اليوم العالمي للشاي.. أسرار وطقوس شرب الشاي حول العالم

في 21 مايو/أيار من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي للشاي، لتسليط الضوء على هذا المشروب العريق الذي يحتل مكانة بارزة في حياة ملايين الناس حول العالم.

يتمتع الشاي بتاريخ عريق يمتد لأكثر من 5000 عام؛ إذ تقول الأسطورة إن الإمبراطور الصيني شين نونغ اكتشف الشاي عام 2737 قبل الميلاد، حين سقطت أوراق من نبتة قريبة منه بالخطأ في ماء مغلي. استهوته رائحة الشاي ونكهته، فاكتشف خصائصه المنعشة والمنشطة.

ومع مرور الزمن، انتقل الشاي إلى اليابان والهند والشرق الأوسط، حيث ترسخت مكانته في التقاليد الثقافية لتلك المناطق، ثم انتشر إلى أنحاء العالم ليصبح مشروبا أساسيا على موائد كثير من الشعوب.

اليوم، يعتمد على صناعة الشاي أكثر من 13 مليون شخص حول العالم، منهم صغار المزارعين وأسرهم، رغم أن زراعته تتركز في مناطق محدودة للغاية.

لماذا يحتفل العالم باليوم العالمي للشاي؟

يُعدّ اليوم العالمي للشاي فرصة مهمة للاحتفاء بالتراث الثقافي العريق لهذا المشروب، بالإضافة إلى تسليط الضوء على فوائده الصحية العديدة وأهميته الاقتصادية حول العالم. كما يهدف هذا اليوم إلى تعزيز الاستدامة في كل مراحل إنتاج الشاي، من الحقل إلى الكوب، لضمان استمرار تأثيره الإيجابي على الناس والثقافات والبيئة لأجيال قادمة.

ويحتفل العالم بهذا اليوم السنوي اعترافًا بالدور الحيوي الذي يلعبه الشاي في دعم التنمية الريفية وتقليل الفقر، بالإضافة إلى تحقيق الأمن الغذائي في البلدان النامية.

ووفقا لمنظمة الفاو، إنتاج الشاي ومعالجته يُعد مصدراً رئيساً لسبل عيش ملايين الأسر. لذا، يشجع هذا الاحتفال على الإنتاج والاستهلاك والتجارة المستدامة للشاي، ويتيح فرصة للجهات الفاعلة على المستويات العالمية والإقليمية والوطنية لضمان استمرار قطاع الشاي في لعب دور في الحد من الفقر المدقع ومكافحة الجوع وحماية الموارد الطبيعية.

متى اليوم العالمي للشاي؟

في 19 ديسمبر/كانون الأول 2019، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 74/241 باعتبار 21 مايو/أيار من كل عام يوماً عالمياً للشاي، بهدف الارتقاء بهذا المشروب والاحتفال به حول العالم.

ودعت الأمم المتحدة منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) إلى قيادة الاحتفال؛ إدراكاً للتاريخ العريق للشاي وأهميته الثقافية والاقتصادية حول العالم، خصوصاً أنه المشروب الأكثر استهلاكا بعد الماء.

ويُقرّ القرار 'بالحاجة المُلِحّة إلى إذكاء الوعي العام بأهمية الشاي للتنمية الريفية وسبل العيش المُستدامة، وتحسين سلسلة قيمة الشاي للمساهمة في خطة التنمية المُستدامة لعام 2030'.

أحدث إحصائيات استهلاك الشاي بين النساء

حتى الآن، لا توجد إحصائية دولية شاملة توضح استهلاك الشاي بين الرجال والنساء على مستوى العالم، إلا أن بعض الدول أجرت دراسات واستطلاعات للرأي ساهمت في تسليط الضوء على هذا الموضوع.

وفقا لصحيفة 'ذا صن' البريطانية، وبالاستناد إلى دراسة تعداد الشاي لعام 2024 التي أجرتها الهيئة الصناعية، فإن النساء تظهر ميلاً أكبر تجاه الشاي مقارنة بالرجال. حيث يعتبر حوالي 32% من النساء الشاي مشروبهن المفضل، مقابل 23% من الرجال.

وبحسب جمعية الشاي الأمريكية، يشرب 53.2% من النساء الشاي، بينما تبلغ نسبة الرجال الذين يشربونه 46.8%. كما أن شاي الأعشاب يحظى بشعبية أكبر بين النساء بنسبة 35% مقابل 25% لدى الرجال.

كما تظهر الإحصائيات أن 19% من النساء يفضلن شرب الشاي منزوع الكافيين، مقارنة بـ 15% من الرجال. أما شاي الفواكه، فتشير البيانات إلى أن حوالي ثلث النساء يشربنه، في حين تبلغ نسبة الرجال حوالي خُمس المستهلكين.

تقاليد شرب الشاي حول العالم

تختلف تقاليد شرب الشاي من بلد إلى آخر، لتكشف لنا عن تاريخ عريق وثقافات غنية تنعكس في كل طريقة تحضير وتقديم لهذا المشروب العالمي.

تقليد 'حفل الشاي' في اليابان

يُعرف حفل الشاي الياباني بـ'طريق الشاي'، وهو طقس يُمارس منذ قرون، يركز على تحضير وتقديم الشاي الأخضر ماتشا في أجواء احتفالية. هذا الحفل يحمل رمزية عميقة وقواعد آداب صارمة، حيث يُعتبر وسيلة لتنمية الوعي وتقدير اللحظة الحالية. غالبا ما يُقام في بيت شاي أو غرفة تقليدية، يقوده خبير شاي يرشد الضيوف خلال الخطوات المتقنة للطقوس.

تقليد 'شاي ما بعد الظهيرة' في بريطانيا

يرجع تقليد شاي ما بعد الظهيرة إلى أوائل القرن التاسع عشر، ويتضمن وجبة خفيفة من السندويشات وقطع السكونز، تُقدم مع الشاي أو القهوة.

نشأ هذا التقليد مع آنا، دوقة بيدفورد السابعة، التي كانت تطلب وجبة صغيرة لسد جوعها في فترة ما بعد الظهر، ثم انتشر بين الطبقات العليا ليصبح مناسبة اجتماعية شهيرة تعكس الأناقة والراحة.

تقليد 'شاي التوابل' في الهند

الشاي التوابل الهندي، المعروف أيضًا باسم شاي ماسالا، هو شاي أسود مخلوط بتوابل متنوعة مثل الزنجبيل، الهيل، القرفة، والفلفل الأسود، مع إضافة الحليب والسكر. تختلف وصفاته حسب المنطقة والشخص، ويُستهلك عدة مرات يوميًا. يُعتقد أن له فوائد صحية وطبية، ما يجعل منه مشروباً محبوباً يتجاوز مجرد كونه مجرد مشروب دافئ.

تقليد 'شاي يربا ماتي' في الأرجنتين

يربا ماتي هو شاي تقليدي من أمريكا الجنوبية، ويحظى بشعبية خاصة في الأرجنتين وأوروغواي وأجزاء من البرازيل. يُصنع من أوراق نبات Ilex paraguariensis ويُشرب من قرعة مجوفة تُسمى 'المتة' باستخدام ماصة معدنية تُعرف بـ'بومبيلا'. يتميز بمذاقه المر وتأثيره المنشط الذي يشبه القهوة، ويُعتبر رمزًا للهوية الوطنية ويُشرب في مناسبات اجتماعية.

تقليد 'شاي الساموفار' في روسيا

الساموفار أداة روسية تقليدية تُستخدم لتسخين وتخمير الشاي، وهي جرة معدنية كبيرة تُسخن بالفحم أو الكهرباء. يُعتبر شاي الساموفار رمزًا للضيافة، ويُحضّر عادة في إبريق صغير ويُسكب في أكواب تُقدم مع الحلويات والمعجنات، خاصة في فترة ما بعد الظهر والمساء.

تقليد 'حفل شاي الكونغفو' في الصين

حفل شاي الكونغفو هو طقس صيني يركز على تحضير وتقديم الشاي باستخدام أباريق وأكواب صغيرة من طين يشينغ، مع الالتزام بسلسلة من الخطوات الدقيقة مثل غسل أوراق الشاي وتسخين الأدوات وسكب الشاي بطريقة محددة. يهدف الطقس إلى استمتاع الحواس، وتعزيز السكينة والهدوء، ويُعتبر هذا الحفل فنا مميزا في الثقافة الصينية.