لايف ستايل
موقع كل يوم -مجلة سيدتي
نشر بتاريخ: ١٦ تموز ٢٠٢٥
نجح صُنّاع عالم 'دي سي' في ترسيخ مدينة 'جوثام' كرمز للفساد والانحلال، المدينة التي لا يليق بها سوى بطل خارق مثل 'باتمان' ليواجه شرورها المتنامية. ولطالما اعتُبر نجاح سلسلة أفلام 'باتمان' قائمًا على شخصية البطل المقنّع وأسطورته في الانتصار للخير مهما كان ضعيفًا. لكن هذه الفرضية بدأت في التآكل، أولًا مع ظاهرة 'الجوكر'، ثم ترسّخت أكثر مع النجاح المدوي لمسلسل The Penguin الذي حصد 24 ترشيحًا لجوائز إيمي 2025، ونال إشادة نقدية بوصفه من أنضج إنتاجات DC منذ عقود.
كولين فاريل يتألق في أكثر أدواره نضجًا
في ظل تشبّع الجمهور من موجة مسلسلات وأفلام الأبطال الخارقين، يأتي The Penguin كعمل استثنائي لا يركن إلى القوالب المعتادة. المسلسل المشتق من فيلم The Batman من إخراج 'مات ريفز' (2022)، عرض عبر منصة HBO Max ويبتعد عن مركزية 'باتمان' ليضع الأضواء على عدوه الأشهر: أوزوالد كوب، المعروف بـ'البطريق'.
تحوّل غير تقليدي لشخصية كلاسيكية
بعيدًا عن الأصول المعتادة للشخصية في القصص المصورة، يقدم المسلسل نسخة جديدة من 'البطريق': رجل عصابات من الطبقة الوسطى، يحمل إرثًا متواضعًا ويتطلع لفرض نفسه كلاعب أساسي في ساحة الجريمة المنظمة بعد فراغ السلطة الناتج عن موت كارمين فالكوني. لا يحمل هذا 'البطريق' ملامح الأرستقراطية المدمّرة كما عهدناه، بل هو 'رجل الشعب'، في تصوراته الخاصة، يسعى للنفوذ بأساليب شرسة لكن مبررة في ذهنه.
يتلاشى كولين فاريل Colin Farrell، بالكامل خلف طبقات المكياج واللهجة المصطنعة، ليقدّم أحد أبرز أدواره على الإطلاق. يظهر 'أوز' كشخصية متعددة الأبعاد: طموحة، ذكية، مترددة، وقاسية حين يلزم الأمر. هذا التوازن الدقيق بين الوحشية والإنسانية يرسّخ مكانة العمل ضمن ما يُعرف بـ 'الدراما المظلمة' أو Grimdark.
مسلسل جريمة بنكهة جوثام
منذ أولى مشاهده، يؤكد 'The Penguin' أنه ليس مجرد فرع من فروع 'عالم دي سي'، بل عمل جريمة مستقل بذاته. أقرب إلى The Sopranos منه إلى أي مسلسل أبطال خارقين، يتمركز السرد حول العلاقات العائلية، والخيانة، والسلطة، والانحدار الأخلاقي. لا يشعر المشاهد بغياب باتمان إلا حين تظهر إشارات عابرة له، كأننا أمام دراما كاملة تستمد قوتها من العالم الذي تنتمي إليه، لا من حضوره.
الصراع على السلطة... بدماء العائلة
تبدأ الأحداث بلقطة من نهاية فيلم 'The Batman'، الذي شهد اجتياح الشرير 'ريدلر' لمدينة جوثام وقتله لآلاف الأشخاص، ويترك موت كارمين فالكوني فراغًا في قيادة المافيا. وفي تصعيد للأحداث، يقتل 'أوز' نجل فالكوني 'ألبرتو' إثر نقاش محتدم، ليبدأ صراعًا دامياً على النفوذ. يعود إلى الساحة شبح آخر من الماضي: صوفيا فالكوني، ابنة كارمين، الخارجة تواً من مصحّة 'آركام' النفسية بعد إدانتها بجرائم قتل متسلسلة. تؤدي كريستين ميليوتي الدور ببراعة شديدة، فتجعل من صوفيا شخصية متعددة الأوجه: ضحية، ومجرمة، وقوة لا يستهان بها.
في خضم الفوضى، يلتقط البطريق شابًا يُدعى فيكتور أغيلار، كاد أن يسرق سيارته. بدلاً من قتله، يضمه إلى صفوفه ليكون ذراعه اليمنى. شخصية فيكتور – كما يجسّدها رينزي فليز – تمثل جيل الشباب المندفع نحو الإغواء بالعالم السفلي، والباحث عن هوية وسط مدينة تمزقها السلطة والمخدرات والفقر.
لا يُخفى أن المسلسل يحمل نظرة تحليلية جادة لمسائل مثل الطبقية، والسلطة، وتوريث العنف. شخصية 'أوز' تتأرجح بين الطموح الشعبي والصعود الدموي، في صورة معقدة لشخص يرى نفسه صانع عدالة – بينما هو يغرق المدينة بالمخدرات ويتفنن في الخداع والقتل. المشهد الذي يحافظ على والدته في غيبوبة فقط لإشباع غروره يمثل قمة القسوة الذاتية المبرّرة في ذهنه.
تصميم بصري وصوتي باهر
العمل لا ينجح فقط على مستوى النص والأداء، بل أيضًا في تكوين بصري مذهل: من أزياء صوفيا فالكوني التي تعكس سلطتها المتجددة، إلى الألوان الداكنة التي تغلف المدينة بجو خانق من التوتر. الموسيقى التصويرية تكمّل هذا الجو بذكاء، وتمنح المشاهد إيقاعًا داخليًا يتناغم مع صعود البطل وسقوطه.
أبطال المسلسل
ويشارك في بطولة المسلسل مجموعة كبيرة من الفنانين بجانب كولين فاريل، من بينهم كريستين ميليوتي، ورينز فيليز، وديردري أوكونيل، وكلانسي براون، وكارمن إيجوجو، ومايكل زيجين، وبيرتو كولون، وسكوت كوهين، وشوهري أغداشلو، وثيو روسي، وجيمس ماديو، ونادين مالوف.
نهاية مثالية... هل تفتح الباب لموسم ثانٍ؟
النهاية تحمل ما يكفي من الإغلاق السردي، وفي الوقت نفسه تفتح الباب لعودة 'البطريق' إلى ثلاثية أفلام 'باتمان' القادمة. هذه الاستراتيجية تُبقي الشخصية في الواجهة، دون استنزافها تحسبا لتقديم جزء جديد من العمل.
الختام: عمل لا يُفوّت
'The Penguin' هو واحد من أفضل إنتاجات DC في السنوات الأخيرة، بل وربما من أبرز ما أنتج في عالم الجريمة التلفزيوني خلال العقد الأخير. بعيدًا عن الكليشيهات، وبدون الاعتماد على البطل المألوف، يقدّم صورة إنسانية وشريرة لشخصية نعرفها جميعًا، لكننا لم نرها بهذه الطريقة من قبل.
قد يعجبك... خاص سيدتي من فينيسيا: مراجعة فيلم Joker: Folie à Deux للنجمين خواكين فينيكس وليدي غاغا
وللاطلاع على فيديوغراف المشاهير زوروا «تيك توك سيدتي»
