ مُجدّدًا؟ لِما هذا الخوف؟ تتصرّفين وكأنّكِ هاربة مِن العدالة! سيأتي يوم وتظهرُ الحقيقة شئتِ أم أبَيتِ يا حبيبتي، أنصحُكِ بالتكلّم وحسب. الأسرار تُتعِب صاحبها.