مقابل الزحف الدرامي الرهيب ... أين اختفت برامنا الإعلامية الخفيفة في رمضان؟!

كما اختفي كثير من الياميش والمكسرات والمشهيات والمخللات والمنوعات من بعض الموائد الرمضانية تدريجيا خلال الأعوام الاخيرة الماضية في العالم العربي للعديد من الأسباب، اختفت أيضا البرامج الإعلامية الخفيفة المسلية تدريجيًا من أغلب الوسائل الإعلامية.

صحيح ان الدراما بشقيها الكوميدي والتراجيدي تتصدر او ربما تتسيد الان المشهد الرمضاني بنسب قد تتراوح ما بين 55-60% تقريبا في العالم العربي خصوصًا في فترات ذروة المشاهدة والاستماع الرمضانية بين فترة المغرب والعشاء وفترة ما قبل وبعد منتصف الليل في أغلب الدول العربية، وبالأخص مع بدء ظهور تقارير البرامج الأكثر مشاهدة وليس بالضرورة 'الأفضل' كما يدعي البعض عنها وبمراجعة سريعة لاغلب هذه القوائم نجد اختفاء البرامج القصيرة السريعة المسلية إلا نادرا.

فلا يجب ان ننسي انه في الصحافة المصرية زمان ومع كامل الاحترام والتقدير للمؤسسات الصحافية العريقة إلا أن الأستاذين علي ومصطفي امين قد ابدعا من خلال جامعة 'أخبار اليوم' وليس فقط مدرستها في الاحتفاء برمضان الكريم بصفحات ليلة القدر، ولو لم يفعلا غيرها لكفتهم دنيا وآخرة باذن الله .. وايضا مع كامل الاحترام لكافة المجلات الأسبوعية في مصر زمان ايضا إلا ان نكهة مجلة 'صباح الخير' المميزة اللطيفة الخفيفة كانت تتألق في رمضان علي وجه التحديد مع كافة رسامي الكاريكاتير والمواضيع الشيقة الرمضانية وعلي رأسهم الفنان المبدع صلاح جاهين متعدد المواهب والذي سرعان ما خطفته الاذاعة سواء في الراديو او التليفزيون فيما بعد ابتداء مع الإذاعية القديرة الاستاذة امال فهمي في فوازير رمضان علي اثير البرنامج العام ثم انتقل بعد ذلك مع فوازير التليفزيون والفنانة نيللي في بداياتها.

وفي الإذاعة أيضا لا يمكن ان ننسي أيقونات إذاعة 'الشرق الأوسط' كل من: الإذاعية القديرة سناء منصور، بعد عودتها من إذاعة 'مونت كارلو' وانضمامها لإذاعة الشرق الأوسط، ثم فيما بعد الي التليفزيون، وطبعًا الإذاعية اللامعة إيناس جوهر أيقونة الخفة والدلع علي أثير 'الشرق الاوسط' وبرامجها الخفيفة المنوعة من كبار المسئولين قبل وعلى وبعد الإفطار.

أما التليفزيون فيجب ألا ننسي برامجيًا المخرج الكبير محمد سالم في إبداعاته مع فرقة 'ثلاثي أضواء المسرح' أولا، حتى قبل الفوازير وكذلك أغنية صباح وفؤاد المهندس الشهيرة عن الصيام، أما عن الفوازير بدءا بـ'ثلاثي أضواء المسرح' ثم 'نيللي' ثم 'شريهان' في نوعيات فوازير مميزة ومتفرقة طوال الشهر، إلى أن جاء 'فطوطة' سمير غانم ولا يجب أن ننسي مع ذكر الفوازير المخرج المبدع الرائع فهمي عبد الحميد.

ثم انقلب حال الفوازير وجاءت فجاءة هوجة او موجة برامج الكاميرا الخفية والمقالب الخفيفة التي مع الوقت تحولت إلى مصائب كارثية إلا من رحم ربي طبعًا، ويجدر في هذا الصدد ألا ننسي 'زكية زكريا' والفنان القدير إبراهيم نصر، وسلسلة من النجاحات المبهرة، وقد كانت وغيرها من البرامج المرحة المسلية من إنتاج طارق نور وشركته 'أمريكانا'، وبالمناسبة فقد أسس نور فيما بعد قناة 'القاهرة والناس' كانت تبث لعدة سنوات فقط ساعات محدودة وفي رمضان فقط، ثم ما لبثت ان تحولت إلى قناة فضائية عربية تبث على مدار الساعة يوميا، واتوقف عن هذه القناة أولاً في اختيار موفق للاسم فلقد عشنا سنوات طويلة على مسلسل محمد فاضل 'القاهرة والناس'، وثانيًا فقد ظهرت بطابع منير وشكل جديد مختلف عن بقية القنوات شكلا ومضمونًا، وثالثًا فقد كانت تلقب نفسها انذاك بالأجرأ في رمضان وفيما بعد رمضان.

فقد أطلقت في فترات عز فيها الجمال الإبداعي والجرأة الفنية، وكانت ولا تزال تقدم أشهر برامجها الخفيفة المنوعة مثل 'نشرة أخبار الفراخ'، وهى عبارة عن مزيج مصري النكهة كرتوني مقتبس من البرنامج الأمريكي الشهير ليلة السبت مباشر Saturday Night Live على قناة NBC ان بي سي الأمريكية الشهيرة.

ويظل السؤال لمتابعي وسائل الإعلام في رمضان وبحسرة شديدة: أين اختف البرامج المسلية في رمضان 2025؟!

ولعلنا نترحم علي كافة مبدعينا زمان الأحياء منهم قبل الأموات، والذين ساهموا في إسعاد الملايين طوال السنين، وصنع البهجة البرامجية وليست فقط الدرامية التليفزيونية في شغاف قلوبنا أجمعين، وعلى جدران بصائرنا ووجداننا حتي يومنا هذا .. ورمضان كريم وكل عام وانتم بخير.