لايف ستايل
موقع كل يوم -فوشيا
نشر بتاريخ: ١٩ تشرين الأول ٢٠٢٥
يُعد الفيروس المخلوي التنفسي أو Respiratory Syncytial Virus من أكثر مسببات العدوى انتشارًا في الجهاز التنفسي، ولا سيّما بين الأطفال الصغار وكبار السن.
هذا الفيروس قادر على التسبب في أمراض تتراوح بين نزلات البرد الخفيفة والالتهابات الرئوية الحادّة التي قد تُهدّد الحياة. ورغم أن العدوى به كانت تُعدّ في الماضي شائعة وغير خطيرة، فإن الدراسات الحديثة كشفت عن ما يخلّفه من أعباء صحية واقتصادية متزايدة؛ الأمر الذي دفع منظمة الصحة العالمية (WHO) ومراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) إلى تصنيفه ضمن الفيروسات ذات الأولوية في مجالي الوقاية والسيطرة.
ما هو الفيروس المخلوي التنفسي؟
ينتمي الفيروس المخلوي التنفسي (RSV) إلى عائلة Pneumoviridae، وهو فيروس RNA يستهدف الخلايا المبطّنة للمجاري التنفسية. ويوجد منه نوعان رئيسيان هما RSV-A وRSV-B، وغالبًا ما يتناوبان في الانتشار من عامٍ إلى آخر.
تبدأ العدوى عادةً في الأنف والحنجرة قبل أن تمتد إلى الشعب الهوائية والرئتين. وقد تكون الأعراض في معظم الحالات خفيفة وتشبه نزلات البرد، إلا أنها قد تتطوّر إلى التهابات خطيرة لدى الفئات الأكثر ضعفًا مثل الأطفال الصغار، وكبار السن، والمصابين بأمراض مزمنة أو ضعف في المناعة.
ووفقًا لتقديرات منظمة الصحة العالمية (WHO)، يتسبّب الفيروس المخلوي التنفسي سنويًا في أكثر من 3.6 مليون حالة دخول إلى المستشفى، ويؤدي إلى ما يقارب 100 ألف وفاة بين الأطفال من دون سن الخامسة حول العالم.
الفئات الأكثر عرضة للإصابة الشديدة
لا يُصيب RSV جميع الفئات بنفس الحدة، فبينما يتعافى معظم الأشخاص الأصحاء خلال أيام قليلة، يعاني آخرون من مضاعفات خطيرة، وتشمل الفئات الأكثر تأثرًا:
الأطفال الرضع، خصوصًا من تقل أعمارهم عن 6 أشهر.
كبار السن الذين تجاوزوا 65 عامًا.
المرضى المصابون بأمراض مزمنة مثل الربو أو الانسداد الرئوي المزمن.
الأشخاص الذين يعانون من ضعف في الجهاز المناعي.
المصابون بعيوب خلقية في القلب أو أمراض رئوية مزمنة.
بحسب دراسة نُشرت في مجلة The Lancet eClinical Medicine، تشهد أنماط انتشار RSV تغيرًا ملحوظًا بعد جائحة كوفيد-19، حيث أصبحت مواسم العدوى أقل انتظامًا وأكثر شدة في بعض المناطق.
طرق العدوى وانتشار فيروس Respiratory Syncytial Virus
ينتقل الفيروس المخلوي التنفسي بسهولة من شخص إلى آخر عبر:
الرذاذ التنفسي الناتج عن العطس أو السعال.
اللمس المباشر لشخص مصاب أو للأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العين.
الهواء المغلق الذي يسهّل انتقال الفيروس في الأماكن المزدحمة.
عادةً ما تبلغ الإصابات ذروتها في فصلي الخريف والشتاء، إلا أن الأنماط الموسمية قد تختلف حسب المناخ والإجراءات الوقائية في كل دولة.
أعراض الإصابة بالفيروس المخلوي التنفسي
تبدأ الأعراض عادة بعد 4 إلى 6 أيام من التعرض للفيروس وتشبه أعراض الزكام، وتشمل:
سيلان الأنف والعطس.
سعال متزايد تدريجيًا.
ارتفاع طفيف في درجة الحرارة.
فقدان الشهية أو صعوبة الرضاعة عند الرضع.
وفي الحالات الشديدة، قد تظهر أعراض أكثر خطورة مثل:
صعوبة أو تسارع في التنفس.
صفير أو أزيز في الصدر (Wheezing).
شحوب أو ازرقاق الجلد بسبب نقص الأكسجين.
تستدعي هذه الأعراض تدخّلًا طبيًّا عاجلًا، خصوصًا عند الأطفال أو المسنّين.
التشخيص الطبي للفيروس المخلوي التنفسي
يعتمد التشخيص على الفحص السريري إلى جانب الاختبارات المخبرية المتخصصة، مثل:
اختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل (RT-PCR) للكشف الدقيق عن الفيروس.
الاختبارات السريعة للأجسام المضادة في المسحات الأنفية.
الأشعة الصدرية لتقييم وجود التهاب أو انسداد في الشعب الهوائية.
وتوصي مجلة PubMed الأطباء بزيادة اليقظة عند تشخيص الحالات التنفسية لدى البالغين، إذ قد يُخطئ البعض في تشخيص RSV على أنه إنفلونزا أو نزلة برد بسيطة.
المضاعفات المحتملة بعد الشفاء
تشير دراسات حديثة إلى أن بعض الأطفال الذين يصابون بعدوى شديدة بـ RSV في السنوات الأولى من حياتهم قد يكونون أكثر عرضة للإصابة لاحقًا بـ:
نوبات أزيز متكررة.
تطور مرض الربو المزمن.
ضعف دائم نسبي في وظائف الرئة.
كما أن كبار السن المصابين قد يعانون من تفاقم أمراض القلب أو الرئة المزمنة نتيجة الالتهاب التنفسي الحاد.
التطورات الحديثة في اللقاحات والوقاية
شهد العام 2024 نقلة نوعية في مكافحة RSV بظهور أولى اللقاحات المعتمدة رسميًا مثل Arexvy من شركة GlaxoSmithKline، و Abrysvo من شركة Pfizer.
وقد أظهرت مراجعة أجراها مركز ECDC الأوروبي فعالية عالية لهذه اللقاحات في الوقاية من العدوى الشديدة لدى كبار السن والنساء الحوامل.
كما تمت الموافقة على أجسام مضادة طويلة المفعول لحماية الأطفال الرضع خلال موسم انتشار الفيروس؛ ما ساهم في تقليل حالات الدخول إلى المستشفيات بنسبة تجاوزت 30%.
علاج فيروس Respiratory Syncytial
حتى الآن، لا يوجد علاج نوعي يقضي على الفيروس نفسه، لذلك يتركز العلاج على دعم الجسم وتخفيف الأعراض، يشمل ذلك:
تعويض السوائل لتجنب الجفاف.
استخدام خافضات الحرارة عند الحاجة.
مراقبة التنفس وتقديم الأكسجين في الحالات الشديدة.
في حالات نادرة، قد يحتاج المريض إلى دعم تنفسي في وحدة العناية المركزة. ويؤكد الأطباء أن العلاج المبكر والتشخيص الدقيق يقللان بشكل كبير من خطر حدوث مضاعفات.
الوقاية من الفيروس المخلوي التنفسي
يمكن تقليل فرص العدوى من خلال اتباع إجراءات بسيطة لكنها فعالة، مثل:
غسل اليدين بانتظام بالماء والصابون.
تجنب لمس الوجه بعد ملامسة الأسطح العامة.
تهوية المنازل والأماكن المغلقة باستمرار.
الابتعاد عن المصابين بالأمراض التنفسية خاصة في الشتاء.
تلقي اللقاحات أو الأجسام المضادة الوقائية عند التوصية الطبية بذلك.




























